المغرب يمدد «الطوارئ» 3 أسابيع... ورفع الحجر بالتدرج

العثماني يعلن عن إعداد موازنة تعديلية في الأيام المقبلة

رئيس الحكومة المغربية كشف عن ظهور 467 بؤرة وبائية منذ تفشي الفيروس (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة المغربية كشف عن ظهور 467 بؤرة وبائية منذ تفشي الفيروس (إ.ب.أ)
TT

المغرب يمدد «الطوارئ» 3 أسابيع... ورفع الحجر بالتدرج

رئيس الحكومة المغربية كشف عن ظهور 467 بؤرة وبائية منذ تفشي الفيروس (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة المغربية كشف عن ظهور 467 بؤرة وبائية منذ تفشي الفيروس (إ.ب.أ)

أعلن سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، أمس، أنه تقرر تمديد حالة الطوارئ الصحية والحجر الصحي في المغرب 3 أسابيع أخرى، حتى 10 يونيو (حزيران) المقبل، وأن الحكومة ستصادق في اجتماع سيعقد اليوم على مرسوم تمديد الطوارئ الصحية.
وعزا العثماني هذا القرار إلى أن الوضعية الوبائية في البلاد «مستقرة، ولكنها غير مطمئنة بالكامل»، مشيراً إلى أن معدل تكاثر الفيروس ما زال مرتفعاً، فضلاً عن بروز عدد من البؤر الوبائية، والتراخي في الالتزام بالحجر الصحي.
وأكد العثماني، خلال جلسة عامة مشتركة بين مجلسي البرلمان، خصصت لتدابير ما بعد رفع الحجر الصحي، أن قرار تمديد حالة الطوارئ اتخذ بعد مشاورات مع القطاعات الوزارية والخبراء، وتقرر عدم «المجازفة بالمكتسبات».
وكشف العثماني أن 467 بؤرة وبائية ظهرت منذ تفشي الفيروس، وعدّها أمراً مقلقاً، وقال إن نصف هذه البؤر عائلية، ظهرت في أفراح أو جنائز، وخمسها في بؤر صناعية، وإنه ما زال هناك 29 بؤرة لم تتجاوز مرحلة المراقبة، ما يدل على «جدية الموقف وصعوبته»، ولا سيما مع اقتراب عيد الفطر. وأوضح العثماني أن «الخروج من الحجر أصعب من الدخول فيه، لما فيه من تعقيدات صحية واقتصادية واجتماعية». فالحجر الصحي - يضيف رئيس الحكومة - وإن كان صعباً وفيه مشقة، فقد «مكّن بلادنا من تحقيق مكاسب كبيرة، منها التحكم في وتيرة انتشار الوباء، والحيلولة دون استنزاف القدرات الصحية والطبية».
وذكّر العثماني خلال الجلسة بالإجراءات الاحترازية التي اتخذها المغرب منذ ظهور الوباء، وقال إنها «جنّبت البلاد الأسوأ، إذ ما زلنا في المرحلة الثانية من الوباء، بينما انتقلت بلدان أخرى بسرعة إلى المرحلة الثالثة».
ولفت إلى أن نسبة الفتك والتعافي تعرف تطوراً إيجابياً ملموساً. كما ساهمت الإجراءات الاحترازية من تقليص سرعة انتشار الفيروس بـ80 في المائة، وجنّبت من 300 إلى 500 ألف إصابة جديدة، وما بين 9 آلاف و15 ألف وفاة، أي بمعدل 200 وفاة يومياً، و«هي أرقام يشعر بها من فقدوا ذويهم».
وأشار العثماني إلى أن الحكومة تتعامل مع الوضع الاستثنائي بمقاربة شمولية، ولا سيما أن الجائحة لها تأثيرات اقتصادية وصحية واجتماعية وثقافية، وأنها اعتمدت نظاماً للحكامة والاستباقية والشفافية في التواصل بخصوص الحالة الوبائية والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية، مشيراً إلى أن المغرب تمكن من رفع كفاءة المنظومة الصحية بفضل صندوق مكافحة فيروس كورونا، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الكمامات، وفي أدوات التعقيم في أسابيع معدودة، وتصنيع عدد من المعدات الطبية محلياً، فضلاً عن تقوية روح التضامن بين المواطنين.
وقال العثماني إن لدى الحكومة استراتيجية واضحة لتخفيف الحجر الصحي بتدابير قطاعية وعامة مضبوطة، وإن الاستعدادات انطلقت، وسيشرع في تنفيذها بمجرد استقرار الوضعية الوبائية. ولفت إلى أن تقارير الخبراء تشير إلى أن أي تخفيف للحجر الصحي يستلزم توفر 4 شروط، هي أولاً قدرة المنظومة الصحية على استيعاب ارتفاع حالات الإصابات الناتجة عن تخفيف الحجر الصحي، والقدرة على إجراء الاختبارات السريعة والموسعة.
