أماني فؤاد ترصد ثورة الروائيين الجدد في «الرواية وتحرير المجتمع»

4 أبحاث تتناول 17 رواية معاصرة ضمن سلسلة «رؤى نقدية»

غلاف «الرواية وتحرير المجتمع»
غلاف «الرواية وتحرير المجتمع»
TT

أماني فؤاد ترصد ثورة الروائيين الجدد في «الرواية وتحرير المجتمع»

غلاف «الرواية وتحرير المجتمع»
غلاف «الرواية وتحرير المجتمع»

صدر عن الدار المصرية اللبنانية، كتاب «الرواية وتحرير المجتمع»، للناقدة الدكتورة أماني فؤاد، ضمن سلسلة تحمل عنوان «رؤى نقدية». يرصد الكتاب ثورة الروائيين الجدد في تناولهم المغاير للوجود، فنيا وفكريا، في عالم الإبداع الروائي، ويُعتبر دراسة رصينة لمجموعة تقنيات جديدة، تجلّت في الكتابات والنصوص الروائية في العِقدين الأول والثاني من القرن الـ21.
يقع الكتاب في 392 صفحة، وقدم له الناقد الدكتور صلاح فضل، تحت عنوان دال هو: «التقنية ثورة تحرّر.. في الرواية المصرية الحديثة». وتشير المؤلفة إلى ظاهرة «الثورة تقنية ورؤية»، من خلال الروائيين الجدد الذين يعبرون عن رؤاهم الجديدة في إطار غير نمطي، يتحرى عالما أكثر تعبيرا عن توق الإنسان للحرية، وإثارة الأسئلة الوجودية التي تشتبك مع الواقع، عبر «مناوشة» يلتقطها كل مبدع بطريقته الفردية وتقنياته الفنية الخاصة، التي قد تتسم بالتجريد والتشظي، أو الفانتازيا والعدمية، أو الغرابة ودرجات من شعرية السرد الذي يتوق للمغايرة، أو لعبة جديدة مع التاريخ واللغة، أو رصد العيش في وطأة العالم الافتراضي.
وتتلمس المؤلفة المساحات المشتركة بين التقنيات التقليدية والجديدة: «أتحسس الإضافة بطبيعتها المتحركة والقلقة، المتوترة بتركيباتها المتشابكة وهندستها على نحو مختلف، بنحتهم لمحيط أكثر اتساعا، طلبا لحرية الحركة فيه، ومد أبعاد التقنية أفقيا ورأسيا، ودفعها لخلق فكرها الكامن بخلايا تكونها، من المفترض أنه عندئذ تصبح التقنية أكثر تعقيدا (وعصية) على المتلقي، لكنها تدفعه إلى المشاركة في العملية الإبداعية».
وترصد المؤلفة نوعا من التيبس الذي شعر به شباب مبدعي الرواية في الإنتاج السابق عليهم، مفسرة ظهور المشهد الروائي الحالي الذي يحمل ما يحقق سيولة دفع دماء متجددة، تعددا متحركا ومتنوعا يغاير السابق، لكن لا ينخلع عنه أو يقوم بهدمه وتقويضه، مؤكدة أن للفن ثوراته الخاصة، وأن الجديد يفسح لنفسه مكانا، يتجاور مع القديم، لكنه ما يلبث أن يهز استقراره السابق.
قسمت المؤلفة كتابها إلى 4 بحوث، تناولت خلالها 17 رواية مصرية معاصرة لـ12 كاتبا، وافتتحت كل بحث بمدخل كاشف، فكان البحث الأول «التقنية وسؤال الدين»، وتناول 4 روايات، هي «إنجيل آدم» لمحمد علاء الدين، و«كتاب النحات» لأحمد عبد اللطيف، و«ضريح أبي» لطارق إمام، و«صيّاد الملائكة» لهيدرا جرجس، وحاولت فيه الوقوف على تجليات الخطاب الديني في الرواية المعاصرة.
وحمل البحث الثاني عنوان «التقنية وسؤال الواقع الافتراضي والفانتازيا»، وتناولت فيه 5 روايات، هي: «كلب بلدي مدرب» لمحمد علاء الدين، و«في كل أسبوع يوم جمعة» لإبراهيم عبد المجيد، و«صانع المفاتيح»، و«عالم المندل» لأحمد عبد اللطيف، و«روح محبات» لفؤاد قنديل، وهنا حاولت رصد توظيف الواقع الافتراضي داخل بنية السرد وعلاقة الإنسان بالإنترنت بوصفه عالما موازيا غير مرئي، أو اللجوء إلى الطابع الفانتازي مجالا لإفصاح بنية التقنية عن ممارستها في نص روائي مفارق للواقع محاولة للانفلات والتشظي المدروس، والموجه بعمق وخبرة ذهنية ونفسية لصعوبة القبض على ذات كاتبها، وصعوبة إملاء اعتراف على روح المبدع بالركون إلى التسليم والاعتراف بصلابة الواقع وعدم القدرة على تفتيته.
أما البحث الثالث: «التقنية الروائية وسؤال التاريخ»، فشمل 4 روايات، هي «الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس» لطارق إمام، و«باب الخروج» لعز الدين شكري، و«تلك الأيام» لفتحي غانم، و«مطر على بغداد» لهالة البدري، رصدت فيه المؤلفة قدرة الروائيين الجدد على تثوير الراكد، وأحيانا تحريف المسطور بفعل المادية التاريخية، أو إعادة توجيهه أو قراءته فرديّا، بما يعبر عن طموحه الوجودي وتطلعاته الإنسانية المشروعة.
بينما جاء البحث الرابع والأخير، بعنوان: «التقنية الروائية وسؤال اللغة والسرد»، وتناولت فيه 4 روايات، هي «إلياس» لأحمد عبد اللطيف، و«تانغو وموال» لمي خالد، و«سيرتها الأولى» لمحمود عبد الوهاب، و«هكذا يعبثون» لأمينة زيدان، حيث درست وحللت اللغة باعتبارها مادة الرواية وحاضنة الوجود، إذ من خلال اللغة تفصح التقنية الروائية عن تشكلها ودراميتها، ويعبر الروائي عن رؤيته، ويتحقق الجدل التذوقي بين المؤلف والمتلقي داخل بنية السرد الروائي وتقنياته.



مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي
TT

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

في عددها الجديد، نشرت مجلة «القافلة» الثقافية، التي تصدرها شركة «أرامكو السعودية»، مجموعة من الموضوعات الثقافية والعلمية، تناولت مفهوم الثقافة بالتساؤل عن معناها ومغزاها في ظل متغيرات عصر العولمة، وعرّجت على الدور الذي تضطلع به وزارة الثقافة السعودية في تفعيل المعاني الإيجابية التي تتصل بهذا المفهوم، منها إبراز الهويَّة والتواصل مع الآخر.

كما أثارت المجلة في العدد الجديد لشهري نوفمبر (تشرين الثاني)، وديسمبر (كانون الأول) 2024 (العدد 707)، نقاشاً يرصد آفاق تطور النقل العام في الحواضر الكُبرى، في ضوء الاستعدادات التي تعيشها العاصمة السعودية لاستقبال مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام في الرياض».

وفي زاوية «بداية كلام» استطلعت المجلة موضوع «القراءة العميقة» وتراجعها في العصر الرقمي، باستضافة عدد من المشاركين ضمن النسخة التاسعة من مسابقة «اقرأ» السنوية، التي اختتمها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي السياق نفسه، تطرّق عبد الله الحواس في زاوية «قول في مقال» إلى الحديث عن هذه «المسابقة الكشافة»، التي تستمد حضورها من أهمية القراءة وأثرها في حياتنا.

