تركيا تعتبر أنها «قلبت الموازين» في ليبيا

قلق أوروبي بسبب دور أنقرة في حرب طرابلس

TT

تركيا تعتبر أنها «قلبت الموازين» في ليبيا

قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن بلاده تمكنت من قلب الموازين في ليبيا لصالح قوات حكومة الوفاق الوطني، التي يرأسها فائز السراج المدعومة من أنقرة، عادّاً أن الموازين على الأرض بين «الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، وقوات حكومة الوفاق انقلبت لصالح الأخيرة، بقوله: «نعتقد أن الحل الأفضل والوحيد في ليبيا هو الحل السياسي... وعسكرياً لا يمكن التوصل إلى تسوية، ولو لم نحقق التوازن لكانت الحرب قد دخلت طرابلس، وكان يمكنها أن تستمر 10 سنوات أخرى على الأقل».
وأكد جاويش أوغلو أن بلاده ستواصل دعمها حكومة السراج، قائلاً: «العالم كله يرى أنه بفضل تركيا تغيرت الموازين في ليببا... نحن بجانب الحق والشرعية».
وأضاف جاويش أوغلو في مقابلة تلفزيونية أن «دعم فرنسا لحفتر بات أمراً واضحاً»، مشيراً إلى أن وزراء خارجية مصر والإمارات وفرنسا وقبرص واليونان أصدروا قبل يومين بياناً «موجهاً كلياً ضد تركيا».
في السياق ذاته، كررت تركيا تهديداتها بجعل الجيش «الوطني الليبي» هدفاً لها إذا تعرضت البعثات والمصالح التركية في ليبيا للهجوم مرة أخرى.
وقال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم، عمر تشيليك، في تصريحات ليلة أول من أمس عقب اجتماع للجنة المركزية للحزب، برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان عبر تقنية «الفيديو كونفرنس»، إنه «إذا استُهدفت بعثاتنا ومواطنونا في ليبيا، فإننا سنعدّ قوات حفتر هدفاً مشروعاً. فلينتبه الجميع لتحركاته».
وكانت السفارة التركية لدى ليبيا قد قالت الخميس الماضي، إن صاروخ «غراد» سقط على مبنى المحكمة العليا المجاور لمبناها بطرابلس، وإن صاروخاً آخر سقط قرب وزارة الخارجية الليبية.
وعلى أثر ذلك، هددت وزارة الخارجية التركية في بيان بجعل «الجيش الليبي» هدفاً لتركيا إذا تعرضت بعثاتها ومصالحها في ليبيا للهجوم مرة أخرى.
وقالت الوزارة إن القصف الذي استهدف البعثات الدبلوماسية، بما فيها السفارة التركية في طرابلس، ومطار معيتيقة، وطائرات مدنية كانت تستعد للإقلاع، وبنى تحتية مدنية أخرى، يشكّل ما سمتها «جريمة حرب»، مؤكدة أن تركيا ستعدّ عناصر الجيش الوطني الليبي «أهدافاً مشروعة» في حال استهدفت بعثاتها ومصالحها في ليبيا، وستواصل دعمها للحكومة الشرعية الليبية ومؤسساتها «من أجل حماية الشعب الليبي الصديق والشقيق».
في السياق ذاته، ورداً على دور تركيا في الأزمة الليبية الحالية، أعرب الاتحاد الأوروبي، مساء أول من أمس عن القلق جراء دور تركيا وقوى أجنبية أخرى في الحرب الليبية؛ إذ قال المنسق الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد، جوزيب بوريل: «أشعر بالقلق جراء الوضع في ليبيا، وليس سراً أو شيئاً جديداً القول إن تركيا وقوى أجنبية أخرى تتدخل في القتال في ليبيا»، مضيفاً أنه رغم «عملية برلين»؛ «لم يتم وقف إطلاق النار، بل على العكس من ذلك... زاد القتال خلال الأسابيع الماضية، وأنا أشعر بالقلق ليس فقط بسبب دور تركيا، وإنما بسبب القوى الأجنبية الأخرى التي تتدخل في الحرب الليبية». وأضاف الاتحاد الأوروبي أنه يراقب التصعيد المستمر للعنف في ليبيا، وجدد الدعوة إلى هدنة مثلما فعلت الأمم المتحدة عشية بداية رمضان، ووقف القتال في جميع أنحاء ليبيا.
وبخصوص التصريحات التي صدرت عن فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، التي انتقد فيها مهمة «إيريني» الأوروبية، واتهمها بأنها ضد حكومة الوفاق الوطني، قال بوريل إنه تحدث خلال الأيام الماضية مع السلطات الليبية، وأوضح لهم أن مهمة «إيريني» هي وسيلة للسيطرة عن طريق البحر والجو على حركة الأسلحة لتنفيذ حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، بناء على قرار الأمم المتحدة، مشدداً على أن المهمة ليست ضد جهة معينة.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.