شكوك حول إنتاج لقاحات تعزز العلاج بـ«الأجسام المضادة»

شركة أميركية تتحدث عن استخدامه للتحصين ضد «كوفيد ـ 19»

شكوك حول إنتاج لقاحات تعزز العلاج بـ«الأجسام المضادة»
TT

شكوك حول إنتاج لقاحات تعزز العلاج بـ«الأجسام المضادة»

شكوك حول إنتاج لقاحات تعزز العلاج بـ«الأجسام المضادة»

يبدو أن الخيار الأقرب لمواجهة فيروس «كورونا» سيكون العلاج بالأجسام المضادة، بعد أن باتت التوقعات الأكثر تفاؤلاً بالوصول للقاح تتحدث عن أواخر العام الجاري، فيما يرى آخرون –وهم كثر- أن الأمر سيستغرق أكثر من ذلك بكثير، وقد يصل إلى حد الاستحالة عند آخرين.
وبينما تحوم الشكوك حول اللقاح، أعلنت شركة أميركية عن نجاحها في الوصول إلى علاج بالأجسام المضادة يمكن أن يستخدم كعلاج للمصابين، كما يمكنه أن يؤدي نفس وظيفة اللقاح في التحصين ضد الفيروس، بما يمكّن الدول من تخفيف القيود دون خوف، ومن دون إجراءات التباعد الاجتماعي. وتوفير الأجسام المضادة في علاج يختلف عن الطريقة الشهيرة، التي يعود تاريخها لأكثر من مائة عام، والمتعلقة باستخدام بلازما المتعافين من الفيروس التي تتضمن الأجسام المضادة. ولا تتوفر بلازما المتعافين بكميات كبيرة، ولذلك يكون استخدامها مقصوراً على علاج المصابين، ولكن الطريقة الأحدث، وهي العلاج بالأجسام المضادة، تتيح إمكانية الإنتاج بكميات كبيرة تسمح باستخدام العلاج للتحصين ضد الفيروس.

وتقول شركة «سورينتو ثيرابيوتكس» الأميركية، التي تقوم على تطوير هذا العلاج في تقرير نشرته أول من أمس، شبكة «فوكس نيوز»، إنه من خلال فحصها واختبارها مليارات الأجسام المضادة التي تم جمعها على مدى العقد الماضي، استطاعت تحديد مئات المرشحين المحتملين للأجسام المضادة التي يمكن أن تربط نفسها ببروتينات فيروس «كورونا المستجد» بنجاح. وتضيف الشركة التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً لها، أن باحثيها وجدوا أن اثني عشر من هذه الأجسام المضادة أظهرت القدرة على منع بروتينات السنبلة (بروتينات الفيروس) من الالتصاق بالإنزيم البشري (ACE2)، وهو المستقبِل الذي يستخدمه الفيروس عادةً لدخول الخلايا البشرية، ومن خلال المزيد من الاختبارات، وجدوا أن هناك جسماً مضاداً معيناً (STI - 1499) أظهر فاعلية بنسبة 100% في منع الفيروس من إصابة الخلايا الصحية.
ويقول د. هنري جي، المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة: «عندما يمنع الجسم المضاد الفيروس من دخول خلية بشرية، لا يمكن للفيروس البقاء على قيد الحياة، وإذا لم يتمكن من دخول الخلية، فلا يمكنه التكاثر، لذا فهذا يعني أنه إذا منعنا الفيروس من الحصول على الخلية، فإن الفيروس يموت في نهاية المطاف، ويزيل الجسم ذلك الفيروس». ويُشبّه جي الجسم المضاد بأنه مثل شخص وضع ذراعيه حول الفيروس، وقام بلفهما حوله، لإخراجه من الجسم، ويقول: «يمكن استخدامه كعلاج وقائي لأنه لا توجد له آثار جانبية، ويمكن أن يكون أكثر فاعلية من أي لقاح يتم تطويره». ويضيف: «هذا هو الحل الأفضل، فالهدف من صنع اللقاح هو تحفيز الجسم لإنتاج أجسام مضادة للفيروس، لذا إذا كان لديك بالفعل واحد، فلن تحتاج إلى الجسم لتوليد واحد من اللقاح، لأنك قدمته بالفعل دون الحاجة إلى وسيط».
من جهته، يقول د. مارك برونزويك، النائب الأول لرئيس شركة «سورينتو»، إن تطوير علاجات الأجسام المضادة قد تكون أكثر فاعلية في مكافحة الفيروس بسرعة. وبينما يمكن أن يستغرق الوصول للقاح ما يصل إلى 18 شهراً، يمكن أن يصبح العلاج بالأجسام المضادة متاحاً في وقت أقل بكثير. وتحدثت الشركة عن قدرتها على تقديم ما يصل إلى 200 ألف جرعة شهرية، ويتطلعون إلى إنتاج عشرات الملايين أخرى لتلبية الطلبات المتوقعة.
وعن الآلية التي يتم من خلالها عزل الأجسام المضادة لاستخدامها في العلاج، تقول د.نجوى البدري، مدير مركز التميز لأبحاث الخلايا الجذعية بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن الطريقة الأشهر هي حقن الفيروس في الفئران، بما يؤدي لإنتاج أجسام مضادة، وتُجرى أبحاث للوصول إلى الخلية التي تنتج الجسم المضاد الأكثر فاعلية في العلاج، ثم يتم عزل هذه الخلية من الفئران ووضعها في وسط شبيه بالجسم بعد إعطائها خصائص سرطانية حتى تظل تتكاثر، وتكون بمثابة مصنع لإنتاج الأجسام المضادة المطلوبة.
وتوضح البدري أن الفارق الأساسي بين هذه الطريقة والعلاج بالبلازما هو التخصص، فبروتينات البلازما تحتوي على عشرات الأجسام المضادة التي تتعامل مع الآلاف من مسببات الأمراض، بينما في هذه الطريقة، فإن الجسم المضاد يتعامل مع فيروس «كورونا المستجد» تحديداً عن طريق منع بروتينات الفيروس من الالتصاق بالإنزيم البشري (ACE2)، وهو المستقبل الذي يستخدمه الفيروس لدخول الجسم.
وتتوقع د. البدري أن ينضم هذا العلاج قريباً إلى 79 علاجاً آخر بالأجسام المضادة معتمداً من هيئة الغذاء والدواء الأميركية، ومخصصاً لمواجهة أمراض أخرى.
وحول فرص نجاح هذا العلاج، يقول د. تامر سالم، أستاذ العلوم الطبية الحيوية بمدينة زويل، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأساس العلمي الذي يستند إليه صلبٌ، حيث يوجد نوعان من المناعة، إما سلبية يتم منحها للجسم من خلال أجسام مضادة لم يتم تخليقها داخله، وإما إيجابية يكوّنها الجسم من خلال تعرضه للمرض، بما يساعد على إنتاج أجسام مضادة بشكل طبيعي، أو بمنحه لقاحاً يتضمن جزءاً من الفيروس، لتحفيز الجسم على إنتاج الأجسام المضادة. والمبدأ في كلا النوعين واحد، وهو أن الأجسام المضادة توفر الحماية للجسم، ولكن الفارق سيكون في أن المناعة الإيجابية أكثر استمراراً، لأن الجسم تكون لديه ذاكرة مناعية، تساعده في التعرف على الفيروس لفترات أطول، بينما في المناعة السلبية يحتاج إلى جرعة تنشيطية من حين لآخر. ويضيف: «ما لم تجب التقارير المتداولة حول هذا العلاج عنه حتى الآن، هو المدى الزمني لاستمرارية هذا العلاج، وإن كنت أتوقع أن يكون علاجاً موسمياً مثل لقاح الإنفلونزا، وقد تحتاج الشركة المنتجة إلى تغييره كل عام إذا حدث تحور للفيروس، وهذا أمر من الوارد حدوثه».
وأُجريت التجارب على هذا العلاج معملياً عن طريق خلايا تمت إصابتها بالفيروس، ثم تم استخدام العلاج لمراقبة تأثيره على تلك الخلايا، ويحتاج اعتماد هذا العلاج إلى مراحل تالية من التجارب الحيوانية والسريرية التي يتوقع د. سالم أن تمر بشكل سريع، لأن مثل هذه النوعية من الأدوية ليست لها تأثيرات جانبية يخشى تأثيرها. ويقول: «هذا الدواء إما أن يكون فاعلاً وإما أن يكون غير فاعل، وفي حال عدم فاعليته، فلن تكون له أضرار جانبية».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
TT

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)

أعلن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان، الخميس، إنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت مجموعة السبع أن الانتقال السياسي بعد نهاية الحكم الاستبدادي، الذي دام 24 عاماً لبشار الأسد، يجب أن يضمن «احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

وطالبت المجموعة أيضاً بضرورة «محاسبة نظام الأسد».

وأضاف البيان: «ستعمل مجموعة السبع مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير، وتكون نتاج هذه العملية، وتدعمها بشكل كامل».

كما دعا القادة «كل الأطراف» إلى «الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، ووحدتها الوطنية، واحترام استقلالها وسيادتها».