غموض يحيط باختفاء وزير مالية حكومة شرق ليبيا

TT

غموض يحيط باختفاء وزير مالية حكومة شرق ليبيا

انشغلت الأوساط السياسية والاجتماعية في ليبيا، أمس، بنبأ اعتقال كامل الحاسي، وزير الاقتصاد والتخطيط بحكومة عبد الله الثني بشرق البلاد، الذي اختفى منذ نهاية الأسبوع الماضي، دون أن يعرف أحد مصيره.
وتواكب اختفاء الحاسي مع انتشار شائعات تنال من سمعة الحاسي؛ لكن حكومته لم تصدر أي تعليقات رسمية، باستثناء بيان أصدرته «كتلة نواب برقة» في بنغازي، أعربوا فيه عن تخوفهم على مصير الحاسي؛ بينما نقلت وسائل إعلام محلية عما سمتها مصادر خاصة أن «مجموعة عسكرية تابعة لقائد (الجيش الوطني)، المشير خليفة حفتر، هي من قبضت على الحاسي عند محاولته السفر عبر منفذ مساعد الحدودي، وأن سبب القبض عليه غير معلوم»؛ لكن «الجيش الوطني» لم يعلق على هذه التكهنات حتى عصر أمس.
وعبَّر نواب «كتلة برقة» في البرلمان الليبي عن استنكارهم الشديد لما سموها «عملية القبض غير القانونية» على الحاسي، مشيرين إلى أنه «يحمل حصانة بحكم القانون والتشريعات النافذة».
وقال الموقعون على بيان أصدروه مساء أول من أمس، إن عملية اعتقال الوزير «تخالف الإجراءات وصحيح القانون والإعلان الدستوري»، إلى جانب «عدم اختصاص الجهة التي قبضت عليه»، مطالبين بالإفراج الفوري عنه. ولم يفصح النواب في بيانهم عن الجهة التي تحدثوا عنها؛ لكنهم أكدوا أن «جميع إجراءات الحاسي للسفر صحيحة».
وسبق أن تم في ظروف مشابهة اقتياد عضو مجلس النواب سهام سرقيوة التي تعارض العملية العسكرية على طرابلس، إلى مكان مجهول بعد الاعتداء عليها هي وزوجها من قبل «مسلحين مجهولين» اقتحموا منزلهما، عقب ساعات من وصولها إلى بنغازي، وكتبت ابنتها توضيحاً مصحوباً بصور تقول فيه: «أنا بنت الدكتورة سهام... وهذا منزلنا. لقد خطفوا أمي وضربوا أبي برصاصتين في رجله، ودمروا منزلنا وسيارتنا، وما زلنا نبحث عن أمي».
ومنذ خطف سرقيوة في الثامن عشر من يوليو (تموز) الماضي، لا يزال مصيرها مجهولاً؛ لكن المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، قالت مطلع مايو (أيار) الجاري، إن المحكمة توصلت إلى معلومات مهمة تشير إلى المسؤولين عن اختفاء سرقيوة، وتوصلت إلى عدة انتهاكات تشهدها «السجون في ليبيا، وخصوصاً المنطقة الشرقية».
وقالت بنسودا في إحاطة قدمتها إلى مجلس الأمن الدولي، إن «هناك تحقيقات تجري للتوصل إلى مصير النائبة سرقيوة»، داعية جميع الدول الأعضاء بمجلس الأمن إلى الوقوف مع المحكمة الجنائية الدولية «للقضاء على ظاهرة الإفلات من العقاب».
غير أن نواب البرلمان الاثني عشر شددوا على أن الوزير الحاسي «حصل على إجازة رسمية وإذن من رئيس الحكومة، ولا صحة لما يشاع من تهم كمبررات للقبض عليه».
وشاعت أنباء متضاربة على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها أن الحاسي رفض اعتماد مبالغ مالية لجهة معينة في الدولة، وأنه حاول الهرب عبر الحدود ومعه أموال كثيرة.
وعبر نواب «برقة» عن غضبهم مما سموه «تجاوز القانون»، لافتين إلى «وجود مجلس نواب منتخب، وقضاء مختص، ومؤسسات رقابية هي المعنية في إطار القانون والدستور والدولة».
وعلى خلاف التسريبات غير المؤكدة التي ذهبت إلى أن الحاسي اعتُقل في منفذ مساعد الحدودي (المغلق)، قال المدون الليبي فرج فركاش، إن هناك «أنباء عن اعتقال الوزير في معبر السلوم الحدودي؛ حيث اقتيد إلى مدينة الرجمة، بعد محاولته السفر إلى مصر الأيام الماضية، في ظل تكهنات عن أسباب اعتقاله».
وامتنع سياسيون ينتمون إلى شرق البلاد عن التعليق لـ«الشرق الأوسط» على الجهة التي اعتقلت الحاسي؛ لكنهم نفوا «كل المعلومات المتداولة عن نقل الوزير إلى الرجمة».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.