حكم قضائي يطالب السودان بدفع تعويضات تفجيري كينيا وتنزانيا

في الوقت الذي لم تعلق فيه وزارة الخارجية الأميركية بشكل رسمي بعد على قرار المحكمة العليا الأميركية، القاضي بدفع السودان تعويضات عقابية لضحايا الهجمات الإرهابية، التي استهدفت سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998، قالت الحكومة السودانية إنها تتطلع إلى تسوية قضايا التعويضات المالية مع الولايات المتحدة، رغم نفيها التام أي علاقة بالهجومين، أو أي هجمات إرهابية أخرى.
وقالت الحكومة السودانية في بيان صدر عن وزارة العدل إن «المحكمة العليا الأميركية أعادت فرض تعويضات عقابية عليها بمبلغ 826 مليون دولار، لكنها امتنعت عن الإشارة إلى صحة بقية التعويضات العقابية، البالغ قيمتها 3.5 مليار دولار، لأنها فرضت بناء على قانون الولاية وليس الفيدرالي».
وكانت المحكمة العليا الأميركية قد حكمت في حكم قابل للاستئناف بإجماع ثمانية من قضاتها التسعة، حيث لم يشارك القاضي بريت كافانا في القضية، بأن يدفع السودان ما يصل إلى 4.3 مليار دولار كتعويضات عقابية لضحايا الهجمات الإرهابية، التي استهدفت سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا صيف عام 1998.
وقتل في الهجمات التي نفذها عناصر في «تنظيم القاعدة»، 224 شخصا بينهم 12 أميركيا وأصيب الآلاف بجروح. واعتبارا من عام 2001، بدأ العديد من الضحايا وعائلاتهم مقاضاة السودان أمام المحاكم الفيدرالية الأميركية، بتهمة مساعدة التنظيم الإرهابي في تنفيذ التفجيرات.
وبعد محاكمة لم يشارك فيها السودان، وجد القاضي الفيدرالي في العاصمة واشنطن، جون دي بيتس، في عام 2011 أن السودان قدم مساعدة حاسمة لـ«تنظيم القاعدة» وزعيمه أسامة بن لادن. وكانت محكمة الاستئناف في دائرة كولومبيا بالعاصمة واشنطن قد أصدرت عام 2017 قرارا أعفى السودان من دفع تعويضات تأديبية مقررة، بخلاف 6 مليارات تعويضات أخرى. وقالت إن التعديل الذي جرى عام 2008 على قانون اتحادي يعرف باسم «قانون الحصانات السيادية الأجنبية»، والذي يسمح بالتعويضات التأديبية، تم بعد وقوع التفجيرات ولا يمكن تطبيقه بأثر رجعي. وبعدها رفعت القضية أمام المحكمة العليا الأميركية للوقوف على رأيها في هذا التعديل، ليصدر حكمها أول من أمس لمصلحة ضحايا التفجيرات، مسقطا قرار محكمة الاستئناف. وقال القاضي نيل غورسيتش: «بالنسبة للدعاوى المقدمة بموجبي القانون الاتحادي، كان الكونغرس واضحا قدر الإمكان عندما سمح للمدعين بالسعي للحصول على تعويضات تأديبية عن سلوك الماضي».
كما أمرت المحكمة العليا دائرة واشنطن بإعادة النظر في قرارها، بأن المدعين الأجانب، الذين رفعوا دعاوى قضائية ضد السودان بموجب قانون الولاية لا يمكنهم أيضا المطالبة بتعويضات تأديبية.
وبدءا من عام 2001 رفعت مجموعة من المدعين دعاوى قضائية في محكمة اتحادية في واشنطن بموجب قانون الحصانات السيادية الأجنبية لعام 1976، الذي يحظر بشكل عام الدعاوى ضد الدول الأجنبية، باستثناء تلك التي صنفتها الولايات المتحدة كدول راعية للإرهاب، من بينها السودان عام 1993. وقرر قاض اتحادي أن السودان مسؤول، ومنح المدعين 10.2 مليار دولار، منها 4.3 مليار كتعويضات تأديبية.
وتشمل الدعوى القضائية 567 شخصا، معظمهم من غير الأميركيين، كانوا موظفين في سفارات الولايات المتحدة وأقاربهم. وتم إثبات الأضرار بشكل افتراضي، لأنه في معظم الدعاوى لم يمثل السودان أمام المحكمة الأدنى درجة للدفاع عن نفسه في مواجهة مزاعم تقديمه الدعم لـ«تنظيم القاعدة».
وأكد بيان وزارة العدل السودانية أن الحكومة «إذ تتطلع إلى متابعة الإجراءات القضائية القادمة في هذه الدعاوى، تود أن تؤكد أنها ستظل منخرطة في التفاوض مع الولايات المتحدة لتسوية هذه القضايا، وتطبيع العلاقات معها بشكل كامل، وتحرير الشعب السوداني من إحدى التركات الثقيلة للنظام البائد». وأضاف البيان «تعبر حكومة السودان عن تعاطفها الثابت مع ضحايا العمليتين الإرهابيتين على سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام، لكنها تؤكد مجددا أنه لا علاقة لها بهما، أو بأي أعمال إرهابية أخرى». واستطرد البيان «لذلك فإن بقية التعويضات العقابية البالغة 3.5 مليار دولار لا تزال خاضعة للتقاضي أمام محكمة الاستئناف بين السودان والمدعين».
ويواجه السودان أزمة اقتصادية متفاقمة منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019، وحثت إدارة الرئيس ترمب القضاة على الوقوف إلى جانب المدعين.
وتتهم الولايات المتحدة نظام البشير بدعم الإرهاب، وهو السبب في أن السودان لا يزال في القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب منذ تسعينات القرن الماضي. وفي محاولة لشطب السودان من القائمة، تبذل الحكومة الحالية، بقيادة عبد الله حمدوك، جهودا حثيثة لإنجاز ذلك، من بينها التوصل مع واشنطن إلى اتفاق بشأن الهجوم الذي نفذه «تنظيم القاعدة» ضد المدمرة الأميركية «يو إس إس كول» في اليمن عام 2000.