محكمة إيرانية تقضي بسجن باحثة فرنسية 6 سنوات

فشل رهان باريس على استثمار علاقتها بطهران لتأمين الإفراج عن فاريبا عادلخواه

الباحثة الإيرانية - الفرنسية فاريبا عادلخواه (أ.ف.ب)
الباحثة الإيرانية - الفرنسية فاريبا عادلخواه (أ.ف.ب)
TT

محكمة إيرانية تقضي بسجن باحثة فرنسية 6 سنوات

الباحثة الإيرانية - الفرنسية فاريبا عادلخواه (أ.ف.ب)
الباحثة الإيرانية - الفرنسية فاريبا عادلخواه (أ.ف.ب)

بعد عام كامل على القبض عليها في منزل عائلتها في طهران بداية يونيو (حزيران) الماضي، قضت محكمة إيرانية بالسجن خمس سنوات على الأكاديمية الإيرانية - الفرنسية، فاريبا عادلخواه، وإدانتها بتهمة «التواطؤ للمساس بالأمن القومي». كذلك صدر حكم آخر بحبسها عاماً إضافياً بتهمة «القيام بالدعاية ضد النظام» السياسي للجمهورية الإسلامية، في إشارة إلى كتاباتها ودراساتها الأنثروبولوجية التي خصصت جزءاً كبيراً منها للمذهب الشيعي.
وأفاد محاميها الإيراني سعيد دهقان، وفق ما نقلت عنه الوكالات، بأن المحكوم عليها تنوي استئناف الحكم، وفي حال ثبت عليها الحكمان فإنها سيتعين عليها أن تنفذ «فقط» الحكم الأطول مدة. ونقل عنه أيضاً أن الإفراج عن رولان مارشال، رفيق دربها في شهر مارس (آذار) الماضي، يسمح باستئناف الحكم ضد تهمة «التجمع والتواطؤ للمساس بالأمن القومي»، مشيراً إلى أن مثل هذه التهمة تحتاج إلى «تورط شخصين على الأقل».
ونددت فرنسا أمس بلسان وزير خارجيتها، بالحكم الذي وصفته بأنه «سياسي»، مؤكدة أنها تواصل مساعيها لإطلاق سراح الباحثة. وقال جان إيف لودريان في بيان صحافي: «إن هذا الحكم لا يستند إلى أي عنصر جدي أو حقيقة مثبتة، وبالتالي فهو ذو طبيعة سياسية». وأضاف: «أندد بأكبر قدر من الشدة» بهذا الحكم، مطالباً «السلطات الإيرانية بالإفراج فوراً عن عادلخواه» وبأن تضمن لها حق التواصل مع ممثل للدبلوماسية الفرنسية.
ويأتي الحكم المشدد على عادلخواه ليبين بشكل واضح فشل كل المحاولات الدبلوماسية التي قامت بها السلطات الفرنسية على أعلى المستويات، بما فيها على مستوى الرئيس إيمانويل ماكرون، لحمل المسؤولين في طهران على إخلاء سبيل الباحثة الأنثروبولوجية التي تتمتع بسمعة علنية جيدة، بين الأوساط العلمية الفرنسية والأوروبية. وأكثر من ذلك، فإن عادلخواه، البالغة من العمر60 عاماً، ليست معروفة بكونها شخصية معارضة للنظام، والدليل على ذلك أنها كانت تقيم لفترات طويلة في طهران مع عائلتها التي لم تغادر إيران. وجل ما حصلت عليه باريس هو مبادلة رفيق دربها وزميلها في العمل الباحث رولان مارشال، الذي اعتقل في اليوم نفسه لدى وصوله إلى مطار طهران الدولي لزيارتها، بمهندس إيراني متخصص في الألياف البصرية كان معتقلاً في فرنسا بناء على طلب واشنطن التي تتهمه بالعمل، بشكل غير مباشر، لمصلحة البرنامج النووي الإيراني، وتطالب بتسليمه.
وأطلق سراح جلال روح الله نجاد في عملية تبادل في 21 مارس الماضي مع مارشال، رغم الضوء الأخضر الذي أعطته محكمة فرنسية للحكومة بتسليمه إلى الجانب الأميركي. وكان نجاد قد اعتقل في مطار نيس في شهر فبراير (شباط) 2019، لدى وصوله من موسكو.
وعقب عودة مارشال، المتخصص في دراسات شرق أفريقيا وجنوب الصحراء، جاء في بيان صادر عن قصر الإليزيه، أن الرئيس ماكرون «يحث السلطات الإيرانية على الإفراج الفوري عن مواطنتنا فاريبا عادلخواه» واعتبرت باريس دوماً أن اعتقال عادلخواه «أمر غير مقبول، ويجب أن ينتهي بسرعة».
ووفق مصادر متابعة للملف، فإن باريس كانت على تواصل مع الرئيس روحاني والحكومة الإيرانية، إلا أنهما «ليستا الجهة الصالحة؛ لأن الباحثة مزدوجة الجنسية كانت موقوفة لدى (الحرس الثوري) في سجن إيفين الواقع شمال طهران»، وأصدرت عليها الحكم الغرفة 15 التابعة للمحاكم الثورية.
يبدو، بعد صدور الحكم، أن رهان باريس على مواقفها المتفهمة لإيران في الملف النووي، وعلى الجهود التي بذلتها لتفعيل آلية التبادل المالية ومساعدة طهران على الالتفاف جزئياً على العقوبات الأميركية، لم تجدِ نفعاً.
وتجدر الإشارة إلى أهمية المبادرات التي قام بها الرئيس ماكرون خلال قمة السبع في منتجع بياريتز، نهاية أغسطس (آب) الماضي، ثم خلال انعقاد أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر (أيلول)، ومحاولاته تنظيم لقاء بين الرئيسين الأميركي والإيراني.
ورغم أنها لم تفلح، فقد كان من المفترض أن تلاقيها طهران ببادرة إيجابية في ملف عادلخواه؛ لكن أمراً كهذا لم يحصل، ولم يتبقَّ لباريس سوى انتظار استئناف المحاكمة، وتلمس حكم أقل قساوة على الباحثة. وتعتبر اللجنة الداعمة لها أن الاتهامات المساقة بحقها لا أساس لها من الصحة. كذلك تبدي اللجنة مخاوف من تردي صحة عادلخواه التي نفذت إضراباً عن الطعام دام حوالي أـربعين يوماً، ولم توقفه إلا بناء على الضغوط التي تعرضت لها من اللجنة.
لم يكشف محامي عادلخواه تفاصيل مجريات المحاكمة؛ إلا أن البروفسور جان فرنسوا بايار، وهو زميل سابق للباحثة الإيرانية – الفرنسية، ويعمل حالياً في المعهد العالي للدراسات الدولية في جنيف، أفاد في حديث إذاعي أمس، بأن القضاء الإيراني اقترح عليها «صفقة» قوامها إخلاء مشروط مقابل «أن تتخلى عن أبحاثها، وربما أيضاً عن جنسيتها الإيرانية». وبحسب بايار، فإن عادلخواه رفضت الصفقة، ما أفضى إلى الحكم المشدد الذي صد ر بحقها.
ولا تعترف طهران بازدواجية الجنسية، وتعتبر كل الحاملين لها مواطنين إيرانيين. من هنا، نددت طهران بشكل دائم بـ«التدخلات الفرنسية في الشؤون الداخلية لإيران وفي نظامها القضائي». وكثيرون في الغرب ينظرون إلى نهج القبض على الباحثين الغربيين في إيران على أنه وسيلة ابتزاز ومبادلة، وهو ما حصل في عديد من المرات في السنوات الأخيرة.
وقال بايار منسق لجنة الدعم، في تعليق لإذاعة «فرنس إنفو» إن الحكم «سياسي إن لم أقل إنه آيديولوجي» مندداً بالظروف التي جرت المحاكمة بموجبها، والتي لا تحترم المعايير الدولية، ولذا فإن «الحكم ليس قضائياً؛ بل هو سياسي بامتياز». وندد بايار بالآيديولوجيا الإيرانية التي تنظر بتشكيك إلى الأبحاث العلمية، ومنها التي قامت بها عادلخواه، وتراها معادية لها.
ولدى سؤاله عن الاستئناف، أبدى بايار تحفظه بالنظر لاعتبارات عديدة تتناول حصول المحاكمة، وغياب أي دور حقيقي للمحامي، مشيراً إلى أن مارشال أدين بالسجن من غير أن يرى القاضي، أي من غير محاكمة. أما بالنسبة لتدخل الحكومة الفرنسية، فقد رفض الخوض في التفاصيل.
وكانت اللجنة تنوي الدعوة لتجمع لدعم عادلخواه، كما فعلت عدة مرات في فرنسا وسويسرا، إلا أن التدابير الخاصة بوباء «كورونا» تمنع ذلك، فاستبدلته بـه «تجمعاً» عبر وسائل التواصل الاجتماعي.



