استمرت المواجهات المسلحة بين القوات الموالية للحكومة اليمنية الشرعية والقوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي لليوم الثاني في محافظة أبين (شرق عدن) دون إحراز أي تقدم للطرفين، بحسب ما أفادت به مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط».
وفي حين واصل الطرفان إرسال التعزيزات العسكرية إلى مناطق المواجهة، حملت الحكومة اليمنية «الانتقالي الجنوبي» مسؤولية اندلاع المعارك، ودعته إلى إنهاء تمرده والتراجع عن «الإدارة الذاتية» التي كان قد أعلنها من عدن قبل أسبوعين، كما لوحت بأنها ستلجأ للحسم العسكري.
وقال وزير الخارجية في الحكومة اليمنية، محمد الحضرمي، في تصريحات رسمية: «إن الحكومة حاولت مراراً التعاطي بإيجابية مع كل جهود تنفيذ (اتفاق الرياض)، وقابل ذلك تعنت مستمر من قبل المجلس الانتقالي، وإصراره غير المبرر على الاستمرار في تمرده المسلح، وتقويض عمل مؤسسات الدولة، بما في ذلك تعطيل عمل الفرق التابعة لوزارة الصحة المعنية بالتصدي لجائحة كورونا في عدن».
واتهم الحضرمي «الانتقالي» بأنه لم يكتفِ برفض الاستجابة لدعوات الحكومة والتحالف ومجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى ضرورة الرجوع عن خطوته المتهورة فيما سماه «الإدارة الذاتية للجنوب»، بل إنه أيضاً استمر في زعزعة الأمن والاستقرار في محافظة أرخبيل سقطرى، ومؤخراً في محافظة أبين، بقيامه بالتحشيد العسكري المستفز.
وفي سياق تبادل الاتهامات بين الحكومة والمجلس الانتقالي في شأن عرقلة تنفيذ «اتفاق الرياض» الذي كانت قد رعته السعودية بين الطرفين قبل نحو 6 أشهر، جدد الحضرمي التزام «الحكومة بتنفيذ اتفاق الرياض كونه خريطة الطريق الآمنة»، لكنه في الوقت نفسه لوح باستخدام الحسم العسكري في مواجهة «الانتقالي».
ونقلت وكالة «سبأ» عن الحضرمي قوله: «إن مسؤولية الجيش الوطني هي الدفاع عن الوطن، وحماية أمنه وسلامة أراضيه، والتصدي لكل تمرد مسلح، وما يترتب عليه من تقويض لمؤسسات الدولة وسلطتها الشرعية»، مشيراً إلى أن الجيش «سيقوم بكل ما يلزم للحفاظ على الدولة ومؤسساتها وسلامة المواطنين».
ودعا وزير الخارجية اليمني، محمد الحضرمي، «الانتقالي» إلى التراجع عن «التمرد»، وأشار إلى أن ذلك «سيحفظ الدماء»، بحسب تعبيره. وقال: «على المجلس الانتقالي أن ينصاع وينفذ استحقاقات اتفاق الرياض، ويتراجع عن إعلان ما سماه (الإدارة الذاتية). وما لم يفعل فسيتحمل المسؤولية عن كل ما سيترتب على استمرار تمرده».
وفي أول تعليق للجيش الحكومي على المواجهات في أبين، أوضح المتحدث باسمه، العميد الركن عبده مجلي، أن قيادة وزارة الدفاع اليمنية، ورئاسة هيئة الأركان العامة، تلقت بلاغات من قيادة محور أبين تشير إلى وجود تحشيد لقوات المجلس الانتقالي في زنجبار وقرية الشيخ سالم ومنطقة الطرية.
ونقل الموقع الرسمي للجيش اليمني عن مجلي قوله: «هناك استفزازات لقوات الجيش الوطني في منطقة شقرة، بإطلاق قذائف الهاون على مواقع الجيش الوطني في منطقتي الكلاسي وشقرة، والوحدات العسكرية اضطرت إلى الرد على تلك الاستفزازات والنيران، والدخول في الاشتباك مع الميليشيات والتعامل مع مصادر النيران»، بحسب قوله.
