شهدت مراكز تنظيم الدعم الحكومي في دمشق ازدحاماً بعد إجراءات تقشفية اتخذتها الحكومة السورية، بالتزامن مع انخفاض سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي، حيث قوبلت الإجراءات بانتقادات شعبية.
وتوقفت وزارة النفط في سوريا، الأحد، عن تزويد السيارات التي تستهلك كميات أكبر من الوقود، بالبنزين المدعوم، في إجراء تقشفي جديد يعكس حاجة دمشق لتوفير النفقات والمشتقات النفطية.
وتعاني سوريا، خصوصاً في العامين الأخيرين، من نقص كبير في موارد الطاقة لا سيما البنزين وأسطوانات الغاز المنزلي، ما دفع الحكومة إلى اتخاذ سلسلة إجراءات تقشفية تباعاً بهدف ترشيد الاستهلاك.
وأعلن وزير النفط والثروة المعدنية علي غانم، إيقاف تزويد السيارات الخاصة ذات سعة المحرك من «2000 سي سي» وما فوق، وكل من يملك أكثر من سيارة، سواء أكان فرداً أو شركة، بالبنزين المدعوم على أن توظّف الإيرادات التي سيتمّ توفيرها في «مشاريع خدمية وتنموية» لم يحدد ماهيتها.
وبات يتوجب على المشمولين بالقرار تأمين الوقود لسياراتهم على نفقتهم الخاصة، أي بالسعر غير المدعوم والمحدد بتسعة آلاف ليرة سورية (12 دولاراً تقريباً) لصفيحة البنزين (20 لتراً) فيما كانوا يحصلون عليها بخمسة آلاف ليرة فقط.
وأثار القرار انتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشارع. ويلقي مسؤولون حكوميون بشكل مستمر المسؤولية في أزمة الوقود على العقوبات الاقتصادية التي تفرضها دول عدة عربية وغربية، ما يَحول دون وصول ناقلات النفط. وفاقمت العقوبات الأميركية على طهران، أبرز داعمي دمشق، أزمة المحروقات في سوريا التي تعتمد على خط ائتماني يربطها بإيران لتأمينها.
وقال غانم قبل أيام إن بلاده تحتاج 146 ألف برميل نفط خام يومياً، بينما المنتج حالياً هو 24 ألف برميل، أي أن الفجوة اليومية هي 122 ألف برميل.
وبلغ إنتاج سوريا من النفط قبل اندلاع النزاع عام 2011 نحو 400 ألف برميل يومياً. لكن القطاع مُني بخسائر كبرى، ولا تزال غالبية حقول النفط والغاز تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة أميركياً، في شمال وشرق البلاد.
وتشهد سوريا أزمة اقتصادية خانقة، تتزامن مع انهيار متتالٍ للعملة المحلية، ما ينعكس ارتفاعاً في أسعار معظم السلع. ويرزح الجزء الأكبر من السوريين تحت خط الفقر وفق الأمم المتحدة. وقدّر برنامج الأغذية العالمي ارتفاع أسعار المواد الغذائية بمعدل 107% خلال عام واحد. وانخفض سعر صرف الليرة إلى 1500 مقابل الدولار.
وعُيّن محافظ حمص طلال برازي، أول من أمس، وزيراً للتجارة المحلية، التي تشرف على تسيير هذه الأمور.
إلى ذلك، يتعرض أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق زياد زنبوعة، لتهديد بعقوبة جراء تحذيره قبل ثلاث سنوات من تلاشي الطبقة الوسطى في سوريا.
وقتذاك، انتقد زنبوعة «الحل العس - أمني» (العسكري - الأمني) المطبق في سوريا الذي «نجح في لجم الطبقة الوسطى من الانخراط في معالجة الأزمة وتطفيش نخبة لا بأس بها من المثقفين السوريين بمختلف مشاربهم العلمية والفكرية والاجتماعية. وبالتالي، تم تحييد الشريحة الأكبر والأهم من المساهمة في الحل».
بعد تلك المحاضرة التي ألقاها الدكتور زياد زنبوعة، في غرفة تجارة دمشق بتاريخ 17 يناير (كانون الثاني) 2017 خلال ندوة بعنوان «الطبقة الوسطى من وجهة نظر اقتصادية وتداعيات الأزمة»، فرضت الجامعات السورية قيوداً على الأساتذة فيها، ومنعتهم من الإدلاء بأي تصريح أو محاضرة دون إذن مسبق، فيما أُحيل زنبوعة إلى المجلس لأعضاء الهيئة التدريسية في جامعة دمشق. وعادت قضيته لتتفاعل مؤخراً، مع تجديد المجلس التأديبي قرار «النقل التأديبي» الصادر بحق الأستاذ زنبوعة مارس (آذار) الماضي وتسلم نسخة منه مؤخراً، ليبادر إلى نشره على حسابه في «فيسبوك»، قائلاً: «منذ سنوات وما فتئت تتكالب على الجهات القضائية والجامعية وموجهيهم»، مستغرباً معاقبته وإحالته إلى «مجلس تأديب مسلكي» على خلفية مشاركته بندوة دُعي إليها رسمياً من الجهات الرسمية الثلاث التي نظّمتها: كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، وغرفة تجارة دمشق، وجمعية العلوم الاقتصادية.
وعدّ قرار مجلس الهيئة التدريسية التأديبي أن زنبوعة «تطرق في محاضرته باستهزاء إلى ما تقوم به الدولة في مجال الإصلاح السياسي والاقتصادي خلال الأزمة التي تمر بها البلاد»، وأن من شأن ذلك «المساس بهيبة الدولة وإضعاف الشعور الوطني (...) ويشكل بالتالي إخلالاً بواجباته الوظيفية».
انتقادات في دمشق لإجراءات «تقشفية» حكومية وسط انخفاض لقيمة الليرة
جامعة تعاقب أكاديمياً حذّر من «الحل الأمني» قبل 3 سنوات
انتقادات في دمشق لإجراءات «تقشفية» حكومية وسط انخفاض لقيمة الليرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة