السودان يرفض مقترحاً إثيوبياً باتفاق جزئي للملء الأول لـ«سد النهضة»

حمدوك يتمسك بتوقيع ثلاثي ويدعو الأطراف للعودة إلى مفاوضات واشنطن

عبد الله حمدوك (وكالة السودان للأنباء)
عبد الله حمدوك (وكالة السودان للأنباء)
TT

السودان يرفض مقترحاً إثيوبياً باتفاق جزئي للملء الأول لـ«سد النهضة»

عبد الله حمدوك (وكالة السودان للأنباء)
عبد الله حمدوك (وكالة السودان للأنباء)

أعلن السودان رفضه لمقترح توقيع اتفاق جزئي بينه وبين إثيوبيا، بشأن «الملء الأول لسد النهضة الإثيوبي، الذي تتمسك أديس أبابا بالشروع فيه في يوليو (تموز) المقبل»، وشدد على أهمية توقيع اتفاق بين دول الحوض الثلاث.
وقالت وزارة الري السودانية، في نشرة صحافية، أمس، إن الخرطوم جددت تأكيد موقفها بأهمية توقيع اتفاق ثلاثي بين العواصم الثلاث، قبل بدء الملء الأول لسد النهضة، ورفضها لأي اتفاق جزئي للمرحلة الأولى، نظراً لارتباط ذلك بجوانب فنية وقانونية تجب إضافتها للاتفاق النهائي، بينها «آلية التنسيق وتبادل البيانات، وسلامة السد، والآثار البيئية والاجتماعية للسد».
ونقلت الوزارة أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، رفض مقترحاً تقدم به رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، في خطاب وجهه له، بتوقيع اتفاق جزئي للملء الأول، مؤكداً أن الطريق للوصول لاتفاق شامل يمر بالاستئناف الفوري للمفاوضات بين الأطراف، التي أحرزت تقدماً في الأربعة أشهر الأخيرة.
وقال حمدوك، حسب النشرة، إن السودان «يرى أن الظروف الحالية قد لا تتيح المفاوضات عبر القنوات الدبلوماسية العادية، لكن يمكن استئنافها عن طريق المؤتمرات الرقمية (فيديو كونفرانس)، ووسائل التكنولوجيا الأخرى لاستكمال عملية التفاوض والاتفاق على النقاط المتبقية».
من جهته، قال د. صالح حمد، رئيس لجنة التفاوض المسؤول عن المياه العابرة، إن معظم القضايا تحت التفاوض بين البلدان الثلاث، وأهمها «آلية التنسيق وتبادل البيانات، وسلامة السد، والآثار البيئية والاجتماعية، مرتبطة ارتباطاً وثيقاً، ليس بالملء الأول فحسب، وإنما بكل مراحل الملء والتشغيل طويل المدى، وبالتالي لا يمكن تجزئتها».
وأوضح حمد، أن الخرطوم تتحرك من أجل استئناف عملية التفاوض، بمرجعية مسار التفاوض، الذي قادته وزارة الخزانة الأميركية في واشنطن، وأفلح في حل نحو 90 في المائة من النقاط الخلافية، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء أجرى اتصالاً هاتفياً بوزير الخزانة الأميركي، راعي المفاوضات، في مارس (آذار) الماضي، أكد له فيها دعمه لمسعاه.
وحسب المسؤول السوداني، فإن حمدوك أجرى مؤخراً اتصالات برؤساء إثيوبيا ومصر، لدعوتهما لاستئناف المفاوضات في وقت قريب، وذلك بهدف الوصول لاتفاق شامل حول ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، قبل حلول الفيضان المقبل.
وكان منتظراً أن توقع كل من مصر وإثيوبيا والسودان على اتفاقية أعدتها وزارة الخزانة الأميركية، تتعلق بملء وتشغيل سد النهضة بواشنطن في مارس (آذار) الماضي، لكن إثيوبيا غابت عن الاجتماع، الذي شاركت فيه مصر والسودان. ووقعت القاهرة بالأحرف الأولى على مقترح الاتفاق، بينما تحفظ السودان على توقيعه، وغابت إثيوبيا عن حضور الاجتماع، متذرعة بظروف داخلية تحول دون توقيعها لاتفاقية دولية لا تضمن إجازتها من قبل البرلمان.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، استضافت الإدارة الأميركية اجتماعات وساطة بين البلدان الثلاثة، استجابة لطلب مصري بإشراك وسيط دولي، وذلك بسبب تعثر المفاوضات التي جرت في العواصم الثلاث. وعقدت الأطراف الثلاث عدداً من جولات التفاوض في واشنطن، برعاية وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، وبحضور ممثل عن البنك الدولي كمراقبين، أعد بموجبها الطرف الأميركي مسودة اتفاق لتقاسم مياه النهر، كان ينتظر توقيعه. لكن الغياب الإثيوبي عن حضور جولة التوقيع قطع الطريق أمام الوصول لاتفاق.
ومنذ عام 2011، الذي بدأت فيه إثيوبيا إنشاء «سد النهضة»، نشبت خلافات عميقة بين القاهرة وأديس أبابا، حيث عبرت الأولى عن خشيتها من التأثيرات السلبية على حصتها من مياه النيل البالغة 55.5 مليار متر مربع سنوياً. فيما تتمسك أديس أبابا بحقها في إقامة المشروعات الحيوية في حدودها، مشددة على أنها تعُد المشروع واحداً من المشروعات الحيوية، بل المعبرة عن رغبة شعبية في التنمية الاقتصادية، وإنه يتيح لها أن تكون أكبر مصدر للطاقة الكهرومائية في أفريقيا.
وأول من أمس، أعلن وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي الدكتور سيليشي، أن حكومة بلاده ستبدأ تنفيذ خطتها لبدء عملية ملء سد النهضة في يوليو المقبل، وقال إن المرحلة الأولى قد اكتملت لاستيعاب ملء السد.
كان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، قد أجرى مشاورات مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، عبر اتصال هاتفي، أول من أمس، بشأن العلاقات الثنائية والقضايا الاقتصادية والإقليمية. وقال أحمد، على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إن المحادثة الهاتفية كانت جيدة، وركزت على تبادل الأفكار حول مختلف القضايا، وأضاف موضحاً: «تبادلنا الأفكار حول تعزيز العلاقات الاقتصادية بين بلدينا، واستمرار السلام والأمن الإقليميين».
ونقلت وكالة الأنباء الإثيوبية عن وزير المياه والري والطاقة، الدكتور سيليشي بقل، عقب اجتماع للجنة الفنية لسد النهضة، ترأسه رئيس الوزراء أبي أحمد، أول من أمس، قوله إن مرحلة البناء الحالية تمكّن من استيعاب البدء في ملء السد في مرحلته الأولى في يوليو المقبل، مشيراً إلى أن اللجنة الفنية أجرت تقييماً للتقرير الذي قدمه في الاجتماع، وأن أعمال الهندسة المدنية بلغت 87 في المائة، كما تم إنجاز عملية البناء بشقيه المدني والإلكتروني بنسبة 73 في المائة.
كما كشفت الوزير الإثيوبي أن حكومته أعدت وثيقة «رد مناسب» بشأن الشكوى التي تقدمت بها مصر إلى مجلس الأمن الدولي، احتجاجاً على خطة أديس أبابا لبدء ملء خزان سد النهضة الإثيوبي الكبير.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.