اتهامات للانقلابيين في اليمن بـ{إنهاء حياة» مصابين بـ«كورونا» ودفنهم سراً

TT

اتهامات للانقلابيين في اليمن بـ{إنهاء حياة» مصابين بـ«كورونا» ودفنهم سراً

اتهم ناشطون يمنيون وعاملون في القطاع الصحي الخاضع للميليشيات الحوثية في صنعاء ومناطق أخرى، الجماعة الانقلابية بالقيام بتصفية المرضى المصابين بفيروس «كورونا المستجد» في مستشفيات العزل ودفنهم سراً مع إخطار عدد محدود من أهاليهم.
وفي حين وثق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لمشاهد دفن جماعية في مقابر صنعاء، يرفض قادة الميليشيات الاعتراف بحجم تفشي الوباء على الرغم من تأكيدات مصادر طبية بوجود عشرات الوفيات جراء المرض، وامتلاء مستشفيات العزل بالحالات المصابة.
وأكدت المصادر في صنعاء تسجيل عدد من الحالات المصابة التي نقلت إلى مستشفيات العزل في صنعاء (مستشفى الكويت وزايد) ومستشفى جبلة في محافظة إب (170 كلم جنوب صنعاء) لكن أصحابها - بحسب المصادر - خرجوا جثثاً هامدة بعد يوم واحد فقط من دخولهم العزل الطبي.
وقال مصدر طبي لـ«الشرق الأوسط» إن أحد المصابين من سكان الحي الذي يقطن فيه قرب مطار صنعاء في حارة «شعفل» الواقعة خلف مصنع السنيدار، نقل إلى مستشفى زايد شمال شرقي العاصمة المخصص للعزل، غير أنه فارق الحياة بعدها بساعات، ما يضع شكوكاً متصاعدة حول قيام الجماعة بتصفية المصابين.
ويتداول السكان وبعض العاملين الصحيين في صنعاء تسريبات عن توجيه قادة الميليشيات الحوثية للطواقم الطبية باستخدام ما يسمى طريقة «الموت الرحيم» مع الحالات المصابة بالفيروس، وهو الأمر الذي لم يتسنَّ لـ«الشرق الأوسط» التثبت منه بشكل قطعي.
في السياق نفسه، أفاد ناشطون في محافظة إب بأن شخصاً يدعى يسري مجلي فارق الحياة في مستشفى جبلة المخصص للعزل الطبي عقب يوم واحد من وفاة والده في المستشفى ذاته بالطريقة نفسها.
وكان شهود في مدينة إب (مركز المحافظة) تحدثوا في وقت سابق عن قيام الجماعة الحوثية قبل أيام بدفن العديد من الأشخاص بعد الفجر بشكل سري مع استدعاء شخصين فقط من أقارب المتوفى، يرجح أنهم فارقوا الحياة بسبب إصابتهم بالفيروس التاجي المستجد.
وتحرص الجماعة الانقلابية بشدة على نفي وجود أي تفشٍ للوباء في مناطق سيطرتها مع اعتراف وزيرها للصحة في حكومة الانقلاب والقيادي في الجماعة طه المتوكل في أحدث مؤتمر صحافي له السبت، بتسجيل حالتي إصابة لرجل وامرأة قال إنهما تماثلا للشفاء، إضافة إلى حالتين سابقتين توفيت إحداهما وهي لمهاجر أفريقي، كما زعمت الجماعة.
وهوّن القيادي الحوثي المتوكل من المخاوف المتصاعدة في أوساط السكان، وقال إن جماعته ستكتفي بإعلان المعلومات المتعلقة بحالات الشفاء من المرض فقط.
وأثار تكتم الجماعة الحوثية على الإصابات الفعلية بالوباء غضباً في أوساط الموالين لها، فضلاً عن بقية الشارع اليمني في صنعاء، خصوصاً مع تأكيد وفاة أطباء موالين للجماعة جراء إصابتهم، كما الحال مع الطبيب إسماعيل المؤيد مالك مستشفى «المؤيد» الواقع في حي الجراف شمال العاصمة.
وبث ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لمشاهد من مقبرة «الرحمة» في حي سعوان، حيث أظهرت عدداً من القبور المحفورة حديثاً مع وجود عناصر حوثيين يرتدون الكمامات ووسائل الوقاية، وإلى جانبهم سيارة إسعاف وهم يستعدون للقيام بعمليات الدفن.
وبينما يواصل الانقلابيون استثمار تفشي «كورونا» في جمع الجبايات، والتستر على انتشار الوباء دون اتخاذ الإجراءات السليمة، اتهمت مصادر طبية الجماعة بأنها تمارس كل أساليب القمع والإرهاب بحق الأطباء والمستشفيات والمواطنين الذين ينشرون معلومات عن وجود إصابات.
وكشفت مصادر طبية في صنعاء عن احتجاز الميليشيات لهواتف الطواقم الطبية العاملة بمستشفيات «الثورة والجمهوري وزايد والكويت» بذريعة منعهم من نشر المعلومات عن حالات الإصابة بكورونا.
وتقول مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن حالة الرعب من الإصابة بفيروس «كورونا المستجد» اجتاحت صنعاء وبقية المناطق الخاضعة للجماعة الحوثية مع تكدس حالات الإصابة في مستشفيات العزل الطبي واستمرار الجماعة في تكتمها على المعلومات الحقيقية لخدمة أجندتها الانقلابية.
وفي وقت سابق، اتهم وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني الجماعة الحوثية بالاستيلاء على معدات طبية مرسلة إلى مناطق سيطرتها، فيما تشير التقديرات إلى وجود أكثر من 100 إصابة في مستشفيات العزل إلى جانب العديد من حالات الوفاة.
وأكد ناشطون وأطباء في مناطق سيطرة الجماعة وجود ما وصفوه بـ«الحالة الكارثية»، بعد أن أصبح المصابون يتساقطون في الشوارع جراء إصابتهم المحتملة بالتزامن مع التدابير القمعية والتعسفية التي تقوم بها الميليشيات للتكتم على الحالات المصابة ومعاملة المرضى وذويهم على أنهم «مجرمون».
ورغم توتر العلاقة بين الجماعة ومنظمة الصحة العالمية بسبب التكتم على بيانات الإصابات وعدم الشفافية، لم تلجأ الجماعة لاتخاذ أي خطوات احترازية جدية، من قبيل إغلاق الأسواق المكتظة وفرض التباعد الاجتماعي، وذلك في سياق أهداف الجماعة لجباية أموال الزكاة والضرائب والحفاظ على مواردها المالية، بحسب ما يؤكده مراقبون للأوضاع الصحية في صنعاء.
ومع وجود حالة من الرعب بين سكان صنعاء، ليس من خشية الإصابة بالفيروس وحسب، ولكن من التدابير الحوثية المتبعة، يؤكد الناشطون اليمنيون أن الجماعة لا تقوم بإرسال الفرق الطبية لحالات الاشتباه بالإصابة، ولكنها ترسل عناصر الأجهزة الأمنية الخاضعة.
وفي خضم حالة الخوف المتفشية، وقّع 65 طبيباً في مناطق سيطرة الجماعة على بيان وجهوه هذا الأسبوع إلى سلطات الانقلابيين ووزيرهم للصحة طه المتوكل، وأكدوا فيه «تزايد عدد الحالات يوماً بعد آخر مع تزايد عدد الوفيات الناجم عن هذا المرض».
وانتقد الأطباء في بيانهم «عدم التزام السكان بإجراءات الحظر الصحي وضرورة التباعد، حيث إن الشوارع والأسواق العامة والمحال التجارية والجوامع لا تزال مكتظة بالبشر».
ودعا الأطباء في بيانهم الذي وزعوه على وسائل الإعلام «إلى مراعاة الشفافية حول العدد الكلي للإصابات والوفيات الناجمة عن مرض كورونا، وإعلان الحالات الجديدة المؤكدة أولاً بأول، وإلى الاهتمام بتوفير وسائل الحماية الشخصية للكادر الصحي المتعامل مع المرضى بشكل مباشر وفرض وجود هذه الوسائل في كل المستشفيات الحكومية والخاصة».
وشدد الأطباء على ضرورة اتخاذ «إجراءات حاسمة وصارمة متعلقة بالحظر الصحي، وذلك بإغلاق كل الأسواق والمحلات التجارية، وكذا الجوامع وأسواق القات وأماكن تجمعات الناس، وفرض إجراءات التباعد الاجتماعي في كل المرافق الخاصة والحكومية».
كما دعوا إلى «إغلاق كل المدن المنتشر فيها الوباء لمنعه من الانتشار للقرى والمدن الخالية منه، خصوصاً مع قدوم عيد الفطر ورجوع المواطنين إلى قراهم».
وانتقد الأطباء التدابير الحوثية التعسفية في التعامل مع المرضى، ودعوا إلى تغيير نمط التعامل عند معرفة وجود أسر مصابة أو لديها متوفى، وعدم ترويع الناس لإجبارهم على إخفاء وجود إصابات.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

الجيش الإسرائيلي يقتل 16 فلسطينياً في هجمات على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة

TT

الجيش الإسرائيلي يقتل 16 فلسطينياً في هجمات على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة

لحظة قصف مبنى في مخيم النصيرات (رويترز)
لحظة قصف مبنى في مخيم النصيرات (رويترز)

قتل الجيش الإسرائيلي 16 فلسطينياً، على الأقل، في هجمات جوية على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وفق ما أعلن مستشفى العودة في المخيم، اليوم الخميس.

ووفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، قال مستشفى العودة بالنصيرات، في بيان صحافي: «جرى نقل جثث لـ16 فلسطينياً؛ بينهم أطفال ونساء، غالبيتهم وصلوا أشلاء، جراء هجمات من الطيران الحربي الإسرائيلي على مناطق مختلفة في المخيم».

وأضاف المستشفى أنه جرى نقل عشرات الجرحى إلى المستشفى؛ لتلقّي العلاج، بينهم حالات بتر في الأطراف، وإصابات في الجزء العلوي من الأجساد، مما استدعى طلب المستشفى من المواطنين التبرع بالدم.

وقال شهود عيان في المخيم إن الجيش الإسرائيلي استهدف مجموعة من المواطنين كانوا في منطقة أرض المفتي بالمخيم، ما أدى إلى مقتل عدد منهم، في حين قصف الجيش عدداً من المنازل السكنية فوق رؤوس ساكنيها، واستهدف تكية خيرية لإعداد الطعام المجاني للنازحين في المخيم.

يأتي ذلك فيما يواصل الجيش الإسرائيلي عمليته العسكرية في شمال قطاع غزة، حيث قتل أربعة فلسطينيين، على الأقل، في قصف استهدف منزلين سكنيين في بلدة بيت لاهيا، شمال غزة.

وفي محيط مستشفى كمال عدوان، استهدف الجيش الإسرائيلي تجمعاً للفلسطينيين، مما أدى إلى مقتل فلسطينيين اثنين على الأقل.

وفي مخيم جباليا للاجئين شمال غزة، قالت مصادر طبية إن الجيش الإسرائيلي قتل فلسطينياً، على الأقل، في قصف استهدف منزله، في حين لم يجرِ الإبلاغ عن أي إصابات.