القضاء اللبناني يتعهّد ملاحقة «المتلاعبين» بالليرة

مواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين أمام وزارة الاقتصاد في بيروت أمس على خلفية الأزمة المعيشية (أ.ب)
مواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين أمام وزارة الاقتصاد في بيروت أمس على خلفية الأزمة المعيشية (أ.ب)
TT

القضاء اللبناني يتعهّد ملاحقة «المتلاعبين» بالليرة

مواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين أمام وزارة الاقتصاد في بيروت أمس على خلفية الأزمة المعيشية (أ.ب)
مواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين أمام وزارة الاقتصاد في بيروت أمس على خلفية الأزمة المعيشية (أ.ب)

اتسعت مروحة الملاحقات القضائية والأمنية التي تطال صرافين لبنانيين لتشمل أكثر من 60 صرافاً، بينهم نقيب الصرافين محمود مراد وشقيقه يحيى اللذان ادعى عليهما النائب العام بجرم «التلاعب بسعر صرف الليرة والمضاربة غير المشروعة عليها، بما يؤدي إلى ضرب الثقة بالعملة الوطنية»، وأحالهما موقوفين على قاضي التحقيق، طالباً استجوابهما وإصدار مذكرتي توقيف بحقهما بالاستناد إلى مواد الادعاء.
وبرز في الساعات الماضية تطوّر تمثّل باستدعاء ميشال مكتّف، أحد مالكي شركة لشحن الأموال من الخارج إلى لبنان، لاستجوابه في ملفين منفصلين مرتبطين بصرف الدولار، الأول أمام مفرزة بيروت القضائية والثاني أمام مفرزة الضاحية الجنوبية القضائية، على خلفية الاشتباه بعلاقة عمل تربطه بنقيب الصرافين وبيع الدولارات بأسعار مرتفعة، وبعد انتهاء الاستجوابين تُرك مكتّف بسند إقامة، على أن يستكمل التحقيق معه بعد الاستماع إلى آخرين.
وكشفت مصادر متابعة لمسار التحقيقات لـ«الشرق الأوسط» أن «الملف بات متشعباً جداً، ويحتاج إلى مزيد من الخطوات السريعة التي تضبط تفلّت الدولار في السوق السوداء على حساب الليرة، وانعكاس ذلك على الارتفاع الجنوني لأسعار اللحوم والسلع الغذائية، وفقدان القدرة الشرائية لدى المواطن اللبناني».
وقالت المصادر إن القضاء يشتبه بتحمل نقيب الصرافين «مسؤولية أساسية في موضوع تفلّت الأسعار»، كما تحدثت عن اشتباه بدور لشقيقه الذي أوقف أول من أمس في «تنشيط حركة الطلب على الدولار في السوق السوداء بعد توقيف النقيب، حتى يظهر أن لا علاقة للصرافين بارتفاع سعر الصرف، ويفسّر على أن توقيف نقيب الصرافين ولّد ردة فعل عكسية».
ويعاني لبنان من شحّ السيولة في العملات الأجنبية وزيادة الطلب على الدولار منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، وتعززت هذه الأزمة خلال فترة إقفال المصارف لأكثر من أسبوعين مع اندلاع الانتفاضة الشعبية في 17 أكتوبر (تشرين الثاني) الماضي. وأكد مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» أن «قرارات التوقيف التي تطال صرّافين ليست اعتباطية، بل تستند إلى تحقيقات وأدلة تثبت تورطهم في أزمة الدولار»، متعهداً «تعقب وملاحقة المزيد من المتورطين في هذه الأفعال».
ورأى أنه «من غير المقبول أن يكون الفارق بين تسعيرة المنصّة الإلكترونية التي حددها مصرف لبنان (3200 ليرة لسعر الدولار)، وبين أسعار الصرافين المتداول (ما بين 4200 و4500 ليرة) فارقا يزيد على ألف ليرة لبنانية، وهو ما رفع مستوى التضخم وأفقد المواطن قدرته الشرائية بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار».
وأوضح المصدر أن كلّ الصرّافين المرخصين أفرج عنهم، بعد توقيعهم على تعهدات.
بعدم التلاعب بأسعار الصرف، وعدم تخطي تسعيرة مصرف لبنان بـ3200 ليرة للدولار»، مشيراً إلى أن «الصرافين الذين يعملون من دون ترخيص، تمّ الادعاء وصدرت مذكرات توقيف بحقهم عن قضاة التحقيق في بيروت وكلّ قصور العدل في المناطق اللبنانية، وهم يلاحقون بمواد جرمية تنص عقوبتها على السجن ما بين ستة أشهر وثلاث سنوات».



مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
TT

مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)

عقب «موافقة مبدئية»، يواصل مجلس النواب المصري (البرلمان)، مناقشة مشروع قانون «الضمان الاجتماعي والدعم النقدي»، الذي قدَّمته الحكومة، بهدف «توسيع مظلة الدعم النقدي» للفئات الفقيرة.

وأقرَّ «النواب»، مبدئياً مشروع القانون، الأحد الماضي، في حين واصل أعضاؤه مناقشة نصوصه، على مدار يومَي الاثنين والثلاثاء. وقالت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، مايا مرسي، إن «القانون يعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، ويستهدف مأسسة منظومة الدعم النقدي، بتحويل المنظومة من مجرد برنامج ومبادرات مثل (تكافل وكرامة) إلى حق ينظمه القانون»، وفق بيان لوزارة التضامن.

وأقرَّت الحكومة المصرية عام 2015، برنامجاً للحماية الاجتماعية باسم «تكافل وكرامة» لتقديم دعم نقدي بشكل شهري للفئات الأكثر فقراً. ويصل عدد المستفيدين منه 21 مليوناً، جرى تخصيص 41 مليار جنيه مصري لهم، في موازنة العام المالي، وفق وزارة التضامن المصرية (الدولار يوازي 49.6 جنيه مصري).

ووفق البيان، عدَّدت وزيرة التضامن، أهداف التشريع الجديد، ومنها «استدامة دعم الفئات الأكثر احتياجاً، وحوكمة الدعم، والتحقق من المستفيدين سنوياً»، إلى جانب «ضمان أن يكون الدعم مقدماً من موازنة الدولة، وليس من خلال قروض ومنح مؤقتة».

وأشارت إلى أن «التشريع الجديد، يلتزم بمعايير حقوق الإنسان، بتوفير الحماية الاجتماعية والتكافل الاجتماعي لكل شخص بالمجتمع».

ومن المواد التي أقرَّها مجلس النواب، الثلاثاء، أن «لكل مواطن تحت خط الفقر القومي، ولا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي، الحق في التقدم للحصول على دعم نقدي»، كما أقرَّ نصّاً بشأن «درجة الفقر للأفراد والأسر بناء على خريطة الفقر والمؤشرات الدالة عليه»، على أن تحدد اللائحة التنفيذية للقانون درجات الفقر، والإجراءات المتبعة لمَن يستحق الدعم النقدي.

ووفق تقرير للبنك الدولي، في مايو (أيار) الماضي، ارتفع معدل الفقر في مصر، من 29.7 في المائة في العام المالي 2019 - 2020، إلى 32.5 في المائة عام 2022.

ويمثل مشروع القانون، «استحقاقاً دستورياً»، وفق وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي بمصر، المستشار محمود فوزي، الذي أشار إلى أن «التشريع يستهدف مدَّ مظلة الضمان الاجتماعي، واستكمال الاستحقاقات الدستورية المتعلقة بشبكة الأمان الاجتماعي، والتوسع في مفهوم الفئات الأولى بالرعاية والحماية، باستحداث وضم وشمول فئات جديدة، لم تكن مستفيدة»، وفق إفادة لوزارة الشؤون النيابية.

وكانت الحكومة المصرية، أحالت التشريع الجديد، إلى البرلمان، في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.

