رفضت روسيا والصين المشاركة في اجتماع غير رسمي مغلق عبر الفيديو لمجلس الأمن بهدف تبادل الآراء مع المدير العام لمنظمة الأسلحة الكيماوية فيرناندو آرياس ومنسق فريق التحقيق وتحديد الجهات والأفراد المتورطين في استخدام الغازات السامة سانتياغو أونيت، في شأن الهجمات التي شهدتها سوريا بالغازات المحرمة دولياً.
وأفاد دبلوماسي طلب عدم نشر اسمه لعدد من الصحافيين بأن نافذتي روسيا والصين على الشاشة خلال الاجتماع الافتراضي كانتا فارغتين. واعتبر المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أن الاجتماع الذي طلبه نظراؤه الغربيون «غير مقبول» لأنه ليس علنياً. وقال إنه «رغم انتقاداتنا الصريحة للطبيعة غير المشروعة» لفريق التحقيق، وتحديد الجهات المسؤولة عن الهجمات، لم نعارض إحاطة المدير العام في شأن التقرير الأخير لمنظمة الأسلحة الكيماوية. بل طلبنا الوحيد هو عقد هذا الاجتماع في إطار مفتوح، معبراً عن «الأسف لأن شركاءنا الغربيين وحلفاءهم أصروا على عقد هذا الاجتماع خلف أبواب مغلقة وفي مكان غير رسمي». وأضاف «نحن لا نخجل من مناقشة صعبة ولكنها صريحة».
وعاد إلى التحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية في حلب، والذي «ظل متوقفاً لأكثر من 12 شهراً»، بالإضافة إلى «عدم إجابة الأمانة العامة للمنظمة على أسئلة حول تقرير بعثة تقصي الحقائق المزيف في شأن حادث دوما الكيماوي». واعتبر أن سوريا «تواصل تعاونها الكامل مع عمل بعثات منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، بما في ذلك نشاطات التفتيش التي تتم وفقا لاتفاقية الأسلحة الكيماوية».
واعتبر نيبينزيا أن كل هذه الأحداث وقعت في غضون شهر من الأحداث التي وقعت في اللطامنة وخان شيخون، عندما كان من الممكن أن يوفر تفتيش قاعدة الشعيرات الجوية إجابة قاطعة على الاتهامات. ورأى أن «هناك محاولة لتبييض الأعمال العدوانية غير القانونية ضد سوريا في 2017 و2018». وكذلك قال إن التحقيقات تُجرى في انتهاك صارخ لأحكام اتفاقية الأسلحة الكيماوية، ومن دون احترام المبدأ الأساسي المتمثل في استيفاء الإجراءات لضمان الحفاظ على الأدلة المادية، أي ما يسمى «سلسلة الحضانة»، التي تتطلب جمع الأدلة على وجه الحصر من قبل المتخصصين. وإذ اتهم تقرير فريق التحقيق بأنه «متحيز» بسبب «الطبيعة غير المشروعة للفريق نفسه، والممارسات الخاطئة الأخيرة التي لم يتم معالجتها بعد من قبل الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية واستمرار النية من قبل بعض البلدان لإخفاء المعلومات حول ما يسمى مرافق ومخزونات إنتاج الأسلحة الكيماوية غير معلنة في سوريا».
أما نظيرته الأميركية كيلي كرافت، فقالت إن الولايات المتحدة تحض المجلس وخبراءه على «دراسة تقرير المنظمة بعناية»، مضيفة «لا يمكن أن تكون نتائج التقرير أكثر وضوحاً» لأن «الدليل لا يدحض». وكررت أنه «في ثلاث حوادث منفصلة في مارس (آذار) 2017، أسقط نظام الأسد قنابل تحتوي على السارين والكلور على شعبه (...) وتجاهل النظام التام للحياة البشرية». وأشادت بـ«العمل الشجاع لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية وتؤيد بقوة استنتاجاتها». ورأت أنه «يجب على المجلس بكامله أن يأخذ نتائج التقرير - وما سمعناه هنا اليوم - على محمل الجد»، مؤكدة أنه «لا يمكن لأي قدر من التضليل من الأسد أو عوامل التمكين الروسية إخفاء أو إرباك الحقائق التالية التي تم تأكيدها: وهي أن نظام الأسد يواصل استخدام الأسلحة الكيماوية.
وثانياً أن النظام مسؤول عن هذه الهجمات والعديد من الأسلحة الكيماوية الأخرى منذ انضمامه إلى اتفاقية الأسلحة الكيماوية عام 2013». وطالبت كل الدول بـ«الانضمام إلينا في محاسبة نظام الأسد».
وقالت البعثة الدبلوماسية البريطانية لدى الأمم المتحدة في بيان إن الاجتماع «كان مقرراً بشكل مغلق للسماح لأعضاء المجلس وسوريا بتبادل وجهات النظر بشكل ودي وطرح الأسئلة».
وأضاف أن «رفض حضور الاجتماع والتعاطي مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بشأن مضمون النتائج التي توصلت إليها أمر مخيب للآمال، ومؤشر على تفضيل بعض أعضاء المجلس تقويض عمل المنظمة عن طريق مهاجمة الأشخاص والمؤسسات المكلفة بحمايتها». وعبرت عن «خيبة أملها» من قرار موسكو وبيجينغ.
وعقب الاجتماع طالبت ست دول أوروبية أعضاء بمجلس الأمن الدولي، بمحاسبة أركان النظام السوري المتورطين في استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين في سوريا عام 2017. والدول الست هي: بلجيكا، وإستونيا، وفرنسا، وألمانيا، وبولندا، وبريطانيا. ورحبت الدول الست بصدور التقرير الأول لفريق منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، في 8 أبريل (نيسان) الماضي.
وأضاف «نحن نؤيد بالكامل نتائج التقرير، وندين بشدة استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل النظام على النحو الذي خلص إليه التقرير». وتابعوا «يجب تحديد المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية ومساءلتهم عن هذه الأعمال المشينة».
وأكدوا أن «استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل أي شخص في أي مكان وفي أي وقت وتحت أي ظرف هو انتهاك للقانون الدولي ويمكن أن يرقى لأخطر الجرائم الدولية - جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية». وقالوا إنه «تماشياً مع التزامنا بالشراكة ضد الإفلات من العقاب، فإننا مصممون على ضمان أن يتلقى هذا الانتهاك الواضح للمبادئ الأساسية للاتفاقية أقوى استجابة ممكنة من الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيماوية». وجدد السفراء الستة التزام بلدانهم بدعم منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في جهودها الرامية لتنفيذ قرار الدول الأطراف، الصادر في يوليو (تموز) 2018، بشأن وضع ترتيبات لتحديد مرتكبي استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا.