لبنان: معطيات إقليمية ومحلية تدفع نحو الإسراع بانتخاب رئيس قبل نهاية العام

تعويل على نتائج الحوار بين «حزب الله» و«المستقبل»

لبنان: معطيات إقليمية ومحلية تدفع نحو الإسراع بانتخاب رئيس قبل نهاية العام
TT

لبنان: معطيات إقليمية ومحلية تدفع نحو الإسراع بانتخاب رئيس قبل نهاية العام

لبنان: معطيات إقليمية ومحلية تدفع نحو الإسراع بانتخاب رئيس قبل نهاية العام

قالت مصادر مسيحية في قوى 14 آذار، إن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة على خط الملف الرئاسي، مستندة في ذلك إلى معطيات دولية ومحلية، تبدأ من الضغوط التي تمارسها فرنسا والفاتيكان والسعودية على لبنان لإنهاء الفراغ في موقع الرئاسة، ولا تنتهي بالحوار المرتقب بين «المستقبل» و«حزب الله» وما بينهما «مبادرة رئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون الأخيرة»، التي دعا خلالها إلى حصر المعركة الرئاسية بينه وبين رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.
وفي حين توقعت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «يستقبل لبنان العام المقبل وقد اتفق اللبنانيون على رئيس من خارج اصطفاف فريقي 8 و14 آذار»، استبعدت في الوقت عينه أن يكون لقائد الجيش جان قهوجي «حظوظ رئاسية»، وأوضحت: «إذا لم يصل عون إلى الرئاسة فلا يمكن لأي رئيس أن يمر من دون موافقته، وأسهم قهوجي لدى رئيس تكتل التغيير والإصلاح هي في حدودها الدنيا».
مع العلم أن اسم قهوجي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، إضافة إلى الوزير السابق جان عبيد، من أبرز الأسماء التي يتداول بها كشخصيات توافقية من خارج الاصطفاف السياسي.
ورجحت المصادر أن تبدأ نتائج المباحثات الإيرانية - الفرنسية الإيجابية بشأن الملف الرئاسي اللبناني بالظهور ووضع الانتخابات الرئاسية على السكة الصحيحة على غرار الطريق الذي سلكته تشكيل الحكومة برئاسة تمام سلام، بعد أشهر من التعثر. وأضافت: «إيران أصبحت محرجة ودور الحكومة لم يعد يكفي لحماية الستاتيكو السني - الشيعي القائم اليوم، وأصبحت على قناعة بضرورة وجود ضابط إيقاع مسيحي وبالتالي الضغط على (حزب الله) لانتخاب رئيس للجمهورية».
بدوره، اعتبر النائب ميشال موسى في كتلة التنمية والتحرير التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري أن هناك مناخات إيجابية إقليمية ومحلية قد تؤدي في مكان ما إلى انفراج في الانتخابات الرئاسية اللبنانية، بعد فراغ 6 أشهر، وفشل مجلس النواب خلال 15 جلسة بالتوافق على انتخاب رئيس. وكان بري أعلن قبل أيام قليلة أن «هناك معطيات إيجابية ملموسة من خلال اللقاءات والاتصالات التي يجريها، بشأن انتخابات الرئاسة».
وقال موسى في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «المفاوضات الإيرانية - الأميركية إضافة إلى التواصل الخليجي والسعودي الإيراني، إضافة إلى الحوار بين (حزب الله) و(المستقبل)، كلها عوامل تشير إلى إمكانية إنهاء الفراغ الرئاسي».
وفي حين لفت إلى أن جدول أعمال الحوار بين الحزب والمستقبل متروك للفريقين، أكد أن نتائج هذا التقارب لا بد أن تنعكس بالدرجة الأولى على الانتخابات الرئاسية.
وهو ما أشارت إليه كذلك المصادر المسيحية لـ«الشرق الأوسط» قائلة إن حوار «حزب الله» - «المستقبل» ليس إلا على الملف الرئاسي، وبالتالي من شأن نتائجه أن تنعكس انفراجا على هذا الخط. من جهتها، لم تر مصادر القوات اللبنانية في التقارب بين الحزب والمستقبل أي خطر على تحالف فريق 14 آذار، بل أكدت أن رئيس الهيئة التنفيذية سمير جعجع يمارس الواقعية السياسية، وسبق له أن أعلن استعداده لسحب ترشيحه إذا تم التوافق على شخصية أخرى من فريق 14 آذار. ووصفت مصادر القوات لـ«الشرق الأوسط» مبادرة عون بـ«المنطقية»، داعية إياه في الوقت عينه إلى تطبيقها من دون شروط. وأضافت: «فلينزل عون وكتلته وحلفاؤه إلى مجلس النواب وليمارسوا العملية الديمقراطية».
ورأت أن إعلان عون عن هذا الطرح ليس إلا نتيجة خوفه من صفقة ما ضده من قبل حلفائه، وفي الوقت عينه لإعادة تصحيح موازين القوى المسيحية - المسيحية، مضيفة: «الجميع يخدمنا من دون أن يعلموا».
بدوره، قال عضو الهيئة التنفيذية في القوات إيدي أبي اللمع: «موقفنا لا يزال إيجابيا بالنسبة لطرح عون. نريد منه أن يذهب إلى مجلس النواب حتى بوجود مرشحين آخرين، لأنه سيصل إلى طرحه بعد الدورة الأولى والثانية حيث سيتم فرز وحصر الترشيح بين ناخبين لينال الفوز المرشح الذي ينال تصويت الأغلبية».
وفي حين كانت معلومات قد أشارت إلى أن فريق 8 آذار، قد ينتقل إلى مرحلة ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بدلا من النائب عون، قالت مصادر القوات: «عدم انتخاب رئيس من 14 آذار يقطع الطريق تلقائيا أمام أي مرشح محسوب على 8 آذار، والبحث بالتأكيد سيكون عن مرشح من خارج الفريقين».
في المقابل، رأى وزير العمل المحسوب على حزب الكتائب، سجعان قزي، أن «هناك استحالة أن يخرق جعجع الاصطفاف والأكثرية»، لافتا إلى أن «هناك توجها لدى 14 آذار للتفكير بمرشح آخر ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل هو المرشح الأول، ولكن على الجميل أخذ قرار بدخول المعركة، ونحن نترك له حرية اتخاذ قرار حلبة دخول معركة انتخابات الرئاسة».
وأكد أن «قوى 14 آذار لا مانع لديها، من ترشح الجميل»، موضحا أن «جعجع أعلن ترشحه ولكنه قال إنه سينسحب إذا لم يستطع الوصول».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.