وحسب تقرير لجنة التضامن بالبرلمان المصري، فإن القانون يستهدف «حماية الأسر الأفقر، والأقل دخلاً»، إلى جانب «كفالة حقوق ذوي الإعاقة، وكبار السن، والأيتام»، بجانب «إلزام الأسر المستفيدة من الدعم، بالاستثمار في صحة الأطفال، وانتظامهم في التعليم»، ولا يتوقف القانون عند تقديم الدعم، ولكنه يهدف إلى «التمكين الاقتصادي لهذه الفئات، للخروج تدريجياً من الفقر».

بدوره، يرى عضو البرلمان المصري ومقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطني، أيمن محسب، أن «التشريع الجديد سيسهم في تحسين شبكة الأمان الاجتماعي وتوسيع مظلته، لتشمل جميع الفئات الأولى بالدعم، وكفالة حقوقهم»، مشيراً إلى أن «القانون يتسق مع خطوات الإصلاح الاجتماعي التي تسعى لها الحكومة المصرية حالياً».

وينصُّ مشروع القانون على نوعين من المساعدات النقدية: الأول، يشمل دعماً نقدياً مشروطاً (تكافل)، ويُقدَّم للأسر الفقيرة، بما فيها الأسر التي لديها أبناء، أما الدعم الثاني فهو غير مشروط (كرامة)، ويُقدَّم للأفراد الفقراء من ذوي الإعاقة والمرضى وقدامى الفنانين والرياضيين والأدباء، وأسند القانون، لرئيس الوزراء، قرار تحديد قيمة الدعم النقدي، على أن تتم مراجعة القيمة كل 3 سنوات.

وقال محسب لـ«الشرق الأوسط»، إن «التشريع الجديد، يمهِّد الطريق أمام الحكومة المصرية، للتحول إلى نظام الدعم النقدي بدلاً من العيني». وأعاد ذلك إلى أن «القانون ينص على حوكمة برامج الدعم المُقدَّمة للحماية الاجتماعية، ويعتمد على قواعد بيانات دقيقة يتم تحديثها بشكل دوري، وسيتم ربطها بالمتغيرات الاقتصادية مثل معدلات التضخم»، عادّاً أن تلك الإجراءات، «من بين خطوات تطبيق الدعم النقدي».

وتتزامن مناقشات التشريع الجديد، مع مناقشات أخرى أعلنتها الحكومة المصرية، داخل «الحوار الوطني» (الذي يضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين)، مع خبراء ومتخصصين، لبحث التحول من نظام الدعم العيني إلى نظام الدعم النقدي للفئات الأولى بالرعاية.

وتتطلع الحكومة المصرية لبدء تطبيق منظومة الدعم النقدي، مع العام المالي الجديد، بداية من يوليو (تموز) 2025. وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، بداية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إن «بلاده قد تبدأ في التحول من دعم السلع الأولية الأساسية، إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة، للفئات الأولى بالرعاية»، وربط البدء في التطبيق «بالتوصل إلى توافق في الآراء بشأن قضية الدعم النقدي في الحوار الوطني».

وتُطبِّق الحكومة المصرية منظومةً لدعم السلع الضرورية منذ عقود طويلة، بهدف خفض نفقات المعيشة للفئات الأولى بالرعاية، ويحصل المواطن على السلع المدعمة من خلال منظومة البطاقات التموينية، لكن الحكومات المتعاقبة تشكو من الأعباء الاقتصادية لمنظومة الدعم على الموازنة العامة، في ظل التوسع في عدد السلع المدعمة خلال السنوات الماضية.

من جهته، ينظر مدير «مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية»، عبد المنعم السيد، إلى مشروع القانون بوصفه «منظماً لسياسات الحماية الاجتماعية في مصر»، مشيراً إلى أن «القانون يختلف في نصوصه عن تشريعات مماثلة في دول أخرى، وفق الأولويات الاقتصادية والاجتماعية في مصر».

ويرى السيد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن التشريع «يحقق مرونة أمام الحكومة المصرية في تقديم الدعم النقدي خلال الأزمات والكوارث الطبيعية والأوبئة، كما حدث في جائحة (كورونا)»، مضيفاً أنه «يشمل تحت مظلته، فئات تتضرر بشكل مفاجئ مثل العاملين في القطاعات غير الرسمية، والذين يفقدون وظائفهم».