على أطراف كابل.. تهيمن طالبان

الوضع داخل إقليم كابيسا أكبر التحديات أمام حكومة الرئيس الأفغاني أشرف غني

جندي أفغاني يحتمي بساتر بعد هجوم من طالبان (نيويورك تايمز)
جندي أفغاني يحتمي بساتر بعد هجوم من طالبان (نيويورك تايمز)
TT

على أطراف كابل.. تهيمن طالبان

جندي أفغاني يحتمي بساتر بعد هجوم من طالبان (نيويورك تايمز)
جندي أفغاني يحتمي بساتر بعد هجوم من طالبان (نيويورك تايمز)

عصف الانفجار بالسيارة «هامفي»، مسببا فتحة في هيكل السيارة المصفحة ومتسببا في إصابة نائب حاكم المقاطعة. وسرعان ما أعقب التفجير إطلاق نار من جانب مسلحي «طالبان».
وسعيا للحصول على غطاء حامٍ، أسرع الموكب الشرطي الأفغاني بالاتجاه إلى خلف تل من الطمي وأطلقوا وابلا من الرصاص. إلا أن ذلك لم يردع مقاتلي «طالبان» الذين استمروا في التقدم. وعلق مسؤول الشرطة بمقاطعة تاغاب على الموقف بقوله: «هذه حياتنا اليومية». جدير بالذكر أن مقاطعة تاغاب الواقعة في معظمها تحت سيطرة «طالبان»، تقع داخل إقليم كابيسا الذي يبعد عن العاصمة كابل مسافة قرابة ساعة بالسيارة. داخل مثل هذه المناطق، تصبح الحكومة هي الطرف المضطر للعمل في الخفاء والالتزام بأوامر «طالبان» كي يضمن أفرادها الحفاظ على حياتهم. ولا يسمح للجنود الأفغان بمقاطعة تاغاب بمغادرة قاعدتهم سوى لساعة واحدة يوميا تبدأ من التاسعة صباحا، عندما تسمح لهم «طالبان» بزيارة السوق طالما أن الجنود غير مسلحين.
الملاحظ أن الوضع داخل إقليم كابيسا الواقع جنوب البلاد تحول في هدوء إلى أحد أكبر التحديات أمام حكومة الرئيس أشرف غني الجديدة. في ظل غياب قوات دولية أو دعم جوي منها، نجحت «طالبان» في التفوق على الوجود الحكومي داخل الإقليم وبأجزاء أخرى عدة من البلاد، ما يعتبره الكثيرون نذيرا خطيرا لما يمكن أن تشهده السنوات المقبلة. وداخل النقاط المضطربة مثل كابيسا وغيرها، دخل المتمردون في مواجهات مباشرة مع قوات الأمن ومراكز الأقاليم، مما دفع المؤسسة العسكرية الأميركية للضغط على الرئيس أوباما للسماح بدور أكثر قوة للقوات الأميركية خلال عام 2015 يتجاوز مجرد التدريب وتقديم المشورة. ومن شأن القرار الرئاسي الجديد أيضا السماح بمزيد من الدعم الجوي الأميركي للقوات الأفغانية، بعد عام شهد سقوط رقم قياسي من الضحايا في صفوف الأخيرة على أيدي «طالبان». والواضح أنه مع تحقيقها مزيدا من الانتصارات هذا العام، ازدادت «طالبان» جرأة.
في هذا الصدد، أوضح رئيس شرطة كابيسا أن هذه الأيام تشهد احتشاد المتمردين بأعداد كبيرة عما كان عليه الحال منذ 6 شهور فقط. ويسيطر المتمردون بالفعل على جزء حيوي من طريق سريع يؤدي لكابل، ويعتقد بعض المسؤولين المحليين أن المسلحين يحاولون ضم مساحة كبيرة تحت لواء «طالبان» عبر ثلثي الإقليم تقريبا، من الجزء الأدنى تحديدا.
الملاحظ أن جنوب كابيسا كان دوما منطقة صعبة، حيث تكبدت فرنسا ثمنا باهظا لضمان السيطرة على المنطقة قبل انسحابها مطلع عام 2012. وذلك قبل عامين من انسحاب باقي قوات حلف الناتو، في أعقاب تفجير انتحاري أسفر عن مقتل 4 جنود. وتشير الأرقام لفقدان فرنسا 88 جنديا منذ عام 2001. سقط الكثير منهم داخل كابيسا المشتعلة.
منذ ذلك الحين، ازدادت المعركة الدائرة هناك حدة، لأسباب منها عدم استعداد القوات الأفغانية لملاحقة العدو، حيث يبقى أفراد الشرطة والجيش مرابطين داخل نقاط التفتيش، وحتى هذا لم يعد كافيا لإبقائه بعيدا عن دائرة الخطر. هذا الصيف، حاولت «طالبان» السيطرة على نقطة تمركز في تاتارخيل، وهي إحدى قرى كابيسا، ما أشعل معركة استمرت 3 أيام أسفرت عن مقتل 4 ضباط شرطة على الأقل. وتحاول الشرطة داخل الإقليم، بمعاونة الولايات المتحدة والقوات الأفغانية الخاصة، تطهير المناطق التي يتركز بها المتمردون. إلا أن هذه الجهود أعيقت لأسباب على رأسها الشراكة القائمة بين المتمردين والجيش الأفغاني. وتعد كابيسا مصدر قلق عميق للقائد العسكري الأميركي المسؤول عن شرق أفغانستان، ميجور جنرال ستيفين جيه. تاونسند. وبسبب أداء الجيش الأفغاني الباهت، أصبحت قوات الشرطة معزولة وتعثرت جهودها لطرد المتمردين. جدير بالذكر أنه في فبراير (شباط)، أدى هجوم نفذه جنود أفغان إلى مقتل اثنين من جنود العمليات الخاصة الأميركية وجرح آخرين. وبعد كمين نصب للقوات الأميركية الخاصة في تاغاب أسفر عن مقتل جندي وإصابة الكثير، أرسلت واشنطن مزيدا من القوات للمنطقة.
كان الجنود الأميركيون داخل مركز الإقليم يخططون لعملية مكثفة عندما بدأت «طالبان في قصف المنطقة. وفي غضون لحظات، بدأ هجوم من الداخل، حيث فتح جنديان أفغانيان كانا يقفان بالقرب من المدخل النار على مجموعة من أفراد القوات الخاصة الأفغانية كانوا يقفون داخل الغرفة، ما أسفر عن مقتل اثنين وإصابة 4 قبل قتل منفذي الهجوم».
دارت الشكوك بادئ الأمر حول نجاح «طالبان» في اختراق صفوف الجيش الأفغاني، لكن لقاءات عقدت مع جنود وقادة من القوات الخاصة بالمنطقة كشفت أن فرقا داخل الجيش الأفغاني في تاغاب كانت تعمل بالفعل بصورة وثيقة مع المتمردين. وخلال حادثة واحدة على الأقل، يعتقد الأميركيون أن الجيش الأفغاني أطلق النيران على مواقعهم خلال تنفيذهم عملية داخل الإقليم. بعد هجوم فبراير، توقفت القوات الأميركية الخاصة عن إجراء عمليات مشتركة مع وحدات الجيش الأفغاني في جنوب كابيسا، وركزت بدلا من ذلك على العمل مع الشرطة.
* خدمة «نيويورك تايمز»



إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
TT

إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)

فرضت أفغانستان إجراءات أمنية مشددة، الخميس، قبل جنازة وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» خليل حقاني الذي قُتل في تفجير انتحاري أعلنت مسؤوليته جماعة تابعة لتنظيم «داعش».

وزير شؤون اللاجئين والعودة بالوكالة في حركة «طالبان» الأفغانية خليل الرحمن حقاني يحمل مسبحة أثناء جلوسه بالمنطقة المتضررة من الزلزال في ولاية باكتيكا بأفغانستان 23 يونيو 2022 (رويترز)

ويعدّ حقاني أبرز ضحية تُقتل في هجوم في البلاد منذ استولت «طالبان» على السلطة قبل ثلاث سنوات.

ولقي حتفه الأربعاء، في انفجار عند وزارة شؤون اللاجئين في العاصمة كابل إلى جانب ضحايا آخرين عدة. ولم يعلن المسؤولون عن أحدث حصيلة للقتلى والمصابين.

وخليل حقاني هو عم القائم بأعمال وزير الداخلية الأفغاني، سراج الدين حقاني، الذي يقود فصيلاً قوياً داخل «طالبان». وأعلنت الولايات المتحدة عن مكافأة لمن يقدم معلومات تقود إلى القبض عليهما.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني (إ.ب.أ)

ووفق بيان نقلته وكالة أنباء «أعماق»، قالت الجماعة التابعة لـ«داعش» إن أحد مقاتليها نفَّذ التفجير الانتحاري. وانتظر المقاتل حتى غادر حقاني مكتبه ثم فجَّر العبوة الناسفة، بحسب البيان.

وتقام جنازة الوزير عصر الخميس، في مقاطعة جاردا سيراي بإقليم باكتيا بشرق البلاد، وهو مركز عائلة حقاني.

يقف أفراد أمن «طالبان» في حراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وكانت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان بين من أدانوا الهجوم على الوزارة.

وقالت عبر منصة «إكس»: «لا يوجد مكان للإرهاب في المسعى الرامي إلى تحقيق الاستقرار». وأورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشاً تدريبية كانت تُعقد في الأيام الأخيرة في الموقع.

وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو الدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

شقيق مؤسس «شبكة حقاني»

وخليل الرحمن الذي كان يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته هو شقيق جلال الدين، مؤسس «شبكة حقاني» التي تنسب إليها أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان خلال عقدين من حكم حركة «طالبان» الذي أنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001.

يقف أفراد أمن «طالبان» في استنفار وحراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 بعد مقتل خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين (إ.ب.أ)

وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني.

ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى خمسة ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية».

وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً».

وكان خليل الرحمن خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، بحسب تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل.

ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم (داعش - ولاية خراسان) لا يزال ينشط في البلاد وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان».

وسُمع في أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين في حكومة «طالبان» (إ.ب.أ)

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، قُتل طفل وأصيب نحو عشرة أشخاص في هجوم استهدف سوقاً في وسط المدينة.

وفي سبتمبر (أيلول)، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل ستة أشخاص وجرح 13 في مقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً أن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.