وذكر العثماني، في هذا الصدد، أنه سيجري «فتح مختبرات جديدة وفق ضوابط صارمة، حتى نصل إلى 10 آلاف اختبار يومياً».
أما الشرط الثالث - يضيف العثماني - فهو القدرة على تتبع المخالطين بوتيرة سريعة، والتكفل بهم قبل ظهور الأعراض عليهم. لافتاً إلى التطبيق المعلوماتي «وقايتنا» الذي شرع في اعتماده لهذا الغرض. أما الشرط الرابع فيكمن في التوفر على مخزون كافٍ للمعدات الطبية لمواجهة أي طوارئ ممكنة، مشيراً إلى أن الحكومة بصدد توفير كل هذه الشروط. وحذّر من الأحكام التي تصدر عن غير المتخصصين والتشكيك في المؤسسات الصحية، مذكراً بخبرته كطبيب منذ عام 1984.
من جهة أخرى، نبّه العثماني إلى أن رفع الحجر الصحي سيتم بالتدرج، وتبعاً للتباين بين المناطق. وقال إن 4 مناطق تعرف وضعية مقلقة من حيث انتشار الفيروس، وأي تخفيف مستقبلي للحجر لا يعني التنصل من الإجراءات الاحترازية، كما أن استئناف أي نشاط تجاري مشروط باحترام هذه الإجراءات.
وبخصوص الدعم المالي التي تقدمه الحكومة، أعلن العثماني عن إطلاق منصة خاصة لتلقي شكاوى المواطنين الذين لم يتوصلوا إلى هذا الدعم من الدولة، وتعهد بالرد عليها، وقال إن الحكومة ستعمل على الإسراع بتنزيل السجل الاجتماعي الموحد من أجل تطوير آليات الدعم المالي للفقراء.
واستعرض خلال الجلسة أيضاً التدابير التي ستتخذها الحكومة من أجل إنعاش الاقتصاد في المرحلة المقبلة.
على صعيد ذي صلة، أعلن العثماني أنه سيتم في الأيام المقبلة إعداد مشروع قانون مالية (موازنة) تعديلي. وقال إنه «نظراً للمتغيرات المرتبطة بالظرفية الاقتصادية والدولية نتيجة أزمة (كوفيد 19) ولتأثيرها على مختلف الفرضيات التي أطرت إعداد قانون مالية 2020. سنعد في الأيام المقبلة مشروع قانون مالية تعديلياً، سيكون مرتكزاً لتفعيل خطة إنعاش الاقتصاد الوطني».
وأوضح رئيس الحكومة، في هذا السياق، أن قانون المالية التعديلي يستلزم وضوحاً في الفرضيات التي سيبنى عليها عالمياً ووطنياً، ويأخذ بعين الاعتبار توقعات تراجع معدل النمو، إلى جانب آثار الجفاف، وانخفاض الإيرادات الضريبية، مضيفاً أنه من المنتظر أن تحدد توجهاته العامة، قصد عرضها على المجلس الوزاري، قبل أن يعرض المشروع على المجلس الحكومي، ثم يحال على البرلمان. كما ينتظر - يضيف المسؤول الحكومي - أن يكرس هذا المشروع أولويات من قبيل التعليم والبحث العلمي والصحة والتشغيل والحماية الاجتماعية، وأن يركز كذلك على التحول الرقمي بوصفه رافعة للتنمية.
وإدراكاً منها بأهمية الإجراءات الاستباقية لما بعد الأزمة، قال العثماني إن الحكومة تعمل على وضع خطة طموحة لإنعاش الاقتصاد الوطني، وهي خطة ستشكل رافعة مهمة من أجل تسريع استئناف النشاط الاقتصادي المغربي، وتعزيز قدرته على استشراف معالم ما بعد أزمة كورونا التي تلوح في الأفق.
وأبرز العثماني أنه سيكون من بين التحديات الرئيسية، في هذا الصدد، التفكير في الآليات التي سيتم تعبئتها لضمان توفير التمويلات اللازمة للمقاولات، وخصوصاً المقاولات الصغرى والمتوسطة، من أجل استئناف أنشطتها، كما يستوجب الأمر التفكير في كيفية استخدام الطلبيات العمومية كوسيلة لإنعاش الاقتصاد الوطني، وذلك من خلال مراجعة أساليبها وأولوياتها، من أجل دعم الإنتاج والاستهلاك المحليين.
وأكد العثماني على ضرورة مضاعفة الجهود لحل بعض الإشكاليات الهيكلية التي أكدت الأزمة على أهمية واستعجالية معالجتها، كإشكاليات القطاع غير المهيكل والحماية الاجتماعية.
أما على المستوى الدولي، يضيف رئيس الحكومة، فسيتحتم على المغرب أن يتكيف مع التشكيل الجديد لسلاسل القيمة العالمية، من خلال جذب استثمارات دولية، على نطاق واسع، والتي هي بصدد البحث عن مراكز إنتاج جديدة، بالقرب من الأسواق الأوروبية والأفريقية.



