«داعش» يضرب في «حزام بغداد» وتحضيرات لعملية كبرى ضده

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي يرتدي زي {الحشد} خلال زيارته لمقر هيئته في بغداد أمس (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي يرتدي زي {الحشد} خلال زيارته لمقر هيئته في بغداد أمس (رويترز)
TT

«داعش» يضرب في «حزام بغداد» وتحضيرات لعملية كبرى ضده

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي يرتدي زي {الحشد} خلال زيارته لمقر هيئته في بغداد أمس (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي يرتدي زي {الحشد} خلال زيارته لمقر هيئته في بغداد أمس (رويترز)

واصل تنظيم «داعش» شن هجماته الليلية التي أطلقت عليها منصاته الإعلامية «غزوات رمضان»، لتضرب في مناطق مختلفة شمال وغرب العراق، وصولاً إلى منطقة الطارمية التي هي إحدى مناطق ما يسمى حزام أو سور بغداد. ففي عملية هي الأولى من نوعها منذ شهور، تسلل عناصر من هذا التنظيم إلى إحدى القرى ضمن هذه المنطقة التي تقع شمال العاصمة، ليقوم باختطاف أحد منتسبي قوى الأمن هناك، ومن ثم نحره، في محاولة من التنظيم لإظهار عنصر القوة والمباغتة لديه.
وهذه العملية التي وقعت فجر أمس تزامنت مع سلسلة من العمليات في ديالى وصلاح الدين، لا سيما قطاع سامراء. وأظهرت صور قيام تنظيم «داعش» بنحر 4 من عائلة واحدة في إحدى قرى سامراء، فجر أمس أيضاً. ومن الطارمية بالقرب من بغداد وسامراء شماليها، شن «داعش» هجوماً الليلة قبل الماضية استهدف نقطة تفتيش أمنية في الدجيل شمال شرقي بغداد، أسفرت طبقاً لمصدر أمني عن سقوط قتلى وجرحى لم يذكر المصدر، ولا جهة حكومية أخرى، عددهم. وفي شمال ديالى، وطبقاً لما أعلنته «هيئة الحشد الشعبي»، قتل وأصيب 10 من «الحشد» في هجوم إرهابي. وطبقاً لبيان عن الهيئة، فإن الهجوم أسفر عن مقتل 4 وجرح 6 آخرين في قرية الميتة بناحية العظيم.
إلى ذلك، أطلق الجيش العراقي ومديرية شرطة محافظة ديالى، شرق العراق، عملية عسكرية جنوب قضاء بهرز لملاحقة عناصر «داعش». وقال بيان لخلية الإعلام الأمني إن «قطعات قيادة عمليات ديالى، المتمثلة بفرقة المشاة الخامسة للجيش العراقي ومديرية شرطة ديالى، تباشر بعمليات تفتيش مناطق جنوب بهرز، وتنفيذ أوامر إلقاء القبض على المطلوبين، وملاحقة بقايا عصابات (داعش) الإرهابية، فضلاً عن تعزيز الأمن والاستقرار هناك».
لكن عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي بدر الزيادي أكد، من جهته، أن الأيام المقبلة ستشهد انطلاق عملية أمنية واسعة لملاحقة عناصر «داعش» في المناطق التي ظهروا فيها. وقال الزيادي، في تصريح، إن «زمر (داعش) الإرهابية بدأت خلال الفترة القريبة الماضية بعمليات هنا وهناك بغية خلق فوضى أمنية، لكننا اليوم، وبعد التصويت على الحكومة الجديدة، المتضمنة وزيري الدفاع والداخلية، فإن هنالك خطوات سيتم المضي بها لاستئصال تلك البؤر وخلاياهم النائمة من مناطقنا»، مبيناً أن «هناك كثيراً من البؤر للتنظيم الإرهابي موجودة في المناطق التي ظهر فيها سابقاً، وقسم من أعضائه يتحركون بأسماء وهمية في تلك المناطق».
