أسماء الأسد تسحب ورقة الفقراء وجرحى الحرب من مخلوف

أسماء الأسد تسحب ورقة الفقراء وجرحى الحرب من مخلوف
TT

أسماء الأسد تسحب ورقة الفقراء وجرحى الحرب من مخلوف

أسماء الأسد تسحب ورقة الفقراء وجرحى الحرب من مخلوف

بث موقع رئاسة الجمهورية السورية، أمس، وقائع ورشة عمل، عقدتها زوجة الرئيس أسماء الأسد، أعلنت فيها عن إمساك القصر الرئاسي بملف جرحى القوات وتصحيح البرنامج الاقتصادي الخاص بهم.
وبدا واضحاً في حديث أسماء الأسد خلال ورشة العمل الخاصة عمن سمّتهم «جرحى الوطن»، أنها تسحب ورقة فقراء وجرحى النظام من يد ابن خال الرئيس ورجل الأعمال رامي مخلوف، التي سبق له التلويح بها في رسائله المصورة. وتحدثت أسماء الأسد عن إعادة تفعيل برنامج اقتصادي خاص بالجرحى و«تصحيح» الأخطاء التي شابته، وأـن ملف الجرحى بات تحت الإشراف المباشر من قبل القصر الرئاسي «حرصاً على إبقاء البوصلة الحقيقية لأي جهود تُبذل في هذا الإطار في اتجاهها الصحيح». واعترفت الأسد بوجود أزمة اقتصادية عميقة وأن الوضع «صعب»، متعهدةً بتقديم «منحة طارئة» لكل جرحى النظام، في الأيام القادمة. وهو ما سبق وطالب به رامي مخلوف في رسالتيه المسجلتين، عندما وجه خطابه إلى الأسد بأنه لن يتأخر عن تسديد المبالغ الكبيرة المطلوبة منه، إذا كانت ستذهب إلى «الفقراء». وتعيش أوساط عالم الأعمال في دمشق وضعاً مضطرباً مع تفاعل الخلافات بين النظام السوري ورجال الأعمال، والتي طفا منها على السطح الخلاف الأبرز بين الرئيس بشار الأسد وابن خاله رامي مخلوف. وفي الوقت الذي تفرض فيه الحكومة مخالفات باهظة على القطاع الخاص، شككت مصادر في المعارضة في أسباب وفاة رجل الأعمال غيث بستاني (32 عاماً) مالك مجموع «البستاني» التجارية، يوم الجمعة الماضي، بعد أن جاء في نعي العائلة أنه «توفي بنوبة قلبية»، إلا أن مصادر في المعارضة قالت إن البستاني، وهو مقرب من شقيق الرئيس ماهر الأسد وأحد أذرعه الاقتصادية، تمت تصفيته لرفضه سداد مبالغ مالية كبيرة طلبها النظام. والبستاني من رجال الأعمال الجدد الذيم ظهروا بشكل مفاجئ خلال سنوات الحرب.
في هذا السياق، تتحدث المصادر المطلعة في العاصمة السورية، عن فرض الحكومة في دمشق أرقاماً مالية ضخمة على الجامعات الخاصة «تحت بند مخالفات».
ويمر الاقتصاد السورية بأسوأ انتكاسة له عبر تاريخه مع التدهور السريع الحاصل في قيمة الليرة أمام الدولار الأميركي، الذي حطم عتبة 1600 ليرة سورية للدولار الواحد مساء السبت، ومن المتوقع أن تواصل الليرة تدهورها بعد الظهور الثالث لرامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري وأحد أعمدة النظام اقتصادياً منذ عقود ورئيس شركة «سيريتل» التي تملك نحو 70% من سوق الاتصالات في سوريا. إلى جانب العديد من الشركات الكبرى الأخرى والمدرج اسمه على القائمة الأميركية السوداء منذ عام 2008. وكان موقع قناة «الحرة» الأميركية قد نشر تقريراً عن لقاء رجل الأعمال سامر الفوز (46 عاماً)، مع الأسد، مؤخراً، وأنه ناقش معه مواضيع اقتصادية منها ملف شركات الاتصالات الخليوية ومشاريع تنموية، الأمر الذي أثار التساؤلات عن احتمال استبداله بمخلوف، داخل المشهد الاقتصادي للنظام السوري.
علماً بأن سامر الفوز الذي ظهر على ساحة الأعمال في سوريا مع بداية الحرب عام 2011 سارع إلى نفي لقائه الأسد مؤخراً.



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».