بحث الرئيس العراقي برهم صالح ونظيره الإيراني حسن روحاني العلاقات الثنائية بين البلدين وأهمية إبعاد المنطقة عن التدخلات الأجنبية. وطبقاً لبيان صادر عن الرئاسة الإيرانية، فإن روحاني هنأ الرئيس العراقي برهم صالح بقرب حلول عيد الفطر المبارك وذلك عبر اتصال هاتفي أمس جرى خلاله بحث «العلاقات الثنائیة بین البلدین، مع أهمية السعي لتنمیة المناسبات الشاملة بین بغداد وطهران، خاصة التبادل التجاري والاقتصادي».
وأضاف البيان أن روحاني أعرب عن ارتياحه «لوصول المسار السیاسي في العراق إلی النتیجة الإیجابیة، ووقوف کافة الكتل والتیارات والطوائف العراقیة في خندق واحد وتشكیل الحكومة العراقیة الجدیدة ومنح ثقة البرلمان العراقي للحكومة الجدیدة»، مبيناً أن «الاستقرار السیاسي في العراق یحظی ببالغ الأهمیة للمنطقة بأسرها، ولا ریب أن هذا المسار یوفر الأرضیة لتعزیز دور العراق في المنطقة». وأكد روحاني، طبقاً للبيان، أن «دول المنطقة الیوم تواجه بعض المشاکل، کانخفاض أسعار النفط وتفشي فیروس (کورونا) والأزمات الأمنیة»، مشيراً على وجه الخصوص إلى ما سماها «التدخلات الأمیرکیة في شؤون البلدان الداخلیة»، لافتاً إلى أن «التنمیة الشاملة بین الحكومات والشعوب الصدیقة قد تكون مفیدة لاجتیاز المشاکل القائمة».
وفي وقت بدأت فيه السلطات الإيرانية مطالبة الجانب العراقي باستئناف التبادل التجاري وفتح المنافذ الحدودية والطيران، والذي كان أوقفه العراق بسبب «كورونا»، فإن الرئيس الإيراني، وطبقاً لبيان مكتبه الرئاسي، أبلغ الرئيس العراقي أنه «يجب أن نسعى لاستئناف التبادل التجاري إلى حالته الأولى بمراعاة كافة الإرشادات الصحية في الحدود المشتركة، وأرجو أن تتعزز المناسبات الاقتصادية بين البلدين أكثر مما مضى بفضل البرامج الثنائية».
ويأتي الطلب الإيراني بفتح الحدود بين البلدين في وقت بدأت ترتفع فيه نسب الإصابات بوباء «كورونا» في العراق عن المعدلات الطبيعية التي كانت عليها. كما يأتي في وقت أعلنت فيه السلطات العراقية أمس الاثنين عن بدء الحظر المناطقي على عدد من أحياء العاصمة العراقية بغداد فضلاً عن مناطق في محافظات أخرى نتيجة تفشي الوباء.
من جهته، فإن البيان الصادر عن الرئاسة العراقية، والذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أكد أنه «جرى، خلال المكالمة، بحث سبل توطيد العلاقات الثنائية، وتطوير آفاق التعاون المشترك بما يخدم مصلحة الشعبين الجارين، وتم التأكيد على أن تعزيز أمن وسيادة العراق يحظى بأهمية بالغة إقليمياً ودولياً كونه يعزز استقرار وسلامة شعوب ودول المنطقة، فضلاً عن أهمية التنسيق لمواجهة جائحة (كورونا) والعمل المشترك للحد من انتشارها بما يضمن سلامة الشعبين العراقي والإيراني والإنسانية جمعاء». وأضاف البيان أن الرئيسين استعرضا «أهم المستجدات السياسية في المنطقة، وتم التأكيد على التعاون الإقليمي وتخفيف حدة التوترات لترسيخ الأمن والسلم في المنطقة».
يذكر أن العراق على موعد لحوار استراتيجي مع الولايات المتحدة الأميركية مطلع الشهر المقبل تتم خلاله مراجعة الاتفاقية الأمنية الموقعة بين واشنطن وبغداد عام 2008 والتي تم بموجبها تنظيم الوجود الأجنبي في البلاد والذي تحول عام 2014 إلى تحالف دولي لمحاربة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وبمشاركة نحو 60 دولة. وكان العراق أعلن طبقاً لآخر تصريح لرئيس جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي حاجته إلى التحالف الدولي في مجال تقديم المساعدة في مواجهة تنظيم «داعش».
وفي هذا السياق، يقول الدكتور إحسان الشمري رئيس «مركز التفكير السياسي» في العراق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «إيران تعول كثيراً على المعادلة الحالية بالتحديد، لأنها تجدها مقبولة من قبل الولايات المتحدة الأميركية وحتى من قبل المنظومة العربية بشكل عام، وبالتالي قد تكون معادلة الرئاسات الثلاث بوابة للبدء بأن يأخذ العراق زمام المبادرة ومحاولة استقطاب المنظومة العربية بما فيها الخليجية والغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية إلى مساحة مشتركة مع إيران»، مبيناً أن «طهران تنظر إلى العراق لأن يلعب دوراً في مساحة التهدئة مع هذه الأطراف، فضلاً عن أن ذلك يمكن أن يكون منطلقاً للتهدئة بشكل كامل».
وأضاف الشمري: «في تصوري أن دبلوماسية الهاتف بين صالح وروحاني تمثل جزءاً من هذه التوجهات الإيرانية، على أن يكون هناك دور أكبر للعراق». وأوضح الشمري أن «إيران وبسبب نظام العقوبات والأزمات التي تعيشها داخلياً، تجد نفسها تمضي في هذا الاتجاه بحيث تحاول ألا يكون العراق مساحة للتوتر، وألا تكون إيران محفزاً لارتباك داخلي، لأن هذا سيعمل على أن يكون هذا الارتباك موضع اهتمام من قبل الولايات المتحدة وبالتالي تتصاعد الخلافات ما بين الطرفين».
بغداد وطهران تبحثان سبل إنهاء التوترات في المنطقة
روحاني هاتف صالح مع قرب انطلاق الحوار الاستراتيجي العراقي ـ الأميركي
بغداد وطهران تبحثان سبل إنهاء التوترات في المنطقة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة