مع انتشار جائحة فيروس «كورونا» المستجد في جميع أنحاء العالم، استخدم كثير من السياسيين ووسائل الإعلام وصف الحرب، للإشارة إلى حجم التحدي، فاستدعى رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي أجواء الحرب العالمية الثانية، عندما استخدم كلمات ونستون تشرشل، للتحدث عن «أحلك ساعة» في إيطاليا، ووصف الرئيس دونالد ترمب نفسه بأنه «رئيس زمن الحرب»، لأنه يقاتل ضد عدو غير مرئي.
وتخشى دراسة أميركية نشرتها دورية «نيتشر» في 13 مايو (أيار) الحالي، من أن هذه الحرب لن يُنهيها الوصول إلى لقاح ضد الفيروس، وهو الأمر الذي تعمل عليه أكثر من فرقة بحثية حول العالم؛ حيث سيتعين على السياسيين خوض حرب من نوع آخر، وهي إقناع الناس بجدوى اللقاحات.
وتعقبت الدراسة الأميركية التي شارك فيها أكثر من جامعة، صفحات 100 مليون مستخدم لموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» عبر 37 دولة، لترصد تنامي الرفض للقاحات، كما يظهر في خريطة ملونة للعلاقات بين أنصار اللقاحات ومعارضيها وأولئك الذين تقع وجهات نظرهم في مكان ما بينهما.
وقام الباحثون في الدراسة بتطبيق تقنيات تحليل البيانات المستخدمة بشكل شائع في الفيزياء النظرية لإنشاء الخريطة، التي تهدف إلى إعطاء نظرة ظاهرية على مشهد الآراء حول اللقاحات في وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث تم تمثيل منتقدي اللقاحات بنقاط حمراء، يتم قياسها بشكل متناسب وفق عدد المتابعين، وبالمثل، يمكن اعتبار المدافعين على أنهم دوائر زرقاء، وأولئك الذين ليس لديهم موقع محدد بوضوح هم من اللون الأخضر.
وبالنظر إلى شبكة الروابط المعقدة بعمق، فإن الخريطة أظهرت أن النقاط الحمراء الممثلة للرافضين مبعثرة في جميع أنحاء قلب المساحات الخضراء، وتشكل عدداً أكبر من الروابط بينها.
ورغم أن عدد مدافعي اللقاحات نحو 6.9 مليون مؤيد، مقارنة بـ4.2 مليون رافض، فإنه بغضّ النظر عن الأرقام، فإن تنوع مواقع مكافحة التطعيم بالخريطة يجعل من الضروري الانتباه لهذه المشكلة.
يقول نيل جونسون، من جامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة، والباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره أمس موقع «ساينس أليرت»، يبدو أن التحدي الحقيقي سيكون في «إيجاد عدد كافٍ من الناس يتطوع للحصول على اللقاح للتحصين ضد الفيروس».
وتعمل أكثر من فرقة بحثية حول العالم على تقنيات مختلفة في تطوير اللقاح، من قتل الفيروس واستخدامه في اللقاح كما نفعل مع الإنفلونزا، إلى استخدام الحمض النووي الريبي الرسولي لتحفيز الخلايا المصابة على إنتاج الأجسام المضادة، ولكن على ما يبدو أن الوصول لإنتاج اللقاح لن يكون نهاية المطاف، كما يشير جونسون. ويضيف: «بما أن السياسيين يفضلون الاستعارات الحربية، فنحن أمام حرب من الرافضين للقاحات، وعلى ما يبدو فإننا غير مؤهلين للفوز».
ولا تنكر الدكتورة نادية طلب، المستشارة الإقليمية للأمراض المتوقاة باللقاحات والتمنيع، بمكتب منظمة الصحة العالمية الإقليمي لشرق المتوسط، وجود مجموعات مضادة للقاحات. تقول لـ«الشرق الأوسط»: «المجموعات المضادة للقاحات، كانت نشطة خلال السنوات القليلة الماضية، دون سبب وجيه لموقفها السلبي».
وتضيف: «أفضل دليل على عدم امتلاكهم حجة علمية، هو أن لديهم الآن موقفاً سلبياً تجاه لقاح لم يتم تطويره بعد».
ورغم ما تؤكده الدراسة من تنامي لهذه المجموعات، فإن الدكتورة طلب لا توافق على أن هذه المجموعة لها وزن كبير في المجتمع، مدللة على ذلك بسؤال مليارات الأشخاص عن موعد توفر لقاح ضد فيروس كورونا، وسؤالهم عن أي تأثير للقاحات الحالية في الوقاية من الفيروس.
وتقول: «على العكس من ذلك، أظهرت الجائحة الحالية مدى ثقة الناس في اللقاحات واعتبارها بمثابة الحل للأمراض الوبائية».
عدم الثقة في اللقاحات... خطر قادم في معركة «كوفيد ـ 19»
دراسة أميركية رصدت تنامي الظاهرة و«الصحة العالمية» تقلل من تأثيرها
عدم الثقة في اللقاحات... خطر قادم في معركة «كوفيد ـ 19»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة