حملات جباية حوثية تهدد بتوقف النشاط التجاري في إب

TT

حملات جباية حوثية تهدد بتوقف النشاط التجاري في إب

لم تتوقف الميليشيات الحوثية منذ انقلابها على الشرعية في 2014 عن ابتكار شتى الذرائع لنهب مزيد من أموال اليمنيين لجهة إثراء قادتها وتمويل مجهودها الحربي، وهو الأمر الذي دفعها أخيراً إلى شن حملات اعتقال واسعة في محافظة إب (170 كيلومتراً جنوب صنعاء) في أوساط التجار، لإرغامهم على دفع مبالغ ضخمة تحت اسم «الزكاة».
وأدى التعسف الحوثي الذي بدأ من صنعاء قبل نحو أسبوع، إلى دفع كثير من التجار في هذه المحافظة التي باتت تشكل مركز ثقل سكاني، إلى إغلاق متاجرهم، والتهديد بوقف أنشطتهم التجارية، احتجاجاً على سلوك الجماعة التي تسعى إلى إرغامهم على دفع الزكاة بنسبة زيادة عن العام الماضي قدرها 1000 في المائة.
وفي هذا السياق، شكا عديد من التجار وملاك المحلات والمشروعات التجارية الصغيرة في إب لـ«الشرق الأوسط» مما وصفوه بـ«تغول» مشرفي الجماعة الحوثية الذين يهددون باعتقالهم إذا رفضوا دفع الأموال التي قررتها الجماعة بشكل تعسفي وغير قانوني.
وذكر التجار أن الحملات الحوثية التي طالت كثيراً منهم تأتي في سياق حملات الجماعة السابقة التي تستهدف التجار ورجال المال بشكل عام، والمواطنين البسطاء الباحثين عن لقمة العيش لسد رمق جوع أسرهم على وجه الخصوص.
وأوضح التجار أن إيقاف أنشطتهم التجارية مؤخراً، جاء عقب حملة ابتزاز حوثية واسعة نفذتها الجماعة على مدار أكثر من أسبوع؛ حيث طالت المئات من منهم بالتعسف والتهديد والإغلاق لمحالهم مع اعتقال عدد آخر منهم.
وكان ناشطون في محافظة إب قد تداولوا في وقت سابق صوراً ومقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي، أظهرت إحجام أصحاب المحلات التجارية عن فتح محلاتهم، رفضاً للإجراءات التعسفية التي يقوم بها المشرفون الحوثيون.
ومع استمرار تغاضي قادة الميليشيات في المحافظة عن كل ما يحدث من انتهاكات بحق السكان في إب، ومواصلة تسخير كل إمكاناتها وطاقتها في جباية مزيد من الأموال ولو على حساب معاناة اليمنيين، توقع الناشطون المحليون أن يكون هناك تصعيد ضد حملات الابتزاز، وصولاً إلى الإضراب الشامل، وإغلاق جميع المحلات في محافظة إب وفي كافة المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات الحوثية.
إلى ذلك، كشفت مصادر محلية في المحافظة عن أن حملات البطش الحوثية أسفرت عن اعتقال 24 من كبار تجار المحافظة، وأغلبهم من تجار الجملة؛ حيث تم الزج بهم في سجون الجماعة بناء على أوامر القيادي الحوثي ماجد التينة، المعين مديراً لما تسمى «هيئة الزكاة» التي أنشأتها الجماعة وألحقتها بمجلس حكمها الانقلابي في صنعاء مباشرة.
وكان التينة قد أمر الميليشيات في المحافظة بشن الحملة على التجار عقب تعيينه حديثاً، في مسعى منه لجباية الزكاة التي رفع مقدار الزيادة فيها إلى أكثر من ألف في المائة.
وكشفت المصادر عن تدخل الغرفة التجارية وأعضاء من المجلس المحلي في إب لإقناع عناصر الجماعة بإطلاق سراح التجار المعتقلين؛ حيث أفرجت عنهم الجماعة عقب ثلاثة أيام من الاعتقال في سجونها الخاصة.
وعبَّر مصدر مسؤول في الغرفة التجارية في إب، طلب عدم الكشف عن هويته، لـ«الشرق الأوسط»، عن استنكاره وغضبه لما قام به القيادي الحوثي التينة من اعتقال للعشرات من كبار التجار وإيداعهم السجن، وإبلاغهم بأنهم لن يغادروه إلا بعد التوقيع على الإقرارات الجديدة بشأن مبالغ الزكاة، وتوعدهم بالعقاب الشديد استناداً إلى العلاقة التي تجمعه مع مدير أمن المحافظة الحوثي أبو محمد الطاووس، الذي عمل معه قبل ذلك في ذمار المجاورة.
وأبدى المصدر المسؤول استغرابه الشديد من حملة البطش التي نفذها القيادي الحوثي، واصفاً إياه بالشخص «السيئ السمعة» والمطرود سابقاً من ذمار على خلفية اعتدائه على قاضي محكمة الأموال العامة الذي استدعاه للرد على شكوى من أحد التجار بسبب مضاعفة مبالغ الزكاة عليه، نهاية العام الماضي.
وكما منعت الميليشيات الحوثية قبل فترة تجار العاصمة صنعاء من دفع زكاتهم للفئات المستحقة من الفقراء والمحتاجين، وأصدرت بموجب ذلك تعميماً يلزم منتسبي القطاع الخاص بالامتناع عن صرفها للفئات المستحقة، والاكتفاء بدفعها للهيئة الحوثية، ألزمت الميليشيات نفسها بفرع هيئتها في إب جميع التجار ممن لديهم فقراء يساعدونهم بأن يرفقوا قائمة بأسمائهم وتسليمها لفرع الهيئة التي ستتولى التأكد منهم، وتصرف لهم مساعدات من نصف الزكاة التي يدفعها التاجر.
وكشف المصدر المسؤول عن لقاءات عدة جمعت قيادة الغرفة التجارية في إب مع المحافظ المعين من قبل الميليشيات، بهدف وضع حد لممارسات وابتزازات مدير هيئة الزكاة الحوثي بحق التجار والمواطنين بالمحافظة.
وفي سياق فساد القيادي الحوثي المعين لإدارة فرع هيئة الزكاة الحوثية بإب، أظهرت وثيقة صادرة عن نيابة ذمار تداولها الناشطون اليمنيون، أنه تم استدعاؤه نهاية العام الماضي للتحقيق معه في واقعة الاعتداء على رئيس محكمة شرق ذمار القاضي الموشكي، إلا أن الحوثيين نقلوه وجرى تعيينه في إب، تكريماً له نتيجة بطشه بالمئات من التجار بذمار.
وعلى وقع الانتهاكات الحوثية المستمرة بحق سكان محافظة إب الواقعة تحت سيطرة الجماعة، وجه بائعون متجولون ومواطنون وأصحاب مشروعات صغيرة في إب عبر «الشرق الأوسط»، نداء استغاثة لإنقاذهم من بطش وجور وتعسف ونهب الميليشيات.
وأوضح مالك متجر في مدينة إب رمز لاسمه بـ«ع.خ» أن الجماعة أطلقت عناصرها المسلحين في أرجاء المدينة، بغية البطش بجميع التجار والتنكيل بهم، وهو أمر يتعارض مع كافة القيم والشرائع والقوانين، بحسب تعبيره.
وأضاف أن «عناصر الجماعة الحوثية أقدموا على إغلاق متجره، واعتقاله مع اثنين من أبنائه وتهديدهم بإطلاق الرصاص عليهم، قبل أن يقوم بدفع مبلغ مالي لأحد المشرفين مقابل إطلاقه مؤقتاً، ريثما يتدبر مبلغ الزكاة المطلوب منه من قبل الجماعة».
وتأتي حملات الاعتقال الحوثية في محافظة إب، عقب حملات نفذتها الجماعة بحق التجار ومنتسبي القطاع الخاص في العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى واقعة تحت سيطرتها.
وكانت الميليشيات الحوثية قد بدأت مع مطلع شهر رمضان في صنعاء بتدابيرها التعسفية لجباية أموال الزكاة لهذا العام، وتوريدها إلى حساب الهيئة غير القانونية التي استحدثتها لهذا الغرض، وجعلتها تابعة بشكل مباشر لمجلس حكم الانقلاب.
وكان عاملون في الهيئة الحوثية الخاصة بجمع الزكاة بصنعاء أفادوا في وقت سابق «الشرق الأوسط» بأن الجماعة نشرت فرقاً ميدانية للنزول إلى شركات القطاع الخاص والتجار وملاك العقارات والأراضي الزراعية، لتحصيل أموال الزكاة، وهددت في إشعارات وزعتها بمعاقبة من يتأخر عن الدفع.
وذكر العاملون أن الفرق الميدانية أشعرت التجار وأصحاب المحلات والعقارات بأن عليهم الامتناع عن صرف أي أموال خاصة بالزكاة لمصلحة الفقراء أو الأسر المحتاجة، وبأن عليهم تسليم كل الأموال المستحقة إلى أتباعها المكلفين بجمعها.
وبموجب تلك السلسلة الضخمة من التدابير الحوثية المتخذة بحق اليمنيين بمناطق سيطرتها، تكون الجماعة قد حرمت آلاف الأسر الفقيرة من الحصول على سلال غذائية ومساعدات يقدمها التجار سنوياً؛ حيث باتت الميليشيات هي المستفيد الوحيد من أموال الزكاة النقدية والعينية.
وعلى مدار سنوات الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية، تمكن قادتها من جمع ثروات ضخمة جرَّاء الإتاوات والجبايات المفروضة على السكان في المناطق الخاضعة لها، وهو ما كبَّد اليمنيين أعباءً ومشقات اقتصادية غير مسبوقة.


مقالات ذات صلة

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».