إسرائيل تهدم منزل أسير في رام الله

صعدت سياسة العقاب الجماعي منذ العام الماضي

عائلة تراقب هدم منزلها في الضفة أمس (أ.ب)
عائلة تراقب هدم منزلها في الضفة أمس (أ.ب)
TT

إسرائيل تهدم منزل أسير في رام الله

عائلة تراقب هدم منزلها في الضفة أمس (أ.ب)
عائلة تراقب هدم منزلها في الضفة أمس (أ.ب)

هدمت إسرائيل أمس، منزل الأسير الفلسطيني قسام البرغوثي في بلدة كوبر شمال غربي رام الله في الضفة الغربية، ما أدى إلى مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات الجيش.
وانهالت جرافات إسرائيلية على المنزل المكون من طابقين، ودمرته وسط اشتباكات. وهدم المنزل جاء انتقاماً من مشاركة البرغوثي في خلية نفذت عملية تفجير عبوة ناسفة بالقرب من مستوطنة «دوليف» غرب رام الله، العام الماضي، وأدت إلى مقتل رينا شنيراب (17 عاماً) وإصابة والدها ايتان (46 عاماً) وشقيقها دفير (19 عاماً).
وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان: «قامت قواتنا بهدم منزل المخرب المدعو قسام شبلي من قرية كوبر الذي ارتكب مع أفراد الخلية الإرهابية الآخرين العملية في عين داني قرب بلدة دوليف في 23 من شهر أغسطس (آب) 2019، التي أدت إلى مقتل فتاة إسرائيلية وإصابة والدها وشقيقها».
وأضاف البيان: «خلال عملية الهدم، اندلعت أعمال شغب عنيفة بمشاركة عشرات الفلسطينيين الذين أشعلوا الإطارات وألقوا الحجارة والزجاجات الحارقة، ضد القوات التي ردت باستخدام وسائل لتفريق المظاهرات».
وأكد الجيش الإسرائيلي أنه سيواصل «العمل للحفاظ على الأمن في المنطقة وضد عناصر الإرهاب في يهودا والسامرة» (الضفة الغربية).
وتعمد إسرائيل إلى هدم بيوت الفلسطينيين الذين شاركوا في عمليات قتل فيها إسرائيليين، كمحاولة لخلق حالة من الردع، لكنها سياسة طالها كثير من الجدل داخل إسرائيل باعتبارها غير مجدية، ورفضتها مؤسسات حقوقية باعتبارها شكلاً من أشكال العقاب الجماعي. وبهدم منزل البرغوثي تكون إسرائيل هدمت 3 منازل لأعضاء في الخلية نفسها. وفي شهر مارس (آذار) الماضي، هدمت إسرائيل منزلي وليد حناتشة ويزن مغامس من رام الله وبير زيت، اللذين قاما أيضاً بتنفيذ الهجوم.
وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين اللواء قدري أبو بكر، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلية تشن حرباً حقيقية على الأسرى وعائلاتهم بشتى السبل الإرهابية والعنصرية. وأضاف أبو بكر، في بيان: «إن سلطات الاحتلال بكل مكوناتها التشريعية والتنفيذية والقضائية تتكامل في مواصلة هذا المسلسل القمعي والقذر لتجريم النضال الفلسطيني ووسمه بالإرهاب وممارسة العقاب الجماعي بحق الأسرى وعائلاتهم كهدم البيوت وفرض الغرامات الباهظة والحبس المنزلي وغيرها». ورفضت فصائل فلسطينية هدم منزل البرغوثي واعتبرته جريمة حرب. وأدانت الجبهة الشعبية هدم المنزل، وقالت إنه «لن يخمد نيران المقاومة وسيزيدها اشتعالاً وعنفواناً وأكثر صلابة». واعتبرت الجبهة أن «استمرار الهجمة الإسرائيلية الواسعة الممنهجة والتصعيدية بحق قيادييها التي كان آخرها اعتقال زاهر الششتري وسائد المصري من نابلس، كما مواصلة جريمة هدم البيوت هي سياسة بائسة وفاشلة، لن تكسر إرادة شعبنا، وأثبتت عدم جدواها، وكانت وما زالت تزيد من شوكة الجبهة وإصرارها على مواصلة المقاومة».
واعتبرت حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، هدم المنزل جريمة حرب تضاف إلى مسلسل متواصل من الاحتلال. وقالتا إن سياسة هدم المنازل تثبت عجز إسرائيل الكامل عن مواجهة ثورة الفلسطينيين، وعدم قدرتها على إيقاف المد النضالي المستمر.
ومنذ عام 2019، ومطلع العام الجاري (2020)، صعدت إسرائيل من سياسة العقاب الجماعي بحق عائلات الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجونها، أبرزها سياسة هدم المنازل، وإصدار أوامر عسكرية لملاحقة مخصصات عائلاتهم، عبر سياسة الإرهاب.
وقال نادي الأسير إن سياسة هدم منازل الأسرى برزت كسياسة ممنهجة تاريخياً.
وذكر النادي أن قوات الاحتلال هدمت منذ مطلع العام الجاري أربعة منازل تعود لعائلات أسرى في سجون الاحتلال، كما هدمت 8 منازل أسرى العام الماضي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».