«فورمولا 1»: «كاوست» و«مكلارين» يعملان على تصميم سيارات سباق أفضل

«فورمولا 1»: «كاوست» و«مكلارين»  يعملان على تصميم سيارات سباق أفضل
TT

«فورمولا 1»: «كاوست» و«مكلارين» يعملان على تصميم سيارات سباق أفضل

«فورمولا 1»: «كاوست» و«مكلارين»  يعملان على تصميم سيارات سباق أفضل

يعتبر تحسين تصميم سيارات السباق الفاخرة، أحد التطبيقات المثيرة لديناميكا الموائع الحاسوبية، حسبما يرى الدكتور ماتيو بارساني، الأستاذ المساعد في قسم الرياضيات التطبيقية وعلم الحاسوب في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، الذي يعمل على إدماج وتوظيف خوارزميات الجيل التالي في عالم الواقع عبر شراكة مع فريق «مكلارين» لسباقات السيارات.
والخوارزميات هي مجموعة القواعد التي تستخدم لحل مسألة ما، وفي عالم البرمجة هي طرق التحليل والتفكير التي ينبغي اتباعها حتى تتمكن من كتابة الرموز بشكل صحيح.

سيارات «فورمولا 1»
يُطبِّق بارساني خبرته الحوسبية والرقمية لأجل مساعدة الفريق الذي يخوض سباق «فورمولا 1» على تحسين التصميم الديناميكي الهوائي لسياراته. ويعتبر هذا المشروع جزءاً من شراكة متعددة الجوانب وطويلة الأجل عُقدت عام 2018 بين «كاوست» وفريق مكلارين لسباقات السيارات.
وستعمل هذه الشراكة على تطوير تقنيات جديدة لتعزيز فريق «فورمولا 1» على المدى القصير، غير أن المركبات التقليدية، كالسيارات التي تجوب الطرق والخطوط الجوية التجارية، ستستفيد هي الأخرى من هذه التقنيات.
وينصب تركيز بارساني في مركز أبحاث الحوسبة الفائقة، التابع لـ«كاوست»، على تطوير خوارزميات مبتكرة وقوية ودقيقة وعالية المستوى لنمذجة تدفق الموائع (السوائل والغازات) حول الأجسام، لتشغيلها في هياكل الجيلين الحالي والتالي للحواسيب الفائقة. ويقول بارساني: «إننا نوسع حدود أبحاثنا عن طريق تطبيق خوارزمياتنا على شيء متقدم كسيارة فريق (فورمولا 1)». ومع الوضع في الاعتبار أن ما يفصل سيارات سباق «فورمولا 1» عن منافساتها هو محض كسور من الثانية في كل دورة، فإن كل تفصيلة صغيرة لها أهمية بالغة، متى تعلق الأمر بالبحث عن ميزة أدائية. ويفسر جوناثان نيل، مدير عمليات مجموعة مكلارين، الأمر قائلاً: «إنه للفوز بسباق (فورمولا 1) عليك أن تكون بارعاً في كل شيء».
ويُعد سباق «فورمولا 1» ساحة لاختبار مجالات متنوعة، كتصميم الوقود، وعلم المواد المركبة، وميكانيكا الموائع، وتصميم أجهزة الاستشعار. ويقول نيل: «يستحيل علينا أن نضاهي عمق المعرفة الموجودة في بعض هذه المجالات. والفِرَق والبطولات العظيمة تعتمد على الشراكات العظيمة».
ويضيف: «سيارة (فورمولا 1) التي تنحرف عند منعطف، تنطلق في الهواء المنحني فعليّاً، وهذا أمر يستحيل إنجازه في نفق هوائي، ومن الصعب جدّاً إنجازه في ديناميكا الموائع الحسابية». وهنا تتجلى خبرة بارساني في التحليل الرقمي وديناميكا الموائع الحسابية. والهدف هو إتاحة عمليات محاكاة ديناميكية هوائية أدق، تمثل الظواهر الفيزيائية تمثيلاً أفضل باستغلال قدرات الجيلين الحالي والتالي من الحواسيب الفائقة.

خوارزميات قوية وسريعة
يتلخص جوهر مشروع بارساني في خلق «شبكة» مفاهيمية، ثم استخدام خوارزميات قوية وعالية المستوى وشديدة الفاعلية، للمساعدة على توصيف تدفق الهواء حول جسم ما.
ويوضح بارساني أن تطوير شبكة لشكل بالغ التعقيد يعد بمثابة تحدٍ حقيقي. وبعد ذلك، هناك الخوارزمية المستقرة بشكل غير خطيِّ، التي يتعين تصميمها وتنفيذها بطريقة حوسبية عالية الأداء، وهو ما كان أمراً شديد الصعوبة حتى فترة قريبة؛ إذ كان الباحثون يبادرون بتكييف وتعديل خوارزميات مستقرة خطيّاً وعالية المستوى. غير أن الحسابات التي تتماشى مع هذه الخوارزميات المُعاد تعيين غرضها هشة؛ فمن الممكن أن «تنفجر» وتخفق في إعطائنا إجابة محددة. ويرى بارساني أنه نتيجة لذلك لم تتبنَ الصناعة قط تلك الخوارزميات.
ويقود بارساني واحداً من الفرق القليلة من نوعها حول العالم المعنية بابتكار خوارزميات قوية عالية المستوى خصيصاً لحل المعادلات التفاضلية الجزئية غير الخطية. ويقول: «تسعى الصناعة إلى أن تكون تلك الخوارزميات قوية وسريعة. ونحن نخطو خطى مهمة بسرعة نحو تحقيق عنصر القوة، وننفذ هذه الخوارزميات الجديدة القابلة للتكيف في إطار حوسبي عالي الأداء يعمل ببراعة على بعض أضخم الحواسيب الفائقة في العالم، بما في ذلك الحاسوب الفائق (شاهين XC40) التابع لـ(كاوست)». وسيقوم بارساني وفريق عمله بحلّ كثير من مشكلات الديناميكا الهوائية الاختبارية لضمان دقة الشفرة قبل استخدامها للمساعدة مستقبلاً في أي عملية إعادة تصميم للسيارة. ويقول: «هذا هو مستوى المنافسة في سباق (فورمولا 1)؛ حيث السعي من أجل مكاسب الأداء لا هوادة فيه».
من جهته، يقول نيل: «فور أن ننتهي من بناء سيارة، نكتشف أنها أمست عتيقة؛ لأن فريق البحث والتطوير يكون قد مضى قدماً، وجاء بالجديد». ويعد تأثير الانتشار التدريجي لسباق «فورمولا 1» سبباً رئيسيّاً للانخراط في هذه الرياضة، بحسب تصريح بارساني. يذكر أن أحزمة الأمان والمكابح المانعة للانغلاق ما هي إلا بعض التقنيات التي بدأت في هذا المضمار. ومن الممكن أن تتمثل التطبيقات التالية لنماذج بارساني في تصميم مكونات ديناميكية هوائية أكثر كفاءة للطائرات التجارية.



لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»