بوتين يوجه أنظاره صوب ولاية رابعة في عام 2018

الرئيس الروسي قال إن بلاده ليست معزولة على الساحة الدولية بسبب أزمة أوكرانيا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يضع إكليلا من الزهور عند تمثال القيصر ألكساندر الأول   في موسكو يوم الخميس الماضي (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يضع إكليلا من الزهور عند تمثال القيصر ألكساندر الأول في موسكو يوم الخميس الماضي (أ.ب)
TT

بوتين يوجه أنظاره صوب ولاية رابعة في عام 2018

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يضع إكليلا من الزهور عند تمثال القيصر ألكساندر الأول   في موسكو يوم الخميس الماضي (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يضع إكليلا من الزهور عند تمثال القيصر ألكساندر الأول في موسكو يوم الخميس الماضي (أ.ب)

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مقابلة نشرت أمس أنه قد يترشح لولاية رئاسية رابعة في عام 2018 ما سيبقيه في الحكم حتى 2024. وبينما أشار بوتين إلى طموحه في البقاء في السلطة لـ10 سنوات جديدة، لكنه أوضح أنه لا ينوي البقاء في السلطة «مدى الحياة».
وفي حديث لوكالة تاس الروسية، أجاب بوتين على سؤال حول الفترة التي ينوي قضاءها في السلطة، قائلا: «نعم من الممكن أن أترشح لست أدري في الوقت الراهن إذا كان ذلك سيتم أم لا». وأضاف أنه رغم أن الدستور يسمح له أن يترشح لولاية جديدة، فإن «هذا لا يعني قطعا أنني سأتخذ قرارا كهذا، سآخذ في الاعتبار الظروف العامة وأعماق مشاعري ومزاجي».
وقال بوتين: «هل من الضروري التفكير في ذلك الآن، إن عام 2014 لم ينته بعد وتتكلمون من الآن عن 2018». غير أنه استبعد البقاء رئيسا مدى الحياة موضحا «لا، هذا لا يصلح للبلاد إنه أمر مضر، ولست في حاجة إليه، الدستور يحدد عدد الولايات».
ولا يسمح الدستور الروسي سوى بولايتين متتاليتين.
ويذكر احتمال بقاء فلاديمير بوتين الذي يبلغ من العمر 62 عاما في الحكم حتى 2024 عندما سيبلغ عمره 72 سنة، بطول ولايات القادة السوفيات، وقد توفي جوزيف ستالين في الـ74 وليونيد بريجنيف في الـ75 فيما كانا لا يزالان يحكمان البلاد.
وعندما سئل بوتين في عام 2013 إذا كان ينوي الترشح إلى ولاية رابعة قال: «لا أستبعد ذلك». ويذكر أن بوتين كان قد شغل منصب رئيس الوزراء سابقا قبل أن يعدل الدستور ليقوي منصب الرئيس الذي شغله منذ عام 2012.
ونفى بوتين أن تكون موسكو معزولة على الساحة الدولية بسبب أزمة أوكرانيا، قائلا: إن الاقتصاد الروسي لن يتأثر وحده جراء العقوبات الغربية وتراجع أسعار النفط وهبوط الروبل الروسي. وكانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فرضتا عقوبات على روسيا بسبب ضمها شبه جزيرة القرم الأوكرانية ودعمها للانفصاليين في شرق أوكرانيا.
وقال بوتين خلال المقابلة مع وكالة «تاس» الروسية: «نفهم مدى فداحة الستار الحديدي بالنسبة لنا... لن نمضي على هذا الدرب في كل الأحوال ولن يبني أحد جدارا حولنا. هذا مستحيل».
وأثرت العقوبات على اقتصاد روسيا الذي يعاني من المتاعب وتسببت في انخفاض الروبل وزادت الضغوط جراء الانخفاض الحاد في سعر النفط وهو أحد أهم الصادرات الروسية. وأكد بوتين: «إذا ما تراجع سعر الطاقة عمدا فإن ذلك سيؤثر أيضا على من يقفون وراء ذلك».
وتابع: «ليس من المؤكد أن تكون للعقوبات والانخفاض الحاد في سعر النفط وهبوط الروبل آثار سلبية أو عواقب كارثية علينا نحن فقط. لن يحدث مثل هذا الأمر».
وربط بوتين انخفاض سعر النفط بزيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز الصخري وارتفاع إنتاج ليبيا والسعودية والعراق بما في ذلك ما وصفها بمبيعات تنظيم «داعش» الذي يسيطر على مساحات واسعة من الأراضي في العراق.



الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
TT

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

كان جوهري، قيادي «طالبان» السابق يرتدي نظارات شمسية ومعطفاً من الصوف الثقيل، كما لو أنه قد يترك المكان في أي لحظة. على طاولة مغطاة بالبلاستيك تفصل بيننا تحت ضوء الفلورسنت، كان هناك تل من اللحم والأرز الذي لم يُمس. كانت هذه هي المرة الأولى التي نلتقي فيها، تحديداً في شتاء عام 2022، وقد اختار للقاء مكاناً يقع في نُزل وسط شارع مزدحم.

كانت أصوات التجار وهدير حركة المرور تتسلل عبر نافذة مفتوحة فيما كنت أشرح له لماذا تعقبتُ أثره. منذ أكثر من عقد من الزمان، حاصر 150 مقاتلاً من «طالبان» قاعدة أميركية في سفوح جبال «هندوكوش»، وقُتل تسعة جنود وأُصيب أكثر من عشرين فيما باتت تُعرف بمعركة «ونت»، التي تعد واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية خلال الحرب بأكملها.

وايغال هي قرية كبيرة في عمق وادٍ باسمها لم تتمكن القوات الأمريكية من الوصول إليها مطلقاً خلال حملتها بنورستان (نيويورك تايمز)

هذا الرجل، الملا عثمان جوهري، كان قائد ذلك الهجوم، وهي معجزة أنه لا يزال على قيد الحياة. فخلال الحرب، كان القادة المتوسطون في «طالبان» يلقون حتفهم بانتظام. لكن ها هو حيٌّ يُرزَق. على مدار أكثر من عشرين عاماً، كانت الصحافة الأميركية تغطي نصف الحرب فقط. وأنا، بصفتي صحافياً سابقاً في أفغانستان ورئيس مكتب كابل، كنت جزءاً من ذلك أيضاً. كانت أجزاء كبيرة من البلاد محظورة، وكان تصوُّر «طالبان» غالباً ما يقتصر على دعاية الحركة، وكانت القصة الحقيقية غير معروفة. قرأتُ بصفتي صحافياً كل التقارير المتعلقة بمعركة «ونت»، وكل درس مستفاد. لكن الآن وقد انتهت المعارك، أصبحت أتساءل عما فاتنا. قد أتمكن من الحصول على بعض الرؤى حول كيفية انتهاء الحرب بشكل سيئ بالنسبة إلى الولايات المتحدة (وكذلك بالنسبة إلى كثير من الأفغان، لا سيما النساء).

أردت رؤية الحرب من الجانب الآخر لتقديم منظور قد لا يراه القارئ مطلقاً، ودروس مستفادة من الجماعة الوحيدة التي لم يُطلب منها ذلك، جماعة «طالبان». فبعد حرب فيتنام، التي تتشابه إلى حد كبير مع الحرب في أفغانستان لدرجة أنها أصبحت أشبه بالإكليشيه، مرّت عقود قبل أن تتعامل الولايات المتحدة مع عدوها السابق.

وبحلول ذلك الوقت، كان كثير من قادتها العسكريين قد ماتوا، وضاعت فصول من التاريخ ربما إلى الأبد، حسب المؤرخين.