«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.


العليمي يُحذّر من تقويض وحدة القرار السيادي للدولة

جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
TT

العليمي يُحذّر من تقويض وحدة القرار السيادي للدولة

جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)

حذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، من أن أي إجراءات أحادية أو صراعات جانبية داخل المناطق المحررة من شأنها أن تقوّض وحدة القرار السيادي للدولة، وتمنح الجماعة الحوثية المدعومة من إيران فرصة لمراكمة المكاسب على حساب الاستقرار الوطني.

وجاءت تصريحات رئيس مجلس القيادة اليمني قبل مغادرته العاصمة المؤقتة عدن، الجمعة، متوجهاً إلى السعودية لإجراء مشاورات رفيعة مع شركاء إقليميين ودوليين، في ظل تطورات حساسة تشهدها المحافظات الشرقية، وعلى رأسها حضرموت.

وأكّد العليمي في تصريحات رسمية التزام المجلس والحكومة بنهج الشراكة الوطنية، والمسؤولية الجماعية في استكمال مهام المرحلة الانتقالية، بموجب مرجعياتها المتفق عليها، وفي المقدمة إعلان نقل السلطة، واتفاق الرياض.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

كما أكّد مسؤولية الدولة وحدها عن حماية مؤسساتها الوطنية، وصون مصالح المواطنين، والحفاظ على وحدة القرار السيادي، ورفض أي إجراءات أحادية من شأنها منازعة الحكومة، والسلطات المحلية صلاحياتها الحصرية، والإضرار بالأمن والاستقرار، وتعميق المعاناة الإنسانية، أو تقويض فرص التعافي الاقتصادي، والثقة المتنامية مع المجتمع الدولي.

وقال رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني: «إن معركة استعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية، وتنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية، ستظل في صدارة الأولويات الوطنية». وحذّر من أن أي انشغال بصراعات جانبية، لا يخدم سوى المشروع الإيراني، وأدواته التخريبية، ومضاعفة معاناة اليمنيين، وفق ما نقلته عنه وكالة «سبأ» الرسمية.

تغليب مصلحة حضرموت

وأشاد العليمي في تصريحاته بجهود السعودية التي قادت إلى التوصل لاتفاق التهدئة الأخير في محافظة حضرموت (شرق)، مؤكداً أهمية الالتزام الكامل ببنود الاتفاق، والبناء على هذه الجهود الحميدة، وتغليب مصلحة حضرموت وأبنائها، بوصفها ركيزة أساسية للاستقرار في اليمن، والمنطقة.

