اعتقال 60 موظفاً من مؤسسات مخلوف في سوريا

رجل الأعمال قريب الأسد رفض طلباً بالتنحي عن رئاسة «سيريَتل»

مارة في دمشق حيث تظهر لافتة ترويجية لشركة «سيريَتل» للهواتف الجوالة (أ.ف.ب)
مارة في دمشق حيث تظهر لافتة ترويجية لشركة «سيريَتل» للهواتف الجوالة (أ.ف.ب)
TT

اعتقال 60 موظفاً من مؤسسات مخلوف في سوريا

مارة في دمشق حيث تظهر لافتة ترويجية لشركة «سيريَتل» للهواتف الجوالة (أ.ف.ب)
مارة في دمشق حيث تظهر لافتة ترويجية لشركة «سيريَتل» للهواتف الجوالة (أ.ف.ب)

تواصلت الحملة الأمنية في سوريا ضد منشآت ومؤسسات تعود ملكيتها لرجل الأعمال وابن خال الرئيس بشار الأسد، رامي مخلوف، فوصلت إلى نحو 60 شخصاً يعملون مديرين ومسؤولين، جرى اعتقالهم في 5 محافظات رئيسية منذ بداية الحملة الأمنية الأخيرة ضد منشآت ومؤسسات مخلوف.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن أجهزة النظام الأمنية عمدت إلى تنفيذ مداهمات جديدة برفقة «الشرطة الروسية» خلال الساعات والأيام القليلة الماضية، اعتقلت على أثرها 19 من موظفي «جمعية البستان». وتوزعت الاعتقالات الجديدة، بحسب «المرصد»، على النحو التالي: 8 في اللاذقية، و7 في دمشق، و4 في حمص، كما تمت جميعها تحت تهمة «الفساد».
وبذلك، يرتفع إلى نحو 60 تعداد من تم اعتقاله من العاملين؛ مديرين وموظفين وتقنيين، ضمن منشآت ومؤسسات يمتلكها رامي مخلوف منذ بداية الحملة الأمنية في أواخر شهر أبريل (نيسان) الماضي، في كل من دمشق وحلب وحمص واللاذقية وطرطوس، وهم 40 من شركة «سيريتل» و19 من «جمعية البستان».
وبالتزامن، قال رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، أمس الأحد، إن السلطات أعطته مهلة للاستقالة من رئاسة شركة «سيريتل»، المشغل الأساسي لخدمات الهاتف الجوال في سوريا، وإلا فإنها ستسحب ترخيص الشركة، لكنه شدد على أنه لن يتنحى.
وأضاف مخلوف في ثالث تسجيل فيديو يبثه على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أمس، أنه لن يتخلى عن منصبه رئيساً لمجلس الإدارة
في الشركة، ما يكشف عن خلاف عميق بينه وبين ابن عمته الرئيس بشار الأسد، وأن انهيار سيريتل، وهي مصدر رئيسي لإيرادات الحكومة، سيوجه ضربة «كارثية» للاقتصاد.
ويقول مسؤولون غربيون إن مخلوف كان جزءاً من الدائرة المقربة للأسد، واضطلع بدور كبير في تمويل المجهود الحربي للنظام، مشيرين إلى إمبراطورية الأعمال التي يملكها، وتشمل الاتصالات والعقارات والمقاولات وتجارة النفط.
وقال مخلوف في الشريط الأخير: «إذا ما بتنفذوا سوق نسحب الرخصة... وقالوا عندكم الأحد يا بتنفذوا أو نأخذ الشركة وبنحجز عليها».
مقدماً اعتذاره لأهالي الموظفين في شركاته الذين تم توقيفهم من الجهات الأمنية، مؤكداً استمرار «اعتقالهم دون اتخاذ إجراءات قانونية بحقهم... هذا النهج سيؤدي إلى خراب الشركة».
وكشف عن مفاوضات مع السلطات السورية لإطلاق سراح موظفي «سيريتل» المعتقلين، مضيفاً أن الجهات التي يتفاوض معها اشترطت عليه دفع المبالغ المطلوبة منه والتعاقد مع شركة محددة لتخديم شركة «سيريتل» للمعدات التقنية، وهي تؤمن متطلبات الشركة ومشترياتها.
وأشار مخلوف إلى أنه خلال اجتماع رسمي مع «مؤسسة الاتصالات»، طلبت المؤسسة منه التنازل عن جزء من أرباح الشركة تحت طائلة التهديد بالسجن ووضع اليد على الشركة.
ولم يتضح متى سُجل المقطع ولا ما إذا كان مخلوف يعني بكلامه أمس، أم الأحد المقبل. وأضاف: «هيك بتخربوا اقتصاد سوريا».
وكان مخلوف اتهم قوات الأمن في وقت سابق من الشهر، باعتقال موظفين لديه «بشكل لا إنساني»، في هجوم غير مسبوق من داخل النظام يشنه أحد أكثر الشخصيات ذات النفوذ في سوريا.
في هذه الأثناء، تواصل الليرة السورية انهيارها التاريخي أمام القطع الأجنبي وسط عجز تام من قبل حكومة النظام السوري للسيطرة على الانهيار المتسارع لها. وعقب الظهور الأخير لـ«رامي مخلوف»، سجل سعر صرف الليرة السورية، رقماً قياسياً جديداً في السوق السوداء والمناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وبلغ سعر الدولار الأميركي مقابل الليرة السورية 1680 للشراء و1700 للبيع، ومقابل اليورو سجلت الليرة 1792 للشراء و1818 للبيع، ومقابل الليرة التركية 239 للشراء و244 للبيع، ومقابل الريال السعودي 439 للشراء و447 للبيع.
وبحسب مصادر «المرصد السوري»، فإن عدداً كبيراً من الصرافين الموجودين ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، توقفوا بشكل كامل عن بيع الدولار أو صرف العملات في ظل التخبط والانهيار الذي يشهده الاقتصاد السوري.
في حين تشهد مختلف المناطق السورية ارتفاعاً جنونياً لأسعار المواد الغذائية ومتواصلاً في ظل انهيار قيمة الليرة السورية المتواصل، وسط استياء شعبي كبير، لا سيما مع اقتراب تطبيق قانون العقوبات «قيصر».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.