إيران توقف زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده

المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)
المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

إيران توقف زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده

المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)
المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)

أوقفت السلطات الإيرانية، اليوم الجمعة، رضا خندان زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده التي اعتُقلت عدة مرات في السنوات الأخيرة، بحسب ابنته ومحاميه.

ونشرت ابنته ميراف خاندان عبر حسابها على موقع «إنستغرام»: «تم اعتقال والدي في منزله هذا الصباح». وأكد محاميه محمد مقيمي المعلومة في منشور على منصة «إكس»، موضحاً أن الناشط قد يكون أوقف لقضاء حكم سابق.

ولم ترد تفاصيل أخرى بشأن طبيعة القضية أو مكان احتجازه، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأوقفت زوجته ستوده البالغة 61 عاماً والحائزة عام 2012 جائزة «ساخاروف» لحرية الفكر التي يمنحها البرلمان الأوروبي، آخر مرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أثناء حضورها جنازة أرميتا غاراواند التي توفيت عن 17 عاماً في ظروف مثيرة للجدل. وكانت دول أوروبية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد أعربت عن دعمها للمحامية التي أُطلق سراحها بعد أسبوعين.

وقد دافعت عن العديد من المعارضين والناشطين، من بينهم نساء رفضن ارتداء الحجاب الإلزامي في إيران، وكذلك مساجين حُكم عليهم بالإعدام بسبب جرائم ارتكبوها عندما كانوا قاصرين. وكان زوجها يساندها باستمرار، ويطالب بالإفراج عنها في كل فترة اعتقال. ويأتي توقيفه فيما من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في الأيام المقبلة قانون جديد يهدف إلى تشديد العقوبات المرتبطة بانتهاك قواعد اللباس في إيران.

وقالت منظمة العفو الدولية في تقرير إن النساء قد يواجهن عقوبة تصل إلى الإعدام إذا انتهكن القانون الرامي إلى «تعزيز ثقافة العفة والحجاب».