كما جدد دعمه الكامل لقيادة السلطة المحلية والشخصيات والوجاهات القبلية في قيادة مساعي الوساطة، والتسريع بإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها، وتمكين أبناء حضرموت من إدارة شؤونهم المحلية، إنفاذاً لتعهدات مجلس القيادة، وخطته لتطبيع الأوضاع في المحافظة.

مظاهرة في صنعاء حيث العاصمة اليمنية المختطفة دعا إليها زعيم الجماعة الحوثية (أ.ب)

ووجّه العليمي في هذا السياق، قيادة السلطة المحلية في محافظة حضرموت، والجهات المعنية في الحكومة بتشكيل لجنة تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، والأضرار التي طالت المواطنين، والممتلكات العامة والخاصة، خصوصاً في مديريات الوادي والصحراء، واتخاذ ما يلزم لجبر الضرر، وعدم إفلات المتورطين من العقاب.

كما دعا رئيس مجلس القيادة اليمني جميع المكونات الوطنية إلى نبذ الخلافات، والتحلي بأعلى درجات المسؤولية، وتوحيد الصف في مواجهة التحديات، وإسناد الحكومة للوفاء بالتزاماتها الحتمية، وجعل مصلحة المواطنين، وكرامتهم الإنسانية، فوق كل اعتبار.


تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
TT

تصعيد جديد بين مصر وإسرائيل «لن يصل إلى صدام»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

عدَّت مصر التصريحات الإسرائيلية الأخيرة عن فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني لخروج سكان قطاع غزة فقط، دون الدخول، عودة لمخطط التهجير المرفوض لديها.

ووسط صخب الانتقادات المصرية الحادة لإسرائيل، أفادت تقارير عبرية بحدوث تأهب إسرائيلي على الحدود مع سيناء، وهو ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، «تصعيداً إسرائيلياً جديداً وفقاعة إعلامية بلا أي صدى».

وذكرت قناة «آي نيوز 24» الإسرائيلية، الخميس، أن خلافاً دبلوماسياً حاداً اندلع بين إسرائيل ومصر بعد إعلان الأولى نيتها فتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة لإخراج الفلسطينيين من غزة باتجاه مصر.

وأضافت أن الموقف المصري الذي نفى ذلك أثار ردود فعل حادة في الأوساط الإسرائيلية، حيث علّق مصدر إسرائيلي بلهجة غير معتادة قائلاً: «إسرائيل ستفتح المعابر لخروج الغزيين. إذا لم يرغب المصريون باستقبالهم فهذه مشكلتهم». وقال مصدر أمني إسرائيلي: «رغم بيان المصريين، تستعد إسرائيل لفتح المعبر كما خطط له».

شاحنة بترول مصرية في طريقها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)

واندلعت شرارة التصعيد الجديد بعد أن قال مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في بيان، الأربعاء: «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وبتوجيه من المستوى السياسي، سيفتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

وعلى الفور، نقلت هيئة الاستعلامات المصرية عن مصدر مصري مسؤول نفيه ذلك، مؤكداً أنه «إذا تم التوافق على فتح معبر رفح، فسيكون العبور منه في الاتجاهين للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام».

وقالت مصادر مصرية لقناة «القاهرة الإخبارية» إن مصر تؤكد التزامها بمقررات اتفاق وقف إطلاق النار، «بما فيها تشغيل معبر رفح في الاتجاهين، لاستقبال الجرحى والمصابين من غزة، وعودة الفلسطينيين إلى القطاع»، وحذرت من أن «فتح معبر رفح في اتجاه واحد يكرس عملية تهجير الفلسطينيين».

«خطة تهجير مرفوضة»

وقال ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، في تصريحات، مساء الأربعاء، إن «الجانب الإسرائيلي يحاول تحميل مصر الخطة الإسرائيلية بشأن التهجير المرفوضة والمدانة مبدئياً من مصر ودول العالم كله، إما بالضغط على الفلسطينيين للخروج قسراً، وإما بتدمير غزة لجعلها غير صالحة للحياة فيخرجون طوعاً»، مؤكداً أن «التهجير سواء كان قسرياً أو طوعياً خط أحمر بالنسبة لمصر».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أكد رشوان أن بلاده «لن تشارك في مؤامرات تهجير الفلسطينيين»، وذلك رداً على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن استعداده لفتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني الخاضع لسيطرة إسرائيل بهدف إخراج الفلسطينيين.

