الاستثمارات محور رئيسي لضمان استدامة إمدادات الطاقة العالمية

الاستثمارات محور رئيسي لضمان استدامة إمدادات الطاقة العالمية
TT

الاستثمارات محور رئيسي لضمان استدامة إمدادات الطاقة العالمية

الاستثمارات محور رئيسي لضمان استدامة إمدادات الطاقة العالمية

تشكل الاستثمارات دافعاً رئيسياً لاستدامة قطاع الطاقة بأشكاله كافة، وقد يؤثر اختلال الأسواق على استمرار الاستثمارات، وهو ما يؤثر على إمدادات الطاقة، الذي تسبب في وقت سابق بخروج الإنتاج المكلف والحقول المكلفة والاكتشافات الجديدة من مزيج العرض في الأسواق الدولية، إضافة إلى ارتفاع الأسعار بسبب انخفاض العرض.
وتعد الاستثمارات محوراً مهماً جداً في قطاع الطاقة. وبحسب منظمة «أوبك»، فإن العالم يحتاج إلى 10 تريليونات دولار استثمارات نفطية حتى 2040، وذلك لعدم مواجهة عجز في الإمدادات، في حين تبلغ استثمارات الطاقة بشكل عام نحو 48 تريليون دولار حتى 2035، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.
وحذر مسؤولون في قطاع الطاقة من تباطؤ الاستثمارات، مما سيكون له أثر كبير على استدامة إمدادات الطاقة، وبالتالي الحفاظ على التوازن في الأسواق العالمية، حيث قال الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي، في فترة سابقة، إنه من دون استثمارات كافية مستقرة في تطوير البنية التحتية للطاقة وصيانتها، فإن أمن الطاقة الجماعي سيكون معرضاً للخطر.
وتواجه الاستثمارات ضغطاً كبير خلال الفترة الحالية، خاصة مع تأثيرات فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) والذي تسبب في إضعاف الدورة الاقتصادية العالمية، مما نتج عنه ارتفاع المعروض وانخفاض الأسعار، الأمر الذي لن يسمح باستمرار بعض الاستثمارات في الدول عالية التكلفة في الإنتاج، مما يضع تحدياً أمام سلسلة الإمدادات في المستقبل.
وقال الدكتور أحمد علي عتيقة، الرئيس التنفيذي للشركة العربية للاستثمارات البترولية (أبيكورب)، إن قطاع الطاقة يتسم بحاجته إلى استثمارات رأسمالية كبيرة متكررة، وبالتالي فإن أي انخفاض أو تأخير قد يطرأ على وتيرة الاستثمارات من شأنه أن يؤثر على تدفق الإمدادات على المدى المتوسط.
وأضاف الدكتور عتيقة، في حديث لـ«الشرق الأوسط» حول الاستثمارات في قطاع الطاقة: «شهدنا حدوث ذلك عدة مرات في السابق، كان آخرها في الفترة بين عامي 2014 و2016 التي انخفضت فيها النفقات الرأسمالية لشركات النفط والغاز بنسبة 25 في المائة لعامين متتاليين؛ كل هذا من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض ملموس في العرض، وتقلب في الأسعار، علاوة على أثره السلبي على التدفقات الاستثمارية الحيوية اللازمة لدفع التحول في تنويع مصادر الطاقة، مثل تخزين الكهرباء، واحتجاز الكربون واستخدامه والاستفادة منه، وغيرها».
وعن مساهمة الاتفاق الأخير بين مجموعة «أوبك+» ومجموعة العشرين في المحافظة على استقرار أسواق الطاقة، وبالتالي المحافظة على الاستثمارات في هذا القطاع، قال الرئيس التنفيذي للشركة العربية للاستثمارات البترولية: «هذه المتغيرات غير مرتبطة بعضها ببعض، فهناك إجماع واسع على أن الانخفاض الأخير في أسعار النفط جاء نتيجة الفائض الذي كان قد تراكم قبل جائحة فيروس كورونا، والذي تسبب في انكماش حاد في الطلب على النفط (من المتوقع أن يصل حجمه إلى نحو 22 مليون برميل يومياً في الربع الثاني من عام 2020)، مما سيجعله أكبر انكماش من نوعه في التاريخ».
وزاد: «يُعزى ذلك بشكل رئيسي إلى انخفاض الطلب على المنتجات البترولية من قبل قطاع النقل نتيجة القيود المفروضة على السفر والتنقل التي فرضتها إجراءات العزل الصحي وجهود التصدي لوباء (كوفيد-19) حول العالم».
وعن التحديات التي يمكن أن تواجه العالم، في حال تعطلت الاستثمارات، قال: «قد تحدث تقلبات حادة في حال تم تخفيض برامج الإنفاق الرأسمالي، أو ريثما تتم مراجعتها على الأقل. وقد يكون عام 2020 الأسوأ من حيث قرارات الاستثمار النهائية في المشاريع الجديدة في شرائح معينة من قطاعات النفط والغاز وصناعات التكرير والبتروكيماويات، ونحن نرصد بالفعل ما يحدث من تآكل في القيمة، وتسريح للعاملين، وشيوع حالة من عدم التوازن في القطاع عموماً».
وأوضح الدكتور عتيقة: «من المحتمل أن تواصل أسعار النفط انخفاضها حتى نهاية العام على الأقل. وفي ظل أن الأزمة الحالية غير مسبوقة على جميع الصُعد، فليس هناك إجماع تام، سواء حول مدى مرونة الطلب والأمد المتوقع لاستمرار الأزمة (من المُحتمل حدوث موجة ثانية من الفيروس في أواخر عام 2020 حسب بعض التحاليل)، ومدى تأثيرها المحتمل على هيكلية القطاع على المدى الطويل، من حيث القدرة الإنتاجية لقطاع الطاقة، والاقتصاد عموماً، علاوة على التغيرات الهيكلية المحتملة من حيث الطلب في فترة ما بعد فيروس كورونا».
وأضاف: «بالتالي، فإن شكل التعافي الاقتصادي، وما إذا كان سيتم تنسيق استراتيجيات مشتركة للخروج من أزمة فيروس كورونا، هما العاملان اللذان سيرسمان ملامح الأسس التي سيرتكز عليها القطاع، وأسعار النفط مستقبلاً.
هذا مع الإشارة إلى أن صندوق النقد الدولي يستند في توقعاته الاقتصادية إلى أن متوسط سعر برميل النفط يبلغ 35.61 دولار لعام 2020، و37.87 دولار لعام 2021. وسيبقى هذا التوقع كما هو على المدى المتوسط، ما يعادل انخفاضاً بنحو 20 دولاراً، مقارنة بمتوسط سعر البرميل العام الماضي 2019».