في باب «أدب وفنون»، قدَّم قيس عبد اللطيف قراءة حول عدد من أفلام السينما السعودية لمخرجين شباب من المنطقة الشرقية من المملكة، مسلطاً الضوء على ما تتناوله من هموم الحياة اليومية؛ إذ يأتي ذلك بالتزامن مع الموسم الخامس لـ«الشرقية تُبدع»، مبادرة الشراكة المجتمعية التي تحتفي بـ«الإبداع من عمق الشرقية».

وفي «رأي ثقافي»، أوضح أستاذ السرديات وعضو جائزة «القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً»، د. حسن النعمي، دور الجائزة في صناعة مشهد مختلف، بينما حلَّ الشاعر عبد الله العنزي، والخطّاط حسن آل رضوان في ضيافة زاويتي «شعر» و«فرشاة وإزميل»، وتناول أحمد عبد اللطيف عالم «ما بعد الرواية» في الأدب الإسباني، بينما استذكر عبد السلام بنعبد العالي الدور الأكاديمي البارز للروائي والفيلسوف المغربي محمد عزيز الحبابي. أما علي فايع فكتب عن «المبدع الميّت في قبضة الأحياء»، متسائلاً بصوت مسموع عن مصير النتاج الأدبي بعد أن يرحل صاحبه عن عالم الضوء.

في باب «علوم وتكنولوجيا»، تناولت د. يمنى كفوري «تقنيات التحرير الجيني العلاجية»، وما تعِد به من إمكانية إحداث ثورة في رعاية المرضى، رغم ما تنطوي عليه أيضاً من تحديات أخلاقية وتنظيمية. وعن عالم الذرَّة، كتب د. محمد هويدي مستكشفاً تقنيات «مسرِّعات الجسيمات»، التي تستكمل بالفيزياء استكشاف ما بدأته الفلسفة.

كما تناول مازن عبد العزيز «أفكاراً خارجة عن المألوف يجمح إليها خيال الأوساط العلمية»، منها مشروع حجب الشمس الذي يسعى إلى إيجاد حل يعالج ظاهرة الاحتباس الحراري. أما غسّان مراد فعقد مقارنة بين ظاهرة انتقال الأفكار عبر «الميمات» الرقمية، وطريقة انتقال الصفات الوراثية عبر الجينات.

في باب «آفاق»، كتب عبد الرحمن الصايل عن دور المواسم الرياضية الكُبرى في الدفع باتجاه إعادة هندسة المدن وتطويرها، متأملاً الدروس المستفادة من ضوء تجارب عالمية في هذا المضمار. ويأخذنا مصلح جميل عبر «عين وعدسة» في جولة تستطلع معالم مدينة موسكو بين موسمي الشتاء والصيف. ويعود محمد الصالح وفريق «القافلة» إلى «الطبيعة»، لتسليط الضوء على أهمية الخدمات البيئية التي يقدِّمها إليها التنوع الحيوي. كما تناقش هند السليمان «المقاهي»، في ظل ما تأخذه من زخم ثقافي يحوِّلها إلى مساحات نابضة بالحياة في المملكة.

ومع اقتراب الموعد المرتقب لافتتاح قطار الأنفاق لمدينة الرياض ضمن مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام»، ناقشت «قضية العدد» موضوع النقل العام، إذ تناول د. عبد العزيز بن أحمد حنش وفريق التحرير الضرورات العصرية التي جعلت من النقل العام حاجة ملحة لا غنى عنها في الحواضر الكبرى والمدن العصرية؛ فيما فصَّل بيتر هاريغان الحديث عن شبكة النقل العام الجديدة في الرياض وارتباطها بمفهوم «التطوير الحضري الموجّه بالنقل».

وتناول «ملف العدد» موضوعاً عن «المركب»، وفيه تستطلع مهى قمر الدين ما يتسع له المجال من أوجه هذا الإبداع الإنساني الذي استمر أكثر من ستة آلاف سنة في تطوير وسائل ركوب البحر. وتتوقف بشكل خاص أمام المراكب الشراعية في الخليج العربي التي ميَّزت هذه المنطقة من العالم، وتحوَّلت إلى رمز من رموزها وإرثها الحضاري.