مسيرات إلكترونية وأعلام سوداء في ذكرى «النكبة»

الفلسطينيون يناشدون قادتهم وقف الانقسام وتوحيد الصفوف

فلسطينيون يحيون الذكرى الـ72 للنكبة جنوب مدينة الخليل في الضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
فلسطينيون يحيون الذكرى الـ72 للنكبة جنوب مدينة الخليل في الضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
TT

مسيرات إلكترونية وأعلام سوداء في ذكرى «النكبة»

فلسطينيون يحيون الذكرى الـ72 للنكبة جنوب مدينة الخليل في الضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
فلسطينيون يحيون الذكرى الـ72 للنكبة جنوب مدينة الخليل في الضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)

أحيا الفلسطينيون، داخل الوطن وفي الشتات القسري على السواء، أمس (الجمعة)، الذكرى السنوية الثانية والسبعين لوقوع النكبة بعدد من النشاطات المقيدة بسبب جائحة كورونا، ولكن بمضمون حر يناشد فيه المواطنون قادتهم أن يوقفوا الانقسام المريع، ويوحدوا الصفوف لمواجهة مخططات الاحتلال، وهناك من بدأوا العودة إلى التلويح بحل الدولة الواحدة التي يعيش فيها اليهود والفلسطينيون بصراع لا ينتهي.
وقد ارتفعت الأعلام السوداء على أسطح كثير من البيوت الفلسطينية في الوطن، فيما رفع آخرون أكثر تفاؤلاً العلم الفلسطيني. وتمكن بضع مئات من فلسطينيي 48 (المواطنين في إسرائيل) من دخول قراهم المهدمة، رغم أوامر الحظر، فيما أقامت لجنة المهجرين مسيرات إلكترونية لجميع البلدات الفلسطينية المهدمة.
وبمبادرة من وزارة الإعلام الفلسطينية في رام الله، تم توحيد البث الإذاعي لجميع الإذاعات الوطنية تحت عنوان «لن ننسى». وعلى مدار ثماني ساعات، تم بث برامج عن جغرافية فلسطين وتاريخها، تحدث فيها السياسيون والمحللون، وكذلك المواطنون العاديون، وقسم منهم شهود عيان على أيام النكبة ومآسيها. وحسب بيان للوزارة، جاء أن «الموجات الموحدة جاءت لتسلط الضوء على نكبة شعبنا العربي الفلسطيني الممتدة طوال 72 عاماً، وصولاً إلى مخططات الضم والسيطرة الإسرائيلية تنفيذاً لصفقة القرن برعاية أميركية، وفي ظل جائحة كورونا، لفرض أمر واقع. فالشعب الفلسطيني يرفض كل المخططات التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، برعاية الإدارة الأميركية ودعمها، ويتمسك بالهوية الفلسطينية التي استطاعت الحفاظ على نسيجها التاريخي وذاكرتها رغم محاولات الطمس والإلغاء كافة».
وأصدرت الفصائل الفلسطينية على اختلافها بيانات تؤكد أهمية الحفاظ على الذاكرة حتى يتم التحرر من الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. وبدا أنها تدرك أن إحدى العقبات الأساسية أمام هذا التحرير تكمن في الانقسام الفلسطيني الذي يضعف القضية ومن يمثلها، ويخدم مخططات الاحتلال الإسرائيلي وحكومات اليمين المتطرف التي تتمسك بهذا الاحتلال وتسعى لتخليده، ولتدمير أي فرصة للتسوية على أساس حل الدولتين.
وفي هذه المناسبة والظروف، أصدرت «مجموعات الدولة الديمقراطيّة الواحدة في فلسطين التاريخيّة» بياناً تحت العنوان: «لندفن الأوهام، ولننهض مجدداً»، دعت فيه إلى العودة إلى حل الدولة الواحدة. وقالت إن «المشروع الصهيوني لم يتوقف عن القتل والتوسع والتطهير العرقي منذ 72 عاماً، حتى بعد أن تحول إلى دولة معترفٍ بها من منظمة الأمم المتحدة عام 1948. فالاستعمار الاستيطاني (ليس حدثاً، بل بنية)، على حد تعبير باتريك وولف عالم الاجتماع الأسترالي، والمشروع الاستيطاني، أساساً، هو مشروع عنيف إجرامي. وهذا ما يفسر سلوك الكيان الإسرائيلي، كتغييب أصحاب الوطن، ورفضه لكل عروض السلام، باعتباره مجموعة من البنى السياسية والعسكرية والأمنية والقضائية المصممة، مسبقاً، لتنفيذ مخططات النهب والإبادة الاجتماعية، عبر التحايل على القانون الدولي الذي قامت إسرائيل على أساسه».
وقالت: «يوجد في فلسطين التاريخية، اليوم، نظام أبارتهايد كولونيالي يتمدد ويترسخ، يتمثل بوجود دولة واحدة هي إسرائيل. وقد أعلنت إسرائيل عن مأسسة هذا النظام غير الإنساني، من خلال إصدار قانون القومية الاستعماري عام 2017. وهكذا، قضى هذا النظام الكولونيالي على وهم الدولة الفلسطينية. وفي ذكرى النكبة، نجدد دعوتنا إلى استعادة مصادر قوة الشعب الفلسطيني وقضيته، وإلى الالتفاف حول رؤية تحررية وطنية وديمقراطية، تُنصف كل تجمعات الشعب الفلسطيني، وبخاصة اللاجئين، وتُقدّم حلاً إنسانياً للمسألة اليهودية في فلسطين. وهذا يتحقق من خلال إقامة الدولة الديمقراطية الواحدة على امتداد الأرض الفلسطينية بين البحر والنهر، تضمن الأمن والمساواة والرخاء لجميع مواطنيها، بغض النظر عن القومية والعرق والدين».
ويصادف يوم 15 من مايو (أيار) الذكرى الـ72 لنكبة الشعب الفلسطيني. ففي مثل هذا اليوم، قامت إسرائيل، بموجب قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين للشعبين (قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (181) لعام 1947) الذي رفضه العرب. وقامت عندها إسرائيل التي كانت مستعدة جيداً للحدث، تنظيمياً وعسكرياً واقتصادياً، باحتلال حصتها ونصف حصة الدولة الفلسطينية. وقد فعلت ذلك من خلال عملية تهجير لنحو 800 ألف فلسطيني من مدنهم وبلداتهم الأصلية، من أصل مليون و400 ألف فلسطيني كانوا يعيشون في 1300 قرية ومدينة.
وبحسب مركز المعلومات الفلسطيني، سيطرت العصابات الصهيونية خلال النكبة على 774 قرية ومدينة فلسطينية في تخوم المنطقة التي فرضت سلطتها عليها، وصار يعرف بحدود 48. وقد دمرت إسرائيل 531 من هذه القرى، ومنعت سكانها من الوصول إليها، رغم أنهم أصبحوا مواطنين فيها، وأقامت على معظمها بلدات ومستوطنات يهودية.
وشهد عام النكبة أكثر من 70 مجزرة نفذتها القوات الصهيونية، كمجازر دير ياسين والطنطورة وسعسع وعيلبون وعيلوط واللد والرملة وغيرها، وسقط في الحرب أكثر من 15 ألف شهيد. وبحسب سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بلغ عدد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين 58 مخيماً رسمياً تابعاً للوكالة، تتوزع بواقع 10 مخيمات في الأردن، و9 مخيمات في سوريا، و12 مخيماً في لبنان، و19 مخيماً في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة. وبلغ عدد الفلسطينيين في نهاية عام 2019، حسب الجهاز المركزي للإحصاء، نحو 13 مليوناً، منهم نحو 5 ملايين فلسطيني يعيشون فـي الضفة وقطاع غزة (43 في المائة منهم لاجئون)، ونحو مليون و597 ألف فلسطيني يعيشون في إسرائيل (فلسطينيي 1948)، فيما بلغ عدد الفلسطينيين في الدول العربية نحو 6 ملايين، وفي الدول الأجنبية نحو 727 ألفاً.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.