إقبال من طلبة الشرق الأوسط على دراسة العلوم الزراعية في الهند

أكثر من 60 جامعة تقدم مواد ذات صلة استغلالا لطبيعة الدولة الخصبة

جامعة الهند الزراعية في دلهي
جامعة الهند الزراعية في دلهي
TT

إقبال من طلبة الشرق الأوسط على دراسة العلوم الزراعية في الهند

جامعة الهند الزراعية في دلهي
جامعة الهند الزراعية في دلهي

يدرس علي بن محمد أمين، من اليمن، للحصول على درجة الماجستير في علم المياه وتكنولوجيا التربة، أحد تخصصات العلوم الزراعية في معهد البحوث الزراعية الهندي بنيودلهي. وذلك بعد أن أنهى بالفعل درجة البكالوريوس في علوم الثروة السمكية والحيوانية من جامعة تاميل نادو للعلوم الزراعية في الهند.
وجاء أمين من عائلة تعمل بالزراعة على سواحل اليمن، حيث كانت ترعى الماشية وتمارس الصيد على مدار 6 عقود.. ولكن بسبب نقص المياه والعلف والخدمات البيطرية وانتشار الآفات والأمراض، من بينها طاعون المجترات الصغيرة والحمى القلاعية وحمى الوادي المتصدع، توقف إنتاج الماشية. ومن خلال التدريب الذي تلقاه في الهند، يستطيع أن يقوم بزراعة المحاصيل في أوضاع ندرة المياه، وأن ينشئ مزرعة للثروة الحيوانية لتربية الأغنام والماشية والجمال والدواجن، ويمكنه بعد ذلك أن يقيم مشروعا للصيد، الذي تتوفر إمكاناته كثيرا في البحر الأحمر وخليج عدن.
يعد معهد الأبحاث الزراعية الهندي بنيودلهي المعهد الرئيسي القومي للأبحاث والتعليم والإرشاد في مجال الزراعة، وهو من أقدم المؤسسات التعليمية، حيث تم إنشاؤه في عام 1905. وكان المعهد أول المفعِّلين لنظام للأبحاث والتعليم والإرشاد على نمط نظام «لاند غرانت كولن» في الولايات المتحدة.
يمثل المعهد مركزا للتميز في نشر التعليم والتدريب الزراعي بين كثير من الباحثين في الهند والوافدين من أكثر من 30 دولة أخرى.
وصرح الدكتور ناوشاد خان، المتحدث باسم الجامعة قائلا: «نظرا لأننا من أكبر الجامعات الزراعية في البلاد، يفد إلينا طلاب أجانب من دول مثل إثيوبيا والسودان واليمن والعراق وأفغانستان وبنغلاديش وميانمار وروندا.. إلخ، للالتحاق بأقسام مختلفة للحصول على درجات الماجستير أو الدكتوراه. وفي الوقت الحالي، يستكمل 15 طالبا عربيا دراساتهم العليا في مختلف التخصصات».
ولا يقبل المعهد طلبات الالتحاق المقدمة مباشرة من مواطنين أجانب، ولكن يتم النظر في الطلبات التي تحظى برعاية برامج التبادل الثقافي الحكومي وبرامج المساعدة الفنية الأخرى، أو الطلاب الأجانب الذين يتمتعون برعاية من منظمات دولية مثل منظمة التنمية الزراعية، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو).. إلخ، بشرط أن يتم تلقي الطلبات المقدمة بالصيغة الموصوفة من خلال المجلس الهندي للبحوث الزراعية أو إدارة الأبحاث والتعليم الزراعي في حكومة الهند.
تؤدي الزراعة دورا مهما في اقتصاد معظم البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وعلى الرغم من حقيقة أن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر منطقة تعاني من الجفاف وندرة المياه في العالم، فإن كثيرا من الدول، خصوصا تلك المطلة على البحر المتوسط تعتمد بكثافة على الزراعة.
ما الذي يجذب العرب إلى الالتحاق بدراسة العلوم الزراعية في الهند؟
يعتمد اقتصاد الهند على الزراعة، ولا شك في أن الزراعة، ومعها القطاعات المرتبطة بها، هي أكبر مصدر للدخل في الهند. ويوجد في الهند نحو 60 جامعة تقدم مواد دراسية ذات صلة بالزراعة وعلوم أخرى من بينها زراعة الغابات والطب البيطري وإنتاج الألبان والمزارع السمكية. تبلغ نسبة الأراضي الصالحة للزراعة في الهند أكثر من 50 في المائة من أراضيها في مقابل 11 - 12 في المائة على مستوى العالم؛ كما أن معظم أحوال المناخ الرئيسية في العالم موجودة هنا، بالإضافة إلى وجود ما يقرب من 80 في المائة من 60 نوع تربة مختلفا حول العالم في الهند. كما يتناسب الجو المشمس المستمر طوال العام مع زراعة المحاصيل؛ وتقع الدولة في مركز للتنوع البيولوجي الذي يقدم موارد هائلة للعالم. وتجذب الهند الطلاب العرب بفضل تقدمها في مجال الزراعة، بالإضافة إلى انخفاض تكاليف البرامج الدراسية والمنح المقدمة للعرب في الزراعة والعلوم المرتبطة بها.
يذهب كثير من الطلاب الوافدين من العالم العربي إلى جامعة بنغالور للعلوم الزراعية التي تقع على مساحة 200 فدان في هيبل جنوب الهند. وفي حين يلتحق 20 طالبا عربيا بكثير من البرامج الدراسية في المرحلة الجامعية والدراسات العليا، يتوقع المسؤولون أن ترتفع الأعداد في عام 2015 - 2016.
يقول كيه تي براسانا، مستشار الطلاب الوافدين في جامعة العلوم الزراعية: «يأتي معظم الطلاب من اليمن وتونس وإيران وأفغانستان والسودان ورواندا. وقد استطاعت الجامعة الحصول على ترتيب بين أكبر 3 جامعات زراعية في الأعوام القليلة الماضية، ومن ثم اكتسبت شهرة دولية».
يدرس حُبيبي حسيني من تونس للحصول على درجة علمية في التكنولوجيا الحيوية للغذاء في جامعة بنغالور الزراعية.
وتظل تونس واحدة من بين عدد قليل من الدول العربية التي تنعم باكتفاء ذاتي من منتجات الألبان والخضراوات والفاكهة، كما أنها تقترب من تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء. وتعد تونس واحدة من أكبر منتجي ومصدري زيت الزيتون والتمر في العالم.
قال حسيني: «أرغب في تأسيس شركة للغذاء البديل في وطني بعد أن أتم دراساتي». وأضاف أنه «نظرا لأن الصحراء تحتل معظم مساحات العالم العربي، مما يشكل تحديا لنا لكي نعتمد على ذاتنا في المنتجات الزراعية، نجد في الهند إلهاما كبيرا». وتابع قائلا: «تعمل عائلتي في زراعة الزيتون، وعلى الرغم من أن محاصيلنا جيدة، فإنني أرغب في تنويعها لتضم القمح والأرز مع تجربة أساليب جديدة في الري وإعداد التربة».
كذلك، يستكمل أحمد نور من مصر دراساته المتقدمة في تكنولوجيا الحبوب والزراعة في جامعة «تشودري هاريانا تشاران سينغ» الزراعية. وقال أحمد نور إن الهند أكبر منتج للقطن العضوي، حيث تقدم ما يصل إلى ثلثي إنتاج القطن العضوي في العالم، لذلك جاء إلى هنا لدراسة زراعة القطن وأنواعه المعدلة وراثيا التي انتشرت في الهند ليرتفع الإنتاج إلى عدة أضعاف.
وأوضح: «مصر أكبر منتج رئيسي في العالم للقطن طويل التيلة، وتورد عادة نحو ثلث المحصول العالمي، ولكن يشكل إجمالي إنتاج القطن في مصر مجرد نسبة ضئيلة من المحصول العالمي. وأنا أريد مساعدة المزارعين في بلادي على تقديم أساليب جديد تتعلق بإعداد التربة وكيفية تحسين المزارعين الهنود للمحاصيل وتحقيق نتائج تجارية أفضل».



جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.