كبير مسؤولي «الفيدرالي» يواصل دعم خفض الفائدة رغم التضخم والتعريفات الجمركية

عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)
عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)
TT

كبير مسؤولي «الفيدرالي» يواصل دعم خفض الفائدة رغم التضخم والتعريفات الجمركية

عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)
عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)

قال أحد كبار صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي، الأربعاء، إنه لا يزال يدعم خفض أسعار الفائدة هذا العام، على الرغم من ارتفاع التضخم، واحتمال فرض تعريفات جمركية واسعة النطاق في ظل إدارة ترمب المقبلة.

وقال كريستوفر والر، العضو المؤثر في مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، إنه يتوقع أن يقترب التضخم من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في الماضي في الأشهر المقبلة. وفي بعض التعليقات الأولى التي أدلى بها مسؤول في بنك الاحتياطي الفيدرالي حول التعريفات الجمركية على وجه التحديد، قال إن الرسوم الجمركية الأكبر على الواردات من غير المرجح أن تدفع التضخم إلى الارتفاع هذا العام، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقال والر في باريس في منظمة «التعاون الاقتصادي والتنمية»: «رسالتي الأساسية هي أنني أعتقد أن مزيداً من التخفيضات ستكون مناسبة». وأضاف: «إذا لم يكن للتعريفات الجمركية، كما أتوقع، تأثير كبير أو مستمر على التضخم، فمن غير المرجح أن تؤثر على وجهة نظري».

وتُعد تعليقاته جديرة بالاهتمام؛ نظراً لأن تأثير الرسوم الجمركية يشكل بطاقة جامحة هذا العام بالنسبة للاقتصاد الأميركي. وقد هبطت الأسواق المالية في الأشهر الأخيرة جزئياً بسبب المخاوف من أن التضخم قد يستمر في كونه مشكلة، وأن التعريفات الجمركية قد تجعل الأمر أسوأ. ويميل المنتجون إلى رفع الأسعار للعملاء للتعويض عن التكاليف الزائدة للرسوم الجمركية على المواد والسلع المستوردة.

ومع ذلك، فإن والر أكثر تفاؤلاً بشأن التضخم من كثير من مستثمري «وول ستريت». وقال: «أعتقد أن التضخم سيستمر في إحراز تقدم نحو هدفنا البالغ 2 في المائة على المدى المتوسط، ​​وأن مزيداً من التخفيضات (للمعدلات) ستكون مناسبة». وفي حين ظل التضخم ثابتاً في الأشهر الأخيرة - حيث ارتفع إلى 2.4 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً للمقياس المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي - زعم والر أن الأسعار خارج قطاع الإسكان، وهو ما يصعب قياسه، تتباطأ.

وتتعارض تصريحات والر مع التوقعات الزائدة في «وول ستريت» بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد لا يخفض سعر الفائدة الرئيس كثيراً، إن فعل ذلك على الإطلاق، هذا العام مع استمرار ارتفاع الأسعار. ويبلغ المعدل حالياً حوالي 4.3 في المائة بعد عدة تخفيضات في العام الماضي من أعلى مستوى له منذ عقدين من الزمن عند 5.3 في المائة. وتتوقع الأسواق المالية خفض أسعار الفائدة مرة واحدة فقط في عام 2025، وفقاً لتسعير العقود الآجلة التي تتبعها أداة «فيد ووتش».

ولم يذكر والر عدد التخفيضات التي يدعمها على وجه التحديد. وقال إن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي توقعوا خفضين هذا العام في ديسمبر (كانون الأول). لكنه أشار أيضاً إلى أن صناع السياسات دعموا مجموعة واسعة من النتائج، من عدم التخفيضات إلى ما يصل إلى خمسة تخفيضات. وأضاف أن عدد التخفيضات سيعتمد على التقدم نحو خفض التضخم.

وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن تأثير التعريفات الجمركية على سياسة الفيدرالي والتضخم يصعب قياسه مسبقاً، حتى يتضح أي الواردات ستتأثر بالتعريفات، وما إذا كانت الدول الأخرى سترد بتعريفات خاصة بها. ولكن في المؤتمر الصحافي الأخير لـ«الفيدرالي» في ديسمبر، أقر باول بأن بعض صناع السياسات التسعة عشر في البنك المركزي بدأوا في دمج التأثير المحتمل لسياسات الرئيس المنتخب دونالد ترمب على الاقتصاد.

وقال باول: «لقد اتخذ بعض الناس خطوة أولية للغاية وبدأوا في دمج تقديرات مشروطة للغاية للتأثيرات الاقتصادية للسياسات في توقعاتهم في هذا الاجتماع». وقال إن مسؤولين آخرين لم يتخذوا مثل هذه الخطوة، في حين لم يحدد البعض ما إذا كانوا قد فعلوا ذلك.

وقد اقترح مسؤولون آخرون في «الفيدرالي» مؤخراً أن يتحرك البنك ببطء أكبر بشأن خفض أسعار الفائدة هذا العام، بعد الخفض في كل من اجتماعاته الثلاثة الأخيرة في عام 2024. وقالت ليزا كوك، عضو مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، يوم الاثنين، إن البنك المركزي يمكنه «المضي قدماً بحذر أكبر» في خفض أسعار الفائدة.

وقال والر، في جلسة أسئلة وأجوبة، إن أحد أسباب ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل يرجع إلى القلق من أن عجز موازنة الحكومة الفيدرالية، الضخم بالفعل، قد يظل كذلك أو حتى يزيد. وقد أدت أسعار الفائدة طويلة الأجل المرتفعة إلى ارتفاع تكلفة الرهن العقاري والاقتراض الآخر، مما زاد من الضغوط على كل من الشركات والمستهلكين.

وقال: «في مرحلة ما، ستطالب الأسواق بقسط لقبول مخاطر التمويل»، مثل هذا الاقتراض الزائد.