تدخل روسي لوقف خطة النظام لاقتحام قرى في ريف درعا

سوريون يتظاهرون رفضاً للحرب في «مهد الثورة»

مظاهرة في ريف درعا ضد التصعيد العسكري من قوات النظام السوري (الشرق الأوسط)
مظاهرة في ريف درعا ضد التصعيد العسكري من قوات النظام السوري (الشرق الأوسط)
TT

تدخل روسي لوقف خطة النظام لاقتحام قرى في ريف درعا

مظاهرة في ريف درعا ضد التصعيد العسكري من قوات النظام السوري (الشرق الأوسط)
مظاهرة في ريف درعا ضد التصعيد العسكري من قوات النظام السوري (الشرق الأوسط)

تسابق الزمن جهود التفاوض بين لجان محلية في درعا، المعروفة بـ«مهد الثورة»، والجانب الروسي، في ريف درعا الذي يعيش حالة توتر بعد استقدام النظام لتعزيزات عسكرية من الفرقة الرابعة خلال الأيام الماضية، تركزت في محيط بعض مناطق التسويات بريف درعا الغربي، وتزامنت مع تهديد بالاستعداد لعمليات اقتحام مرتقبة فيها، وسط تخوف الأهالي من القيام بعملية عسكرية، واستنفار لفصائل التسويات. وخرج على أثرها عشرات المدنيين بمظاهرات في مناطق متفرقة من محافظة درعا (جنوب سوريا)، الخميس الماضي، رفضاً للتصعيد العسكري وتهديدات النظام السوري بشن حملة أمنية على مناطق خاضعة لاتفاق التسوية في محافظة درعا.
وقالت مصادر محلية إن كلاً من مدن وبلدات درعا وطفس واليادودة وتل شهاب وسحم الجولان وحيط والمزيريب والكرك الشرقي والشجرة، خرجت في مظاهرات أعربت عن رفضها الخطاب التصعيدي للنظام، وتضامناً مع المناطق المهددة بالهجوم، مثل طفس والمزيريب بالريف الغربي من درعا. وطالب المتظاهرون بمنع أي عملية عسكرية ضد مناطق ريف المحافظة الغربية، كما نادوا بضرورة إخراج الميليشيات الإيرانية من كامل الجنوب السوري، وحملوا لافتات كتب عليها «لا للحرب»، وفق صور ومقاطع مسجلة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
ودعا ناشطون وفاعليات مدنية من درعا أبناء المحافظة للتظاهر أمس، في مساعٍ للضغط على الضامن الروسي لاتفاق الجنوب لوقف التصعيد العسكري الذي يهدد به النظام المناطق التي أجرت اتفاق التسوية برعاية روسية قبل عامين.
وكانت قوات النظام قد استقدمت خلال الأيام القليلة الماضية تعزيزات عسكرية، شملت عناصر وعتاداً ثقيلاً، معظمها من مرتبات الفرقة الرابعة من قوات «الغيث»، وتوزعت هذه التعزيزات على مناطق متفرقة في محيط مدينة درعا والريف الغربي، وسط أنباء تطلقها صفحات محسوبة على قوات الغيث بالاستعداد لهجوم مرتقب على مناطق المصالحات في درعا، بحسب تعبيرهم.
وأوضح أحد أعضاء اللجنة المركزية لـ«الشرق الأوسط» أن أعضاء من اللجان المركزية للتفاوض الممثلة عن مدينة درعا وريفها الغربي والشرقي اجتمعوا يوم الأربعاء في مدينة بصرى الشام لمناقشة تصعيد النظام الأخير في المنطقة، وأكدوا وقوف جميع اللجان والفصائل التي دخلت ضمن اتفاق التسوية ضد الحملة العسكرية على مناطق ريف المحافظة الغربي، في حين تخلف الوفد الروسي عن حضور الاجتماع الأخير من دون معرفة أسباب تغيبه، بالوقت الذي كانت تجتمع فيه اللجان الممثلة للمنطقة الجنوبية معهم بشكل يومي خلال الأسبوع الماضي لمعالجة الملفات العالقة، وإنهاء التوتر والتصعيد العسكري في ريف درعا الغربي الذي كان يسعى له الضامن الروسي، وعمل على إعادة التعزيزات الأولى التي قدمت عقبت حادثة مقتل عناصر الشرطة التسع في بلدة المزيريب قبل أسبوع، وإنهاء التصعيد العسكري الذي كان يتوعد به النظام للمنطقة هناك، لكن الفرقة الرابعة عادت، بعد يومين من إجبار الروسي القوات السورية على سحب التعزيزات الأخيرة، لترسل قواتها وعتادها إلى المنطقة الجنوبية تهديداً باقتحام المناطق التي خضعت لاتفاق التسوية برعاية روسية.
وتابع المصدر أن هذا «خرق واضح علني لاتفاق التسوية، وعلى الجانب الروسي الالتزام بتعهداته للفصائل المعارضة التي قبلت التفاوض، ودخلت اتفاق التسوية، والمنطقة والدول الإقليمية أيضاً التي تعهدت روسيا لهم بضمان أمن وسلامة المنطقة الجنوبية، وعدم عودة الأعمال العسكرية إليها، وإبعاد الميليشيات الإيرانية عنها قبيل السيطرة على المنطقة في يوليو (تموز) 2018».
وأشار إلى أن غياب الوفد الروسي عن هذا الاجتماع «لا يقرأ بالموافقة الضمنية على عمل عسكري للنظام في مناطق اتفاق التسوية، فاتفاق التسوية استمراره أو انهياره له تداعيات داخلية ودولية وإقليمية، والجانب الروسي كان دائماً حريصاً على سلامة المنطقة، وإبعاد التهديدات عن المناطق الحدودية لجنوب سوريا، والظهور أمام العالم على أنه الضامن الأساسي الأول لتنفيذ أي مشروع في سوريا». وأوضح المصدر أن اللجان تلقت دعوة من الجانب الروسي والنظام لعقد اجتماع جديد، وبحث تطورات المنطقة، خلال الأيام المقبلة.
ويأتي تصعيد النظام الأخير في المحافظة بعد حادثة مقتل 9 من عناصر الشرطة المدنية خلال الأسبوع الماضي، في بلدة المزيريب بالريف الغربي من درعا، الأمر الذي يراه مراقبون ذريعة اعتمد عليها النظام، مع الهجمات المتفرقة التي تستهدف عناصره في مناطق جنوب سوريا، لإحكام السيطرة الكاملة على مناطق التسويات التي ما تزال تحظى بهامش من الحركة والمناورة في درعا، وخاصة بعد أن عملت اللجان المركزية للتفاوض في درعا على احتواء الموقف، ومحاربة الفاعل في حادثة الشرطة في بلدة المزيريب، موضحة حينها، في بيان لها، أن قتل عناصر الشرطة خطأ فردي من قاسم الصبيحي لا تتحمل المنطقة بكاملها أعباءه.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.