لبنان ينزلق نحو «تصريف الأعمال» مع موالاة مفككة ومعارضة مبعثرة

TT

لبنان ينزلق نحو «تصريف الأعمال» مع موالاة مفككة ومعارضة مبعثرة

تتخوف حكومة الرئيس حسان دياب من انهيار الإنجاز الذي حقّقته في مكافحة فيروس «كورونا» بسبب التفلُّت الناجم عن تمرّد لبنانيين على الإجراءات الوقائية التي اتخذتها وزارة الصحة التي بادرت إلى عزل بعض البلدات والقرى لمنع تمدّد هذا الوباء إليها فيما تحاول الوصول إلى تفاهم مع صندوق النقد الدولي لتمويل خطة التعافي المالي.
ويبدو أن الوصول إلى هذا التفاهم لن يكون في متناول اليد في المدى المنظور ما لم يتحضّر الوفد اللبناني المفاوض لإقناع الصندوق برزمة الإصلاحات المالية والإدارية، خصوصاً أن انطلاق المفاوضات شهد تبايناً بين أعضاء الوفد.
لكن المشهد السياسي لن يتبدّل بكبسة زر في ظل وجود موالاة مفكّكة أفقدت الحكومة الحد الأدنى من الانسجام بين أعضائها، ليس بسبب الاشتباك السياسي بين زعيم تيار «المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية من جهة ورئيس الجمهورية ميشال عون و«التيار الوطني الحر» برئاسة النائب جبران باسيل من جهة أخرى، إنما لتمادي الخلاف حول التشكيلات القضائية وبناء معمل في قضاء البترون لتوليد الكهرباء، إضافة إلى التعيينات الإدارية التي ما زالت متعثّرة بسبب الخلافات على تقاسم الحصص.
كما أن وضع المعارضة ليس أفضل حالاً من الموالاة، وهي تعاني حالياً من الخلاف بين زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع والذي يحول دون توحيدها.
وتعذّر توحيد المعارضة يقف عائقاً أمام تطبيع العلاقة بين الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي لقي تفهُّما من زعيم «المستقبل» للدوافع التي أملت عليه لقاء عون بدعوة منه لقطع الطريق على إحداث فتنة درزية - مسيحية في الجبل.
وتعود أسباب القطيعة بين الحريري وجعجع إلى خليط يجمع بين الشخصي والسياسي بلغ ذروته بعدم تسمية «القوات» الحريري لتولّي رئاسة الحكومة قبل أن يعلن عزوفه عن الترشُّح.
وبالنسبة إلى العلاقة بين القوى التي تتشكّل منها الموالاة ورافعتها «حزب الله» لا بد من التساؤل عما إذا كان في مقدور الرئيس عون أن يستعيد زمام المبادرة لجهة إعادة تعويم العهد مع دخوله النصف الثاني من ولايته الرئاسية أم أن البلد قد أوشك على الدخول في مرحلة تصريف الأعمال.
ويقول مصدر سياسي إن رئيس المجلس النيابي نبيه بري قرر اتباع سياسة «المساكنة الإيجابية» مع الرئيس عون مع حفاظه على تحالفه الاستراتيجي مع «حزب الله»، إضافة إلى أنه يقيم علاقة وطيدة مع الحريري وجنبلاط الذي لا يحبّذ الدخول في جبهة تتكون منها المعارضة ويفضّل أن يكون التنسيق بين أطرافها هو البديل.
ويلفت المصدر نفسه إلى أن تفكّك الموالاة يعود بالدرجة الأولى إلى باسيل الذي بادر منذ انتخاب عون إلى حرق المراحل لخدمة طموحاته الرئاسية وهو يصر الآن على استخدام نفوذه في معظم إدارات الدولة لتعزيز وضعه كمرشح للرئاسة من دون أن يبادر عون إلى كبح جماحه الرئاسي رغم أنه تسبب له في مشكلات مع الحلفاء والخصوم على السواء.
ويقول المصدر إن باسيل لم ينفك عن التصرّف وكأنه «الرئيس الظل»، واصطدم في أكثر من محطة مع الرئيس بري وأحياناً مع «حزب الله» الذي يطلب من عون التدخُّل لضبط إيقاعه، كما انقلب على التسوية التي أبرمها الحريري مع عون قبل انتخابه رئيساً للجمهورية رغم أن قيام زعيم «المستقبل» بهذه الخطوة لم يكن موضع ترحيب من قبل معظم النواب في كتلته النيابية ومحازبيه، لكنه رأى فيها المعبر الوحيد لإخراج البلد من التأزّم السياسي.
كما أن باسيل انقلب على «إعلان النيات» الذي وقّعه عون مع جعجع ودخل في حملات تحريض وتعبئة ضد جنبلاط وكاد يهدد المصالحة في الجبل واصطدم بحزب «الكتائب» وأخيراً بالطائفة الأرثوذكسية، إضافة إلى خلافه مع رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام.
ويتحمل باسيل أثناء تولّيه وزارة الخارجية مسؤولية تدمير علاقات لبنان بعدد من الدول العربية وأولها دول الخليج العربي لأنه كان وراء خرق سياسة النأي بالنفس وعدم إقحام لبنان في الحروب المشتعلة في المنطقة، تقيُّداً بالبيانات الوزارية للحكومة المتعاقبة.
وعليه، فإن باسيل أحرق أوراق عون. ويتردّد بأن الفريق السياسي المحسوب على رئيس الجمهورية داخل «التيار» يؤيد من يقول إن باسيل تحوّل إلى عبء على الرئاسة، لكن ضيق الوقت لم يعد يسمح بإيجاد البديل لخوض معركة الرئاسة.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.