تقرير: تجاهل إيران مخاوف «كورونا» تسبب في وفاة عشرات الأطباء والممرضين

ممرضة إيرانية (أ.ب)
ممرضة إيرانية (أ.ب)
TT

تقرير: تجاهل إيران مخاوف «كورونا» تسبب في وفاة عشرات الأطباء والممرضين

ممرضة إيرانية (أ.ب)
ممرضة إيرانية (أ.ب)

رغم إلقاء طهران اللوم على العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة عليها في عدم جاهزيتها للتعامل مع فيروس «كورونا» المستجدّ بشكل صحيح، فإن بعض الأطباء المختصين يؤكدون أن قادة إيران وحكومتها يتحملون العبء الأكبر من اللوم لسماحهم للفيروس بالانتشار وإخفاء المعلومات المتعلقة به والتعتيم عليها.
وبحسب وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء، يقول هؤلاء الأطباء إن تجاهل الحكومة الإيرانية المخاوف المتعلقة بالفيروس، تركهم بلا حماية كافية للتعامل مع العدوى.
ونتيجة لذلك، تضرر الأطباء والممرضات في إيران بشدة من الفيروس، وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من تفشي المرض، كان يتوفى يومياً عامل صحي واحد على الأقل ويصاب العشرات.
وأجرت وكالة «أسوشييتد برس» أكثر من 30 مقابلة مع أطباء إيرانيين عبر تطبيقات المراسلة، وقد تحدث جميع هؤلاء الأطباء شريطة عدم الكشف عن هويتهم خوفاً من التعرض للبطش من الحكومة الإيرانية.
وأشار الأطباء إلى أن الطاقم الطبي الإيراني واجه الفيروس في البداية بمعدات محدودة للغاية، واضطر البعض إلى غسل العباءات والأقنعة الخاصة بهم بمعرفتهم، في حين لجأ آخرون إلى لف أجسادهم بأكياس بلاستيكية اشتروها من المتاجر.
وتسبب ذلك في تلقي عشرات الأطباء العدوى من مرضاهم؛ حيث لم تكن هذه الإجراءات كافية لحمايتهم بشكل كاف.
وقال كثير من الأطباء إن قادة إيران أرجأوا إخبار الشعب بتفشي الفيروس لأسابيع، حتى مع امتلاء المستشفيات بأشخاص يعانون من أعراض مرتبطة بـ«كورونا». وعندما نصح الأطباء والخبراء الآخرون الرئيس الإيراني بضرورة اتخاذ إجراء جذري تجاه هذه الأزمة، لم تستجب الحكومة خوفاً من تأثير ذلك على الانتخابات والاقتصاد.
بالإضافة إلى ذلك، أكد أحد الأطباء أن المسؤولين الحكوميين طلبوا منه ومن زملائه عدم ارتداء أدوات الحماية، قائلين إن ارتداءها قد يسبب الذعر للمواطنين.
وفي يوم 10 مارس (آذار) الماضي، وصف المرشد الإيراني علي خامنئي الأطباء والممرضات والموظفين الطبيين الذين لقوا حتفهم في الحرب ضد فيروس «كورونا» في إيران بالـ«شهداء». وتم وضع صور للأطباء المتوفين إلى جانب صور الجنود الذين قتلوا في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات.
وعلق مستشار صحي إيراني على هذا الأمر قائلاً: «إنهم يقومون بتطبيع الموت».
ووجدت قائمة جمعتها مجموعة من الأطباء الإيرانيين أن إجمالي 126 من العاملين الطبيين لقوا حتفهم منذ الإبلاغ عن الفيروس لأول مرة، معظمهم في مقاطعتي غيلان وطهران، بينما أصيب أكثر من 2070 بالفيروس.
واعترف المتحدث باسم وزارة الصحة، كيانوش جهانبور، بتضرر عدد كبير من العاملين في مهنة الطب من الفيروس، ولكنه قال إن العدد الإجمالي للوفيات بين هؤلاء العاملين الطبيين هو 107. في حين قدر عدد الإصابات بـ470 حالة.
إلا إن جهانبور يلقي باللوم على الولايات المتحدة في هذه الأزمة، مشيراً إلى أن العقوبات التي فرضتها على إيران أعاقت معركتها مع المرض؛ إذ جعلت من الصعب على إيران الحصول على الإمدادات الطبية الحيوية والمعدات اللازمة لعلاج مرضى الفيروس.
وأبلغت إيران عن أول حالتي إصابة بالفيروس في 19 فبراير (شباط) الماضي في مدينة قم، لكن الأطباء الذين قابلتهم «أسوشييتد برس» قالوا إنهم فحصوا حالات كانت لديها أعراض «كورونا» نفسها قبل ذلك التاريخ بوقت طويل، مؤكدين أنهم أخبروا وزارة الصحة بالأمر وحثوها على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة، من بينها فرض حجر صحي بالبلاد وتقييد السفر والرحلات الجوية مع الصين. ولكنهم أشاروا إلى أن الأمر استغرق نحو أسبوعين قبل اتخاذ الحكومة هذه الإجراءات.
وقال طبيب وناشط مقيم في محافظة مازاندران: «قدمنا كثيراً من المعلومات إلى الحكومة من خلال قنوات الاتصال المختلفة، ولكنها تجاهلت هذه المعلومات».
وبعد يومين من إعلان أول حالتي إصابة، عقدت إيران انتخاباتها البرلمانية حيث اصطف آلاف المواطنين أمام اللجان للتصويت. وفي اليوم نفسه، ناشد الأطباء في غيلان المحافظ لمساعدتهم، قائلين إن مستشفياتهم غمرت بالمرضى وسط نقص في الأقنعة ومعدات الحماية الأخرى.
وجاء في الرسالة التي بعث بها الأطباء للمحافظ، أن «العاملين الصحيين في المحافظة معرضون لتهديد كبير».
لكن المسؤولين الحكوميين قللوا من خطورة الفيروس زاعمين أن الفيروس مجرد خدعة من الولايات المتحدة لإثارة الذعر في البلاد.
بالإضافة إلى ذلك، أشار عدد من الأطباء إلى أن رجال الأمن أجبروهم على تزوير شهادات وفاة خاصة ببعض مرضى «كورونا» وطلبوا منهم أن يرجعوا سبب الوفاة إلى أمراض أخرى.
وأعلنت وزارة الصحة الإيرانية، اليوم (الثلاثاء)، ارتفاع عدد حالات الوفيات الناجمة عن الإصابة بفيروس «كورونا» في البلاد إلى 6733 حالة، بعد تسجيل 48 حالة وفاة جديدة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وصرح جهانبور اليوم بأن إجمالي عدد الإصابات قد ارتفع إلى 110 آلاف و767 حالة، بعد تسجيل 1481 حالة إصابة جديدة. ولفت إلى أن 2713 من المصابين في وضع حرج. كما أعلن أن عدد المتعافين ارتفع إلى 88 ألفاً و357 حالة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)
جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)
TT

