للأمانة، أستغرب ممّن يستهجن موضوع إلغاء بطولات، أو عدم تقرير صاعد، أو هابط، أو من سيُتوَّج بطلاً للدوري الإنجليزي أو الإسباني، ومَن هو أفضل لاعب في العالم، وهل سيخرج اللقب عن ميسي ورونالدو. وسبب الاستهجان والاستغراب أنه خلال عشرة آلاف سنة من عمر البشرية لم نسمع عن جائحة مثل «كورونا».
صحيح، سمعنا بالحربين العالمية الأولى والثانية اللتين أودتا بحياة 55 مليون شخص. وسمعنا عن الإنفلونزا الإسبانية التي قتلت 100 مليون شخص، وسمعنا عن الطاعون وعن «السفر برلك»، وعن مآسٍ كثيرة مرَّت على هذه البشرية، وحتى عن القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما وناغازاكي، ولكن ما حدث خلال الأشهر الأربعة الأخيرة غير مسبوق في تاريخ البشرية.
فخلال الحروب، كان هناك دول بعيدة عنها، وكان هناك حياة وأناس يلتقون ويتجمعون ويتعانقون ويتصافحون، ومصالح لم تتوقف، مثل الحلاقة والمطاعم والمقاهي ودور السينما وأشياء كثيرة لو فكرنا فيها سنجد أن سبعة مليارات إنسان يعيشون على سطح هذه الأرض عانوا جميعاً من الحَجْر المنزلي (ربما باستثناء السويد، وكم دولة قرَّرَت التعامل مع الأمر بشكل مختلف)، ولكننا جميعاً عانينا وما زلنا نعاني... وأعتقد أن كرة القدم والرياضة والفن والسينما والثقافة، وحتى التعليم تراجعت جميعاً للصفوف الخلفية، فيما بقي الطب هو الميدان الأكثر ترقباً حتى الساعة، لأننا ننتظر لقاحاً أو علاجاً لهذا الفيروس، ومعظم الدول التي خففت من الحجْر والحظر، عانت من جديد، لهذا فاللقاح على ما يبدو هو الحل.
ولهذا ألغى الاتحاد الدولي حفله المقرر في ميلانو الإيطالية (إحدى أكثر المدن تضرراً من «كورونا»)، الذي كان سيعلن فيه جائزته لأفضل لاعبي العالم لموسم 2019 - 2020، وهو ما ستفعله مجلة «فرانس فوتبول»، وما سيفعله الكثيرون، لأن هول الجائحة أكبر من أي ألقاب أو حتى كرة قدم، ولهذا أتمنى على المتجادلين الآن، على هوية الصاعدين والهابطين والمتوجين؛ ماذا سيتمّ ذكره في السجلات والإنجازات ومَن تقدم على مَن بنقطة، أن ينظروا للصورة الأكبر، وهي حياة البشرية واستمراريتها.
نعم، ليسجل التاريخ أنه خلال 2020 لم يُتوّج أي لاعب كرة قدم بلقب الأفضل، وأنه توقفت بطولات، وأُلغيت دورة الألعاب الأولمبية في زمن السلم، وليس كما حدث حين أُلغيت في أزمنة الحرب. ولو أردنا فعلاً استخدام مصطلح السلم والحرب فنحن الآن في حرب شاملة ضد فيروس أوقف العالم واقتصاده، وشل حياته، ومن الواضح أن الدنيا بعد «كورونا» لن تشبه الدنيا قبل «كورونا». وبالأمس، أعلنت شركة «تويتر» أنه ستسمح لموظفيها بالعمل من منازلهم إلى الأبد، وهناك شركات كبرى غيرت نمط عملها، بحيث لم يعد الدوام في مركز العمل هو المهم بقدر إنتاجية الشخص وسلاسة العمل وعدم تأثره بالتغييرات.
وعلينا كعرب أن نتعلّم مما حدث، وأن نتكيف مع المستجدات؛ فالإنسان بطبيعته كائن يتكيّف مع أحلك الظروف، وهي الرسالة التي أوصلها لنا فيروس «كورونا» الذي سمعت أننا إن لم نتعظ منه، فقد يأتينا ما هو أبشع وأخطر منه بكثير.
لا أفضل في 2020؟
لا أفضل في 2020؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة