«روسنفت» تطلب دعماً من الكرملين لتجاوز الأزمة

بوتين استقبل رئيس شركة «روسنفت» في لقاء مباشر نادر منذ استفحال {كورونا} (أ.ب)
بوتين استقبل رئيس شركة «روسنفت» في لقاء مباشر نادر منذ استفحال {كورونا} (أ.ب)
TT

«روسنفت» تطلب دعماً من الكرملين لتجاوز الأزمة

بوتين استقبل رئيس شركة «روسنفت» في لقاء مباشر نادر منذ استفحال {كورونا} (أ.ب)
بوتين استقبل رئيس شركة «روسنفت» في لقاء مباشر نادر منذ استفحال {كورونا} (أ.ب)

اضطرت شركة «روسنفت» النفطية الروسية الكبرى لتعديل خطتها الاستثمارية في تنمية مشروعاتها هذا العام، وطلبت الدعم من الحكومة الروسية، على شكل تسهيلات ضريبية وائتمانية، لمواجهة ما وصفته بأنه «ظروف دراماتيكية»، وللخروج من الأزمة الحالية، الأمر الذي قالت إنه قد يستغرق من عامين إلى ثلاث سنوات. كما طالبت «روسنفت» شركات النقل الاحتكارية، التي تعتمد عليها في تصدير الإنتاج، بتخفيض أجور النقل، نظراً للتحولات في أسواق النفط العالمية، وأن تعتمد تسعيرة جديدة تتناسب مع مستوى سعر البرميل في الأسواق العالمية حالياً.
وكان إيغر سيتشين، مدير عام شركة «روسنفت» أول مسؤول يستقبله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في اجتماع الأسبوع الفائت «وجهاً لوجه»، الأول من نوعه منذ أكثر من شهر، حين بدأت السلطات الروسية تعتمد «المحادثات عبر الفيديو عن بعد» لتجنب نقل عدوى فيروس كورونا. ويعكس عقد الاجتماع بهذا الشكل، أهمية «روسنفت» للاقتصاد الروسي، وهو ما أكده الرئيس بوتين، الذي استهل حديثه بالإشارة إلى أن «روسنفت شركتنا الرائدة، وواحدة من كبرى الشركات وربما أكبرها، وهي أكبر دافع ضرائب». وبعد هذه المقدمة، طلب من سيتشين تقديم عرضه حول الوضع في الصناعة النفطية في ظل الظروف الحالية، والدعم الذي يحتاجه القطاع من الحكومة.
من جانبه، وتأكيداً لما قاله بوتين، أشار سيتشين إلى أن «روسنفت» حققت العام الماضي نتائج إنتاجية واقتصادية - مالية ضخمة، لافتاً إلى أنها «كانت أكبر دافع ضرائب، بما في ذلك وفرت 18 بالمائة من إيرادات الميزانية». وانتقل بعد ذلك للحديث عن استثماراتها، وقال إنها بلغت عام 2019 نحو 950 مليار روبل (13.01 مليار دولار تقريباً). وبالنسبة لاستثمارات «روسنفت» في تطوير مشروعاتها هذا العام، كشف سيتشين عن خطة لتخفيض حجمها، وقال: «بالنظر إلى الحالة المأساوية في سوق النفط العالمية ككل، وإلى القرارات بتخفيض الإنتاج، سيتعين علينا تحسين جزء من التكاليف الرأسمالية، وسنحاول الحفاظ على برنامجنا الاستثماري عند نحو 750 مليار دولار (نحو 10.27 مليار دولار)».
وأحال قرار تقليص الاستثمارات بنحو 2.7 مليار دولار إلى «الحاجة بالحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي للشركة في ظل الأزمة العالمية، وتخفيض الإنتاج». إلا أن تحقيق هذا الهدف، والحفاظ على دينامية الاستثمارات يتطلبان دعماً حكومياً، على حد تعبير سيتشين، الذي أشار إلى «مجالات رئيسية هناك ضرورة بالحصول فيها على مساعدة الدولة»؛ وهي «تخفيف سياسة البنك المركزي بالنسبة للاقتراض، وإمكانية الوصول إلى موارد التشغيل»، وحدد بدقة المساعدة التي يطلبها من بوتين في هذا المجال، وهي «رفع سقف حدود الإقراض المسوح به» (لشركة روسنفت)
وأشار إلى أن هذا الطلب لا يقتصر على «روسنفت»، بل ويشمل مقاوليها ومورديها، وأكد أن «خطوة كهذه ستدعم برنامجنا الاستثماري، وحتى في أن نبدأ مشروعات جديدة»، لافتاً إلى أنه «في الأفق، خلال عامين أو ثلاثة، سنتمكن بكل الأحوال من تجاوز الأزمة، وعندها سنحتاج لتوفير كميات جديدة من الإنتاج للسوق».
ولم يقتصر الدعم الذي تحتاجه «روسنفت» على «رفع سقف» حد الاقتراض المسموح به، إذ طلب سيتشين كذلك تسهيلات ضريبية، لا سيما بالنسبة لأعمال التنقيب والإنتاج في الحقول «الوعرة»، وقال: «إذا كانت هناك إمكانية بتأجيل المدفوعات الضريبية إلى المرحلة المقبلة من الأعمال المتصلة بالتنقيب، فإن هذا من شأنه أن يساعدنا أيضاً في أن نكون أكثر استعداداً للخروج من الأزمة». وأخيراً يرى مدير «روسنفت» أن «تعديل المؤسسات الاحتكارية تعريف النقل بما يتوافق مع السعر الحالي (للنفط) في السوق، مسألة رئيسية بالنسبة لنا»، موضحاً أن «سعر النفط عام 2008 على سبيل المثال كان 1100 روبل، وكان سعر ضخ الطن الواحد 822 روبلاً، أما الآن فإن سعر النفط نحو 1200 روبل، بينما سعر ضخ الطن الواحد وصل حالياً إلى 2100 روبل»، وقال إن «الإنفاق على النقل يصل حالياً إلى 32 بالمائة من سعر الإنتاج». وتعتمد «روسنفت» في نقل وتصدير إنتاجها إلى السوق المحلية والأسواق الخارجية، على شبكات الأنابيب التي تملكها شركة «ترانسنفت» الحكومية، فضلاً عن النقل عبر شبكة السكك الحديدية.
وبينما وعد الرئيس بوتين دراسة طلبات مدير «روسنفت»، سارعت شركة «ترانسنفت» إلى نفي ما قاله سيتشين حول تكلفة النقل، وقالت إنه أخطأ حين عرض سعر النفط «بالبرميل»، بينما عرض سعر النقل «بالطن»، وأكدت أن التكلفة الفعلية لنقل الطن الواحد عبر شبكة أنابيبها لمسافة 100 كم لا تزيد على 16.8 بالمائة من إجمالي سعر الإنتاج.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.