الملا عثمان جوهري بمنزله في وايغال بولاية نورستان بأفغانستان (نيويورك تايمز)

قدمتُ هذا العرض للملا عثمان جوهري مرتين من قبل: الأولى كانت عبر حارسه الشخصي، الذي كان يرتدي زياً يشبه زي قوات العمليات الخاصة؛ والأخرى كانت عبر مساعده، الذي كان بمثابة قنبلة موقوتة في الانتظار، ولم يعد مطلوباً. أخيراً، جلستُ أمام الملا عثمان نفسه، وعندما انتهيت من حديثي، لم يقل شيئاً، ولم يحرّك حتى رأسه. نظرنا إلى الطعام الذي بدأ يبرد أمامنا حتى أشار إلى حارسه ليتهيأ، فقد كنا متجهين إلى موقع «ونت» بسفوح جبال «هندوكوش».

اليوم في «ونت»، ما زالت بقايا القاعدة الأميركية السابقة قائمة، مهدمة وممزقة كذكرى باهتة، أطرافها التي كانت قائمة في السابق ذابت في الأرض مثل لوحة لسلفادور دالي. أراني الملا عثمان خطوط إمداد «طالبان» ومواقع إطلاق النار، وأعاد تمثيل الحصار. لكن بينما كنا نتحدث على مدار الأيام التالية، ثم الأشهر والسنة التالية، أقنعني الملا عثمان بأن معركة «ونت» بدأت فعلاً قبل سنوات -لكنّ الأميركيين لم يكونوا يدركون ذلك. قال لنا إنه لكم يكن عضواً في «طالبان» عندما بدأت الحرب. وبعد انضمامه، أصبح موضع سخرية في قريته. كان السكان المحليون في الوادي يؤمنون بمستقبل وَعَدَتْهم به الولايات المتحدة. لكن بعد ذلك، بدأت الغارات الجوية الأميركية، التي استهدفت مسلحين مشتبه بهم، في قتل الأبرياء. هذه القصة مألوفة بشكل محبط، ولكن كان ما هو أغرب، فالأمريكيون قتلوا وجرحوا أولئك الذين دعموا وجودهم أكثر من غيرهم.

بدأت عمليات تجنيد «طالبان» في الازدياد، حسب الملا عثمان، مع تحول الأميركيين من حلفاء إلى أعداء.

يقول : «لم يكن هناك أي عنصر لـ(طالبان) هنا عندما بدأت الحرب»، عبارة قالها لي الملا عثمان جوهري في تلك الرحلة الأولى إلى قريته الأصلية في ويغال، التي تقع في عمق الوادي تحت الجبال الشاهقة المغطاة بالثلوج. «لكن بعد أن دخل الأميركيون وبنوا قواعدهم وقتلوا الأبرياء، نهض الناس وقرروا القتال».

دروس مستفادة

نورستان، منطقة جبلية في شمال أفغانستان، لم تكن تهدف مطلقاً لتكون نقطة محورية في الحرب على الإرهاب. لم تكن معقلاً طبيعياً لـ«القاعدة» أو «طالبان». في الواقع، خلال فترة حكمهم الأولى في التسعينات، كانت «طالبان» قد دخلت المنطقة بالكاد. ومع ذلك، اعتقد الأميركيون أنها طريق لتهريب الأسلحة والمقاتلين وملاذ آمن لتنظيم «القاعدة»، لذا بنوا قواعد وبدأوا في تنفيذ دوريات عدوانية في أماكن كانت معتادة على الاستقلال.

في رحلاتي عبر الوادي، قابلت حلفاء للولايات المتحدة تعرضوا للتشويه جراء الغارات الجوية، والذين فقدوا عائلاتهم أيضاً. هؤلاء الأشخاص كانوا بمثابة تذكير بقلة إدراك الولايات المتحدة للحرب التي كانت تخوضها. اتضح أن الأميركيين كانوا مخطئين بشأن كون نورستان معقلاً للإرهابيين. لكن قواعدهم أصبحت بمثابة مغناطيس يجذب المسلحين، مثل «حقل الأحلام» للمتمردين: الأميركيون بنوها، ثم جاءت «طالبان». وبحلول الوقت الذي قاد فيه الملا عثمان فريقه عبر الجبال لشن الهجوم على القاعدة الأميركية في «ونت»، كان الوادي قد تحوَّل ضد الأميركيين، وكانت النتيجة مأساوية.

*خدمة «نيويورك تايمز»