الأجهزة الأمنية الإسبانية تتوقع صيفاً ساخناً... وموجة انفصالية جديدة

TT

الأجهزة الأمنية الإسبانية تتوقع صيفاً ساخناً... وموجة انفصالية جديدة

لم تعد تداعيات أزمة كوفيد 19 مقتصرة على الخسائر البشرية والاقتصادية واهتزاز الأوضاع النفسية للمواطنين المحتجزين وراء قضبان العزل منذ شهرين، بل أصبحت تربة خصبة لأزمات اجتماعية بدأت تظهر ملامحها بوضوح حتى في الدول الغنية، ولأزمات أمنية تلوح في الأفق القريب. وكانت الحكومة الإسبانية قد طلبت من الأجهزة الأمنية والمخابراتية إعداد دراسة عن المشهد الاجتماعي والأمني المرتقب في الصيف المقبل وحول ردة فعل الشارع على الإدارة السياسية للأزمة الصحية والوضع الاقتصادي الذي بات من المؤكد أنه سيتدهور أكثر مما كان متوقعاً. ويفيد التقرير الأولي الذي وضعته الأجهزة الأمنية بأن إسبانيا «على موعد مع صيف ساخن تتخلله مظاهرات واحتجاجات في جميع أنحاء البلاد»، وأن الجو السياسي المشحون بشكل غير مسبوق يشكّل عاملاً مفجّراً لهذه الاضطرابات التي من الصعب في الوقت الحاضر التكهّن بشدّتها، حيث إن الخروج إلى الشوارع ما زال محظوراً في ظل حالة الطوارئ التي تستعدّ الحكومة لتمديدها شهراً إضافياً لكن بمعارضة شديدة من الأحزاب اليمينية والإقليمية.
ويتوقع التقرير أن يرتفع منسوب الغضب الشعبي والاحتجاجات مع نهاية الصيف «وانقشاع الرؤيا عن الدمار الذي ينتظر أن تخلّفه الأزمة الاقتصادية».
ويشير التقرير الذي تدرسه خلية الأزمة في الحكومة منذ أيام، إلى أن إسبانيا ستشهد «احتجاجات عمالية ومظاهرات ضد الحكومة، مع احتمال وقوع أعمال عنف متفرقة... وإذا كانت هناك مساعدات رسمية كافية للعاطلين عن العمل والمـؤسسات الصغرى، لكن في حال خفض الأجور والخدمات الاجتماعية، كما هو مرجّح، فإن التوتّر سينعكس اضطرابات اجتماعية واسعة». وبعد أن يتساءل التقرير عن الموقف الذي ستتخذه القوى اليسارية والتقدمية والنقابات العمالية التي تقف عادة وراء الاحتجاجات، علماً بأن هذه القوى اليوم هي الحاكمة، يحذّر من أن الاحتجاجات هذه المرة قد تأتي من جهات أخرى مثل اليمين المتطرف والتنظيمات العنصرية، ويذكّر بأن ألمانيا تعتبر حالياً اليمين المتطرف أكثر خطراً وتهديداً للأمن من التنظيمات المسلحة الإسلامية. لكنه يشير أيضاً إلى أن اليمين المتطرف في إسبانيا اليوم هو سياسي وليس اجتماعياً، حيث إنه ممثل بكتلة برلمانية هي الثالثة في مجلس النواب، ومن المستبعد بالتالي أن ينجر وراء أعمال تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في مثل هذه الظروف. ومن الأسس التي اعتمدت عليها الأجهزة الأمنية لوضع هذه الدراسة، وسائل التواصل الاجتماعي التي تعكس منذ بداية هذه الأزمة شرخاً اجتماعياً عميقاً بين مواقف متباعدة جداً ومتطرفة. وجاء في التقرير «لو أن ما نراه يومياً على منصّات مثل (فيسبوك) و(تويتر) يحصل فعلاً، لكانت البلاد أمام كارثة اجتماعية وأمنية كبيرة». ومن التحذيرات التي يتضمنها التقرير أن إقليم كاتالونيا قد يكون على أبواب «هجمة انفصالية جديدة»، مذكّراً بأن الانتفاضة الاستقلالية السابقة تولّدت من رحم أزمة عام 2008، وأن القوى الانفصالية كانت دائماً تستغل ضعف الحكومة المركزية ومؤسسات الدولة لمحاولة التقدّم بمشروعها أو الحصول على مزيد من الصلاحيات الإدارية والمالية. ويلاحظ التقرير أن الحكومة الإقليمية في كاتالونيا تحاول من خلال إدارتها للأزمة الصحية الراهنة أن تغذّي مشاعر الغبن بين المواطنين لتهميشها من جانب الحكومة المركزية، وترّوج لفكرة أن كاتالونيا ما كانت لتصاب بهذا القدر من الخسائر البشرية لو كانت صلاحيات إدارة الأزمة كلها بيد الحكومة الإقليمية، وتحاول إشاعة الاعتقاد بأن «إسبانيا هي المسؤولة عن هذه الأزمة الصحية والاقتصادية التي تصيب كاتالونيا».
ويتوقع المراقبون أن الأزمة التي تعاني منها حالياً مؤسسات الدولة المركزية تحت وطأة الجائحة وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، من شأنها أن تعجّل في انفجار أزمة انفصالية جديدة، سيما وأن الاستطلاعات الأخيرة تبين أن الإسبان يعتبرون الطبقة السياسية من المصادر الرئيسية للقلق، وأن 63 في المائة منهم لا يثقون بها لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. وفيما تركّز الحكومة جهودها حالياً على الحيلولة دون عودة الوباء في موجة ثانية تقصم ظهر النظام الصحي وتدفع الوضع الاقتصادي إلى الانهيار، تخشى في حال حدوث ذلك ألا يتجاوب المواطنون مع إجراءات العزل والتوجيهات الصحية، أو أن يقبلوا بمرحلة جديدة من العزل، وأن يؤدي ذلك إلى حال من العصيان المدني تكون لها آثار مدمرة على الوضع الصحي، وعلى الاقتصاد والنظام السياسي.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.