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)
جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

ألقت السلطات التركية القبضَ على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي بجنوب تركيا، في 11 مايو (أيار) 2013 وخلّف 53 قتيلاً.

وذكرت ولاية هطاي، في بيان، أنَّه «تمَّ القبض على الإرهابي المطلوب على النشرة الحمراء للإرهاب بوزارة الداخلية التركية، جنجيز سرتل، بالتنسيق بين جهازَي المخابرات والأمن».

ولفت البيان إلى أن «التحريات أظهرت أن سيرتل تولى الإشراف على نقل المتفجرات المستخدَمة في هجوم ريحانلي، من سوريا إلى تركيا».

صورة موزعة من مديرية أمن هطاي للمتهم في هجوم ريحانلي جنجيز سرتل (إعلام تركي)

وفي 30 يونيو (حزيران) 2022، جلبت أجهزة الأمن التركية الإرهابي، محمد غزر، الذي يُعتقد بأنَّه العقل المدبر لهجوم ريحانلي، من أميركا، بالتعاون مع الإنتربول الدولي، في ضوء اعترافات أدلى بها مُخطِّط الهجوم، يوسف نازك، بتلقيه التعليمات من غزر، الذي كان مسجوناً في أميركا بتهمة الاتجار بالمخدرات.

ويستمرّ ضبط المتورطين في الهجوم الإرهابي المزدوج الذي حمّلته السلطات التركية لعناصر موالية لنظام بشار الأسد السابق في سوريا، على الرغم من إعلان المحكمة الجنائية العليا في أنقرة عام 2018 قراراتها ضد المتهمين بتنفيذ الهجوم.

وحوكم في القضية 33 متهماً، حُكم على 9 منهم بالسجن المؤبد المشدد 53 مرة لكل منهم، والحكم على 13 متهماً بالسجن فترات تتراوح من 15 إلى 22 سنة و6 أشهر، في حين حصل 3 على أحكام بالبراءة.

وواجه المتورطون في التفجيرات اتهامات «الإخلال بوحدة الدولة وسلامة البلاد».

وتعرَّضت بلدة ريحانلي، التي يقطنها آلاف السوريين الذين فروا من سوريا عقب اندلاع الحرب الأهلية في 2011 إلى جانب أغلبية من العلويين الأتراك في 11 مايو 2013، لتفجير مزدوج بسيارتين أسفر عن سقوط 53 قتيلاً، واتهمت السلطات التركية عناصر موالية لنظام بشار الأسد بتنفيذه.

والبلدة هي من أقرب نقاط التماس مع محافظة حلب في سوريا على الحدود التركية، وتحوَّلت إلى بؤرة ملتهبة بعدما دعمت تركيا فصائل المعارضة المسلحة ضد نظام الأسد.

وشهدت البلدة، في 5 يوليو (تموز) 2019 هجوماً آخر بسيارة مفخخة أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 3 سوريين داخل سيارة كانوا يستقلونها في البلدة.