ويوم أمس (الثلاثاء)، أفادت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» بأن القوات الحكومية تراجعت إلى مواقعها قرب مدينة شقرة الساحلية، بعد أن كانت قد وصلت إلى منطقة «الشيخ سالم»، على بعد نحو 15 كيلومتراً شرق مدينة زنجبار، كبرى مدن محافظة أبين.
وأكدت المصادر أن قوات الطرفين تبادلت قصفاً مدفعياً وصاروخياً مكثفاً، دون الإشارة إلى أعداد القتلى والجرحى، في الوقت الذي استقدم فيه الانتقالي تعزيزات عسكرية إلى زنجبار ومنطقة وادي حسان شرق المدنية، بالتوازي مع قيام القوات الحكومية بإعادة تموضعها قرب مدينة شقرة.
إلى ذلك، أفادت المصادر بأن «الانتقالي الجنوبي» قام بنشر عناصر قواته بكثافة في مدينة عدن وعند مداخلها، رفقة آليات عسكرية، في سياق التشديد الأمني المتزامن مع اندلاع المعارك في أبين المجاورة.
وكانت الحرب الكلامية بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي قد تطورت، الاثنين، إلى معارك بين قوات الطرفين في المنطقة الواقعة بين مدينتي شقرة وزنجبار في محافظة أبين (شرق عدن)، وسط أنباء ميدانية عن سقوط قتلى وجرحى من الجانبين.
وجاءت هذه التطورات بعد أن كان المجلس الانتقالي الجنوبي المسيطر فعلياً على مدينة عدن قد أعلن قبل نحو أسبوعين حالة الطوارئ في المدينة والمدن الجنوبية الأخرى، كما أعلن ما سماه «الإدارة الذاتية» لمناطق الجنوب، بعيداً عن الحكومة الشرعية التي يتهمها بـ«الفساد».
وفي حين تشير المصادر إلى أن هدف القوات الموالية للحكومة التقدم للسيطرة على زنجبار، ومن ثم الزحف باتجاه عدن، ذكرت وسائل إعلام تابعة لـ«الانتقالي» أن القوات الموالية للأخير صدت القوات المهاجمة، وأجبرتها على التراجع، بعد أن دمرت آليات ثقيلة.
وعقب اندلاع المواجهات، ظهر رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي»، عيدروس الزبيدي، في خطاب تلفزيوني بثته قناة «عدن المستقلة» التابعة للمجلس، قال فيه: «إن ميليشيا حزب الإصلاح وقوى الإرهاب المسيطرة على الشرعية تتحمل مسؤولية فشل (اتفاق الرياض)، بعد حشد قواتها إلى شقرة لتفجير الوضع في محافظة أبين».
ودعا الزبيدي قواته للتصدي لما وصفه بـ«العدوان الغاشم»، معتبراً أنها تخوض «حرباً مصيرية (...) من أجل أن ينعم الجنوب بالحرية، وينال استقلاله الذي ناضل من أجله طويلاً».
وعلى خلفية التوتر المتصاعد بين الحكومة الشرعية و«الانتقالي» الجنوبي منذ المواجهات التي كانت قد اندلعت في أغسطس (آب) الماضي، وصولاً إلى إعلان المجلس الجنوبي «الإدارة الذاتية»، كان كل من تحالف دعم الشرعية والأمم الأمم المتحدة ودول عربية وإقليمية وغربية قد دعا إلى التهدئة، والعودة لتنفيذ «اتفاق الرياض» الموقع بين الطرفين في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، برعاية سعودية.
الشرعية تلوّح بـ«الحسم العسكري» لإنهاء تمرد «الانتقالي»
قصف متبادل في أبين مع استمرار تدفق التعزيزات للطرفين
الشرعية تلوّح بـ«الحسم العسكري» لإنهاء تمرد «الانتقالي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة