احتمال دورة ثانية للانتخابات يدخل تونس في سباق لاحترام أحكام الدستور

رباعي «الحوار الوطني» يجتمع اليوم للتشاور بتمسك المرزوقي بتكليف رئيس الحكومة الجديد

الرئيس التونسي المرزوقي يصوت في سوسة أمس (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي المرزوقي يصوت في سوسة أمس (أ.ف.ب)
TT

احتمال دورة ثانية للانتخابات يدخل تونس في سباق لاحترام أحكام الدستور

الرئيس التونسي المرزوقي يصوت في سوسة أمس (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي المرزوقي يصوت في سوسة أمس (أ.ف.ب)

على ضوء النتائج التي ستفرزها عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية التي جرت أمس في تونس سيتقرر ما إذا كانت ستجري دورة ثانية لهذه الانتخابات من عدمها. ففي صورة حصول أحد المرشحين الـ27 الذين خاضوا غمار هذه الانتخابات على 50 في المائة زائد صوت واحد من الأصوات المصرح بها يكون الأمر قد حسم، وتكون تونس قد اختارت رئيسها. أما في حالة عدم حصول أي من المرشحين على هذه النسبة من الأصوات فسيكون على الناخبين العودة من جديد إلى صناديق الاقتراع للحسم بين المرشحين الاثنين اللذين سيفوزان بالمرتبة الأولى والثانية.
ويرى الكثير من المراقبين والخبراء أن سيناريو إجراء دورة ثانية للانتخابات الرئاسية سيدخل تونس في سباق مع الوقت باعتبار أن هذه الدورة الثانية يجب أن تنتظم نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل وذلك وفقا لما تنص عليه الأحكام الانتقالية في الدستور التونسي الجديد والتي تفرض أن تجري كل الاستحقاقات الانتخابية قبل موفى السنة الحالية 2014.
ومن المنتظر أن يقع الإعلان عن النتائج الأولية لدورة الانتخابات الرئاسية التي جرت أمس في غضون 72 ساعة من توقيت غلق آخر مركز اقتراع (على الساعة الثانية من صباح الاثنين بالتوقيت المحلي). وكان شفيق صرصار، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، رجح في تصريحات إعلامية أن يقع الإعلان عن النتائج بعد 48 ساعة من انتهاء عمليات التصويت أي مساء يوم غد (الثلاثاء). كما اعترف صرصار بأنه «في صورة المرور إلى دورة ثانية فسيكون هناك عامل ضغط الوقت لاحترام أحكام الدستور وحتمية إجراء الدورة الثانية قبل نهاية السنة الحالية. أما النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية التي جرت أمس فسيقع الإعلان عنها بعد إصدار المحكمة الإدارية التونسية أحكامها النهائية والباتة في الطعون التي قد تقدم لها بعد الدورة الأولى. وعلى ذلك لن يكون بالإمكان الإعلان عن موعد محدد للدورة الثانية للانتخابات إلا بعد صدور الأحكام النهائية للمحكمة الإدارية». ويرجح أن تجري الدورة الثانية في صورة عدم فوز أي مرشح من الدور الأول يوم 28 ديسمبر من السنة الحالية وفق مصادر من هيئة الانتخابات تحدثت إليها «الشرق الأوسط».
وترجح الكثير من الجهات أن تجري دورة ثانية للانتخابات بين المنصف المرزوقي الرئيس الحالي والباجي قائد السبسي زعيم حزب نداء تونس، في حين لا تستبعد أوساط أخرى حدوث مفاجأة ويقصدون بذلك فوز الباجي قائد السبسي منذ الدور الأول.
على صعيد آخر، أعلن الرئيس التونسي المرزوقي أنه وجه رسالة إلى السبسي، الذي فاز حزبه بالانتخابات التشريعية الأخيرة، تتضمن دعوة لاقتراح الشخصية التي سيتم تكليفها بشكل رسمي لتشكيل الحكومة، وذلك في أجل لا يتجاوز الأسبوع. وأوضح المرزوقي في لقاء مع قناة تلفزيونية تونسية خاصة بث مساء الجمعة الماضي أنه قام بـ«توجيه هذه الرسالة في إطار ما ينص عليه الدستور، وما تفرضه عليه مهامه رئيس للجمهورية من احترام للدستور».
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة قريبة من الرباعي الراعي للحوار الوطني، أن جلسة جديدة من الحوار ستعقد اليوم بحضور رؤساء أبرز الأحزاب التي شاركت في الحوار للنظر في هذه المسألة. ويخشى الكثير من المراقبين أن يتسبب هذا الخلاف في نشوب أزمة سياسية في تونس بين حزب نداء تونس الفائز بالأغلبية في البرلمان الجديد والرئيس المرزوقي.
وكان حزب نداء تونس وعدد من الأحزاب الأخرى قد طالبوا بأن يتولى الرئيس المنتخب الجديد القيام بتكليف رئيس الحكومة وليس الرئيس الحالي المرزوقي. ومثلت هذه المسألة نقطة خلاف ليس فقط بين القوى السياسية، بل بين الخبراء القانونيين في تونس حيث اختلفت القراءات بشأنها. وقد تم عرض هذه المسألة على الحوار الوطني الذي ترعاه 4 منظمات مدنية هي نقابة العمال واتحاد الأعراف وهيئة المحامين ومنظمة الدفاع عن حقوق الإنسان خلال جلسة عقدت نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ووقع الاتفاق حينها بالإجماع على أن يتولى هذه المهمة الرئيس المنتخب لا الرئيس الحالي.



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.