وبين الزيادي أن «العمليات المرتقبة في المناطق التي ظهرت بها الزمر الإرهابية هي بانتظار إعلان ساعة الصفر لانطلاقها، بعد اكتمال جميع الإجراءات لها، وستشترك فيها قواتنا الأمنية وطيران الجيش، وستكون ضربة قوية لسحق التنظيم الإرهابي وجميع الأوكار، وستتم محاسبة المتورطين بإيواء زمر هذا التنظيم الإرهابي»، موضحاً أن «هناك قاعدة بيانات ومعلومات دقيقة جداً عن جميع زمر تلك الجماعات الإرهابية، وتحركاتهم وتحركات قياداتهم، ومن بينهم الزمر التي دخلت من سوريا خلال الفترة السابقة».
إلى ذلك، وبينما قلل الخبير الأمني الدكتور هشام الهاشمي من خطورة العمليات التي يقوم بها تنظيم «داعش» حالياً في عدد من المناطق في العراق، وهي مناطق معروفة منذ البداية بأنها مناطق رخوة أصلاً، فإن النائب عن محافظة ديالى برهان المعموري، والنائب عن صلاح الدين شعلان الكريم، أكدا أن تنظيم «داعش» بدأ ينشط في مناطق مختلفة، ويمثل تهديداً جدياً ينبغي مواجهته بحزم. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، يقول الهاشمي إن «تنظيم (داعش)، بعد هزيمته العسكرية أواخر عام 2017، لم يعد يمكن له أن يمثل خطراً في العراق، على صعيد احتلال مدن أو تغيير معادلة، لكنه يستغل الفوضى هنا أو هناك، ويقوم بعمليات لا تغير من الواقع على الأرض».
ويضيف الهاشمي أن «المرحلة المقبلة سوف تشهد تحولاً مهماً على صعيد مواجهته، خصوصاً على مستوى جهاز مكافحة الإرهاب الذي سيلعب دوراً مهماً في مقاتلة وهزيمة هذا التنظيم بعد تسلم الفريق عبد الوهاب الساعدي رئاسة الجهاز المعروف بقدراته القتالية وجهوزيته العالية».
ومن جهته، يرى شعلان الكريم في حديث مع «الشرق الأوسط» أن «الوضع في محافظة صلاح الدين خطير، ويتطلب معالجة حقيقية شاملة، حيث إن الوقائع على الأرض تؤكد ذلك، خصوصاً شمال سامراء وما حولها»، مبيناً أن «تنظيم (داعش) قام بعدة عمليات في هذه المناطق أدت إلى مقتل مواطنين أبرياء في بعض القرى».
وأوضح الكريم أن «هجمات (داعش) أصبحت في الواقع أكثر شراسة، وسط وهن وضعف من قبل الجهات المسؤولة عن أمن تلك المناطق، وبالتالي فإن الأوضاع تتطلب إعداد خطط مواجهة جديدة، وإرسال تعزيزات عسكرية، فضلاً عن تدعيم الجهد الاستخباري، لا سيما أن لدى التنظيم خططاً للقيام بهجمات جديدة».
وبدوره، يرى المعموري أن «المشكلة هي أن هناك من يستخف ويستهين بنشاط (داعش) أو خطره، وهو ما يعمل هذا التنظيم الإرهابي على استغلاله لصالحه للقيام بعمليات هنا وهناك في مناطق مختلفة من ديالى». ويضيف أن «الحاجة باتت مطلوبة لكي يأخذ القائد العام إجراءات فعالة على صعيد الأوضاع في هذه المحافظة، عبر إرسال تعزيزات عسكرية، وسد كل الثغرات التي يمكن أن ينفذ منها (داعش)، لا سيما أن هناك مناطق رخوة تحتاج إلى جهود استثنائية لتعزيزها بقطعات عسكرية».


مقالات ذات صلة

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

المشرق العربي حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة... وتحولت التطورات في سوريا إلى مادة للسجال بين إردوغان والمعارضة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.