«حرب السايبر» بين طهران وتل أبيب تتصاعد

الحرب الإلكترونية تصاعدت بين إيران وإسرائيل بشكل كبير مؤخراً (رويترز)
الحرب الإلكترونية تصاعدت بين إيران وإسرائيل بشكل كبير مؤخراً (رويترز)
TT

«حرب السايبر» بين طهران وتل أبيب تتصاعد

الحرب الإلكترونية تصاعدت بين إيران وإسرائيل بشكل كبير مؤخراً (رويترز)
الحرب الإلكترونية تصاعدت بين إيران وإسرائيل بشكل كبير مؤخراً (رويترز)

بعد الجولة الأخيرة من الحرب الإلكترونية (السايبر) بين تل أبيب وطهران، التي بدأت بهجوم نسب إلى إيران على منشآت المياه الإسرائيلية، وأعقبه رد إسرائيلي على الموانئ الإيرانية، ذكرت مصادر في تل أبيب أن قادة أجهزة الأمن الإسرائيلية رفعوا حالة التأهب في كثير من المنشآت الحساسة والبنى التحتية الوطنية.
وعدّت هذه المصادر تصعيد الحرب «مسألة كبرى»، وقالت إن «إيران، بعد نجاحها في الوصول إلى المنشآت المائية الكبرى، تطمع في توجيه ضربة كبرى أخرى، خصوصاً بعد تلقيها الضربة في ميناء (الشهيد رجائي) في الخليج».
وكانت مصلحة المياه في إسرائيل قد اعترفت بأنها تعرضت لهجوم «سايبر» في 24 أبريل (نيسان) الماضي، ولمدة يومين، شمل 6 منشآت في آن معاً، تمتد على طول البلاد من رأس الناقورة وحتى أسدود.
وأكدت مصادر أمنية في تل أبيب أن هذه المحاولات لم تتمكن من تشويش عملية تزويد المياه بشكل منتظم. ولكنها استطاعت أن تحدث اختراقاً خطراً، ليس فقط في إسرائيل؛ بل أيضا في الولايات المتحدة، حيث إن اختراق كومبيوترات منشآت المياه الإسرائيلية جرى عبر مخازن الأعصاب المركزية التي تستند إليها في الولايات المتحدة.
وقال أريك بربينغ، الرئيس السابق لشعبة جمع المعلومات الاستخبارية والسايبر في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، إن «الهجمات الإيرانية على منشآت المياه الإسرائيلية، حدث أمني بنيوي خطير وحساس، قد تكون له تداعيات عالمية واسعة. من الممكن، في نظرة إلى الوراء، حتى اعتباره طلقة أولى لحرب عالمية من نوع جديد، ولا أقل من ذلك».
وانتقد بربينغ نص البيان المقتضب الذي نشرته منظومة السايبر الإسرائيلية حول الموضوع، وعدّه محاولة تقزيم. وأضاف: «صحيح ومهم أنه لم يكن هناك أي ضرر في تزويد المياه وقد استمر العمل بها وبإدارتها بشكل منتظم».
وكشفت صحيفة «واشنطن بوست»، مساء أمس، عن أن إسرائيل ردت على ذلك الهجوم الإيراني، بهجوم إلكتروني أكبر وأقسى، استهدف أجهزة كومبيوتر في ميناء «الشهيد رجائي»، في بندر عباس، وهو ما تسبب في ارتباك الحركة عبر الممرات المائية والطرق المؤدية إلى الميناء وأدى إلى تعطيل عمل الميناء الاستراتيجي في مضيق هرمز، وتسبب في شلل الكومبيوترات المسؤولة عن الملاحة في المنطقة وخروجها عن الخدمة. وأضافت مصادر إسرائيلية أن الأقمار الصناعية التقطت صور ازدحام مرور غير مألوفة في هذا الميناء.
ومع أن المدير العام لمنظمة الموانئ والملاحة البحرية الإيرانية، محمد راستاد، قال لوكالة أنباء «إيلنا» الإيرانية إن الهجوم الإلكتروني لم يخترق أجهزة الكومبيوتر الخاصة بالميناء واستطاع فقط التسلل إلى عدد من أنظمة التشغيل الخاصة وتدميرها، إلا إن مسؤولاً أمنياً حكومياً في المنطقة أكد أنه كان «هجوماً عالي الدقة»، وإن الأضرار التي لحقت بالميناء الإيراني كانت أكثر خطورة مما وصفته الروايات الإيرانية.
وكتب الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية والرئيس الحالي في «معهد أبحاث الأمن القومي» في تل أبيب، عاموس يدلين، في حسابه على «تويتر»، أنه «إذا كانت إسرائيل هي التي نفذت الهجوم على الميناء، فإنها توضح بذلك أنه يجدر إبقاء المنظومات المدنية خارج مجال القتال».
ورغم أن الجهات الرسمية في إسرائيل لم تعلق على تقرير الصحيفة الأميركية، فإن مصادر أمنية أوضحت أن «وحدات دفاعية مضادة لهجمات سايبر في الجيش الإسرائيلي وهيئة السايبر القومية، رفعت مستوى التأهب والجهوزية لاحتمال التعرض لهجمات سيبرانية إيرانية. وجهات متعددة في مجال الدفاع السيبراني طولبت بإصدار تعليمات احتياطية مشددة للعاملين في المجالات المحوسبة بعدم فتح بيانات أو إنزال ملفات مرسلة من جهات ليست معروفة، أو أن مصداقيتهم ستكون محل شك. وتم التشديد بشكل خاص على عدم التعامل مع بيانات ورسائل إلكترونية متعلقة بموضوع فيروس (كورونا)، خشية استخدامها ذريعة لهجوم إلكتروني. كما طولب العاملون بعدم الإفصاح عن معلومات شخصية؛ كلمات سر أو تفاصيل حسابات لمصادر ليست مخولة أو غير معروفة، وإنزال التطبيقات فقط من مصادر معروفة، وحتى هذه، فبحذر شديد».
وقال أريك بربينغ: «هجوم السايبر الإيراني على منشآت المياه الإسرائيلية يجب أن يفتح العيون جيداً. فقد أثبتوا أنهم قادرون على الوصول ومهاجمة أنظمة التشغيل المحوسبة لأنظمة بنى تحتية أخرى. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي تعطيل الشارات الضوئية، عن بعد، إلى تصادم مركبات أو قطارات، ناهيك بحوادث يمكن أن تقع في المطارات، ونظرياً، يمكنهم تشويش الإنتاج في المصانع الكيميائية وبالتالي إلحاق كارثة بيئية، أو تعطيل نشاط المرافق الحيوية في المستشفيات وتشكيل خطر مباشر على المرضى. لقد تحدث مدير (مستشفى هداسا عين كارم)، البروفسور يورام فايس، عن ذلك قبل أيام عدة فقط. ويوم الخميس تم النشر، بالفعل، حول هجوم سايبري على مستشفى في التشيك».
وأضاف مشدداً أن «هذا ضوء أحمر، وليس فقط ومضات أضواء تحذير، يمكن أن يدل على بداية حقبة جديدة في حرب بين إيران وإسرائيل، التي يمكن التعبير عنها، أيضاً، على نطاق عالمي، إذا هاجمت إيران أهدافاً، أيضاً، في الولايات المتحدة أو أماكن أخرى».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».