وكان من المقرر فتح معبر رفح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه في العاشر من الشهر، غير أن إسرائيل أبقته مغلقاً في كلا الاتجاهين منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قائلة إن على «حماس» الالتزام بإعادة جميع الرهائن الذين لا يزالون في غزة، الأحياء منهم والأموات.

وأعادت «حماس» جميع الرهائن الأحياء، وعددهم 20، مقابل نحو ألفي معتقل فلسطيني وسجين مدان، لكن لا يزال هناك رفات رهينة واحدة في غزة.

جانب من الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

ويرى رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي التصعيد الإسرائيلي «مجرد ضغوط وفرقعة إعلامية ومناوشات متكررة لا تحمل قيمة وليس لها مستقبل، في ضوء معرفتهم الجيدة بالموقف الصارم لمصر برفض تهجير الفلسطينيين خارج البلاد، وأن ذلك لن يحدث تحت أي ثمن»، مضيفاً: «ما تسعى له إسرائيل ضد خطة ترمب، ولن يؤدي لتغيير المواقف المصرية».

فيما يرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية مساعد وزير الخارجية الأسبق رخا أحمد حسن أن ما تثيره إسرائيل «دون داع» يعد أموراً «استفزازية»، يحاول نتنياهو من خلالها الهروب من أزماته الداخلية والتزاماته بشأن اتفاق غزة الذي يشترط فتح المعبر من الاتجاهين للدخول والخروج، مشيراً إلى وجود أعداد كبيرة من الفلسطينيين تريد العودة، «ولن يكون للإسرائيليين حجة لعدم تنفيذ الاتفاق بعد تسلم آخر جثة».

واستطرد: «موقف مصر حاسم ولا تراجع فيه، حفاظاً على الأمن القومي المصري، وحقوق القضية الفلسطينية».

تأهب على الحدود

بالتزامن مع ذلك، كشفت صحيفة «معاريف»، الخميس، عن أن الجيش الإسرائيلي يعزز استعداداته على حدود مصر والأردن تحسباً لأي تطورات أمنية، لافتة إلى أن الجيش يتعامل مع سيناريوهات قد تتحول فيها التهديدات التكتيكية إلى تحديات استراتيجية.

وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أن رئيس الأركان إيال زامير قام، مساء الأربعاء، بزيارة ميدانية للواء 80 على الحدود مع مصر، مشيراً إلى «وجود تحديات في الحدود مع مصر والأردن».

وتوترت العلاقات المصرية - الإسرائيلية منذ اندلاع حرب غزة قبل أكثر من عامين، لا سيما مع رفض مصر احتلال إسرائيل محور فيلادليفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدوديين، وإصرارها على عدم السماح بتهجير الفلسطينيين إليها، وكذلك مع تلويح إسرائيلي مستمر بتعطيل اتفاقية للغاز مع مصر.

وقال العرابي: «تلك الإجراءات الإسرائيلية هي والعدم سواء، وإسرائيل تعلم أنها لا تملك قوة التصعيد، ولا فتح جبهة جديدة؛ لأن الداخل الإسرائيلي سيكون بالأساس ضد أي تصعيد مع مصر، وبالتالي الصدام مستبعد».

وأشار إلى أن هذا النهج متكرر منذ بداية حرب غزة «لتشتيت الاهتمامات والأولويات، وبات لعبة معروفة ولا جدوى منها، وليس أمام إسرائيل سوى تنفيذ الاتفاق، ونسيان أي خطط لتنفيذ التهجير المرفوض مصرياً وعربياً وأوروبياً ودولياً».

واستبعد حسن حدوث أي صدام بين مصر وإسرائيل؛ «لاعتبارات عديدة متعلقة باستقرار المنطقة»، معتبراً التأهب الإسرائيلي على الحدود «مجرد مناوشات لا قيمة لها».