إقالة مفاجئة لوزير الصناعة الإيراني وسط أزمة في سوق العملة والسيارات

وزير الصناعة والتجارة الإيراني رضا رحماني لدى مغادرة اجتماع للحكومة نوفمبر الماضي (تسنيم)
وزير الصناعة والتجارة الإيراني رضا رحماني لدى مغادرة اجتماع للحكومة نوفمبر الماضي (تسنيم)
TT

إقالة مفاجئة لوزير الصناعة الإيراني وسط أزمة في سوق العملة والسيارات

وزير الصناعة والتجارة الإيراني رضا رحماني لدى مغادرة اجتماع للحكومة نوفمبر الماضي (تسنيم)
وزير الصناعة والتجارة الإيراني رضا رحماني لدى مغادرة اجتماع للحكومة نوفمبر الماضي (تسنيم)

في خطوة مفاجئة، أقال الرئيس الإيراني حسن روحاني، وزير الصناعة والتجارة رضا رحماني، بينما تواجه الحكومة انتقادات حادة عقب ارتفاع أسعار السيارات بموازاة ارتفاع أسعار العملة خلال الأيام الأخيرة.
ونقل روحاني في مرسوم نشره موقع الرئاسة الإيرانية، صلاحيات الوزير عبر تسمية حسن مدرس خياباني وكيلاً لوزارة الصناعة والتجارة، وحضه على «تنظيم إدارة الأسواق، وتوفير السلع الأساسية، وتنظيم أسعار سوق السيارات، وإزالة الموانع من الإنتاج وتكريس الصناعة الداخلية ودعم الصادرات غير النفطية، وتحسين أجواء العمل».
وكان وزير الصناعة والتجارة رحماني قبل إقالته بيوم، قد أمهل أول من أمس، شركات السيارات 24 ساعة لتعديل أسعار السيارات.
وجاء الإعلان عن الإقالة، بينما كان الوزير رحماني يبحث مع رئيس القضاء إبراهيم رئيسي أسباب تدهور الأسعار في سوق السيارات.
ونقلت وكالة «إيسنا» عن رئيسي قوله إن «نظام الإنتاج وتوزيع السيارات بحاجة إلى إصلاح». وذكرت الوكالة الحكومية أن رئيس القضاء أبلغ الوزير انتقاداته بسبب «التهاب سوق السيارات والزيادة غير المنطقية في الأسعار».
ورئيسي أحد أعضاء اللجنة العليا للتنسيق الاقتصادي، وهو ما يمنحه صلاحيات للتدخل في قضايا اقتصادية تعني الحكومة.
ودعا رئيسي الوزير إلى استخدام صلاحياته لاتخاذ تدابير لتجنب مشكلة جديدة في وقت يواجه فيه الإيرانيون أزمة كورونا وتبعاتها الاقتصادية. وتعهد الوزير بإيصال الطلبات الجديدة إلى الزبائن المحليين.
وكانت مواقع إيرانية قد اتهمت شركات السيارات بالامتناع عن تسلیم السيارات الجديدة إلى الزبائن، بهدف رفع أسعار السيارات محلية الصنع.
ونقلت وكالة تابعة للتلفزيون الإيراني أن رحماني «تمت إقالته منذ الصباح»، مضيفاً أن روحاني التقى وكيل الوزارة الجديدة مساء أمس.
وعزا المصدر التأخير في إعلان إقالة الوزير بعد انتهاء الوقت الإداري إلى «أهمية قرار لجنة تنظيم الأسواق حول أسعار السيارات».
وكان رحماني قد حصل على ثقة البرلمان الإيراني لتولي مسؤولية وزارة الصناعة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، خلفاً للوزير السابق محمد شريعتمداري الذي قدم استقالته بشكل مفاجئ، عقب توقيع البرلمان على استجوابه بسبب ارتفاع الأسعار وتدهور أوضاع السوق.
ويعد رحماني الوزير الثامن الذي يخرج من تشكيلة روحاني، بسبب الإقالة أو سحب الثقة من البرلمان. وبذلك اقتربت حكومة روحاني أكثر من فقدان حد النصاب، وإذا شهدت التشكيلة قبل أغسطس (آب) 2021 تغيير آخرين في تشكيلة الوزارة، يتعين على روحاني مواجهة البرلمان مرة أخرى للحصول على ثقة النواب.
وجاء التقرير في وقت تتجه فيه إيران في الأسبوعين المقبلين إلى انتقال الصلاحيات من البرلمان الحالي إلى البرلمان المنتخب الذي سيطر على أغلبية مقاعده خصوم روحاني المحافظين في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في فبراير (شباط) الماضي.
وخلال الأيام الأخيرة، رفض البرلمان الحالي مقترحاً من الحكومة بتشكيل وزارة جديدة للتجارة عبر فصلها عن وزارة الصناعة والمناجم.
وبعد ساعات من نشر مرسوم إقالة الوزير، تناقلت وسائل إعلام إيرانية رسالة موجهة من الوزير المقال إلى روحاني.
وفي الرسالة، يشير رحماني إلى أنه قبل إقالته بخمسة أيام، تلقى بلاغاً من محمود واعظي، مدير مكتب الرئيس الإيراني، بأنه سيواجه الإقالة من منصبه في حال لم تنجح خطة تشكيل وزارة التجارة.
وحسب الرسالة، فإن واعظي يطلب من رحماني إجراء اتصالات بنواب من أبناء قوميته (التركية الآذرية) للحصول على دعم النواب.
من جانبه، قال حسام الدين آشنا، مستشار الرئيس الإيراني، إن أياً من الصناعة والمناجم والتجارة «يجب ألا تطغى على البعض»، مضيفاً أن الوزارة «لم تحصل على أي موقع بعد سنوات».
وتابع آشنا في تغريدة على «تويتر»: «لم تكن المشكلة من الوزير، إنما من الاقتصاد الحكومي وعدم تنمية طاقة القطاع غير الحكومي». وقال: «تجربة السنوات القليلة الماضية، مليئة بالصراعات البنيوية وتضارب المصالح».
إلى ذلك، عادت أسعار الدولار أمس، إلى مسار تصاعدي ووصل إلى 16 ألفاً و300 تومان، حسب وكالة «إيلنا» العمالية.
وزاد سعر الدولار خلال الأسابيع الثلاثة الماضية ألف تومان، بعد انخفاض نسبي في مارس (آذار) الماضي، عقب تفشي جائحة كورونا وتراجع الطلب على الدولار بالتزامن مع عيد النوروز.



قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.