الرئاسة التونسية تطرح وثيقة لتجاوز خلافات الائتلاف الحكومي

TT

الرئاسة التونسية تطرح وثيقة لتجاوز خلافات الائتلاف الحكومي

كشف اللقاء الثلاثي الأخير الذي جمع رؤساء الجمهورية التونسية الثلاث حول مائدة إفطار، ليلة أول من أمس، عن التحضير لعرض وثيقة «عهد التضامن والاستقرار» خلال الأسبوع المقبل على الأحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي.
وتطرح هذه الوثيقة عدة عناوين كبرى، تتعلق أساساً بتجنب ومنع التلاسن بين الأطراف الحاكمة، وتجاوز حالة التناحر بين مكونات الائتلاف الحكومي من جهة، والصراع بين البرلمان ورئاسة الجمهورية من جهة أخرى.
وتسعى «حركة النهضة» (إسلامية)، متزعمة هذه المبادرة، إلى خلق تضامن بين أحزاب الائتلاف الحاكم، وتجاوز الاختلاف الحاد مع عدد من مكوناته؛ خصوصاً «حركة الشعب» (قومية)، بعد عرض مشروعات قوانين مع تركيا وقطر، لم تحظَ بالموافقة.
كما تعمل «النهضة» على إيجاد حل سريع يحفظ كل التوازنات السياسية، ويمنع التطاحن داخل مكونات الائتلاف الحاكم، والمواجهات المستمرة مع «الحزب الدستوري الحر» المعارض.
وتهدف الوثيقة إلى بناء ثقة أكبر بين أحزاب الائتلاف الحاكم؛ خصوصاً الحديثة في الحكم، وإضفاء الطابع الأخلاقي على الحياة السياسية، وجعل مكونات الحكومة أكثر تضامناً؛ خصوصاً ما بعد «كورونا».
ويعاني الائتلاف الحكومي منذ فترة من تصدعات كثيرة، نتيجة الاختلافات الحادة على مستوى تركيبته، فهو يجمع الإسلام السياسي (حركة النهضة) بأحزاب قومية عربية (حركة الشعب)، وبممثلي الدولة الاجتماعية (حزب التيار الديمقراطي) و«الدستورية البورقيبية»، ممثلة في حركة «تحيا تونس»، و«كتلة الإصلاح الوطني».
وفي هذا الشأن، أكد زهير المغزاوي، رئيس «حركة الشعب»، أن لقاء رؤساء أحزاب الائتلاف الحكومي ناقش «وثيقة تهدف إلى أخلقة الحياة السياسية»، مشيراً إلى أن إلياس الفخفاخ رئيس الحكومة أبدى انزعاجه من تعدد الخلافات التي تشق هذا الائتلاف غير المتجانس.
ومن المنتظر عقد لقاء ثانٍ بداية الأسبوع المقبل، يجمع رئيس الحكومة برؤساء الأحزاب السياسية، لمناقشة الصيغة الجديدة للوثيقة التي ترغب «حركة الشعب» في أن يتم توقيعها أمام رئيس الجمهورية قيس سعيد.
ويرى عدد من المراقبين أن أحزاب الائتلاف الحكومي لا تجمعها تصورات مشتركة للعمل السياسي، وتغيب عنها الثقة والانسجام على مستوى الهوية والآيديولوجيا، ولا تقوم حسابات الربح والخسارة لديها إلا بناء على ما ستحققه في المحطات الانتخابية المقبلة، وما ستحصل عليه لفائدة القواعد الانتخابية.
وتسعى «حركة الشعب» من جانبها إلى تقليص هامش المناورة أمام «حركة النهضة»، وأن تجبرها على التسليم بأهمية مؤسسة رئاسة الجمهورية، وأحقيتها في أن تمسك ببعض أوراق اللعبة السياسية، بينما ترغب «النهضة» في توسيع دائرة صلاحيات رئيسها راشد الغنوشي (رئيس البرلمان) في صلاحيات الحكم.
وفي هذا السياق، قال زياد كريشان، المحلل السياسي التونسي، إن الائتلاف الحاكم يعيش على وقع خلافات حادة وتلاسنات متبادلة، وأكد أن الظرف السياسي الحالي «جعل (حركة النهضة) تتحالف مع أحزاب في الحكم، وتعقد في الوقت ذاته تحالفات مع أحزاب أخرى في البرلمان، وهو ما أوجد أغلبية حكومية تتناحر فيما بينها، وأغلبية برلمانية تجمعها مصالح مختلفة، وأحزاباً ومنظمات مع رئيس الجمهورية، وأحزاباً ضد منظومة الحكم برمتها، وهو وضع سياسي غير مريح لكل الأطراف الحاكمة والمعارضة، وهو ما فرض وثيقة عهد التضامن والاستقرار»، على حد تعبيره.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.