العراق: الكاظمي يخوض معركة الحقائب المتبقية وسط تناقض في مواقف الكتل

TT

العراق: الكاظمي يخوض معركة الحقائب المتبقية وسط تناقض في مواقف الكتل

بعد يوم واحد من إساءة بدت غير مقصودة من قبل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بحق شقيقه الأكبر، أرسل الكاظمي له رسالة صوتية معتذراً مما بدر منه لدى زيارته أول من أمس إلى دائرة التقاعد العامة. وكانت مكالمة هاتفية جرت صباح الأحد أجراها الكاظمي مع شقيقه حذره فيها مما سماه «انتحال شخصية» بهدف ابتزاز الدوائر والمسؤولين، وتم تسريبها.
اعتذر الكاظمي نتيجة سوء الفهم الذي رافق المكالمة؛ حيث اتضح أن لدى شقيق الكاظمي معاملة تقاعدية لم تنجز منذ شهور طبقاً لما أخبر به مدير التقاعد الكاظمي، قائلاً له إن «شقيقك كنا نعامله معاملة الآخرين، وكان اتصل بنا لمتابعة معاملته» الأمر الذي فهمه الكاظمي على أنه محاولة ابتزاز من أخيه للدائرة.
وكان شقيق الكاظمي واسمه «عماد» أوضح ملابسات ما حدث، وأنه لا ذنب له. وبسبب ذلك اضطر الكاظمي إلى نشر مكالمة منه إلى شقيقه تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي يعتذر له فيها مما حصل نتيجة لضغط العمل وصعوبة المهمة التي كلف بها، وفي المقدمة منها مكافحة الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة.
ومع أن الأولوية الأولى التي يفترض أن يواجهها الكاظمي هي الانتخابات المبكرة التي طالب بها المتظاهرون منذ الأيام الأولى للمظاهرات، فإن المتظاهرين لم يمهلوا الكاظمي يوماً واحداً لتحديد نقاط انطلاقه. فالمظاهرات التي أوقفتها جائحة «كورونا» انطلقت في اليوم الثاني من تولي الكاظمي مهام منصبه في بغداد وعدد من المحافظات الوسطى والجنوبية، علما بأن كثيراً من القوى السياسية فضلاً عن الخبراء والمتابعين رأوا في انطلاق مثل هذه المظاهرات محاولة من بعض الأطراف لعرقلة عمل الحكومة بعد أن خسروا الجولة مع الكاظمي الذي تمكن من الفوز بثقة البرلمان. وبينما نفى «ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي الذي لم يصوّت على الحكومة أن يكون هو من يقف خلف هذه المظاهرات، فإن مقرباً من زعيم «التيار الصدري» نقل عنه دعمه رئيس الوزراء الحالي. وطبقاً لما نقله المقرب من الصدر والذي يصدر تغريدات باسم محمد صالح العراقي، فإن «الصدر يرى أن خطوات الكاظمي جيدة حتى الآن، وأنه ينبغي أن يمنح فرصة»، علماً بأن الصدر يمنح الحكومات الماضية مهلة 100 يوم لتقييم أدائها، بينما لا يزال يرى في خطوات الكاظمي فرصة للنجاح بحيث لا تتطلب حتى الآن منحه مهلة 100 يوم.
إلى ذلك؛ يحاول الكاظمي تقديم ما تبقى من كابينته الحكومية وعددها 7 وزارات قبيل عطلة العيد في ظل استمرار تناقضات الكتل السياسية. وفي هذا السياق، أعلن النائب الثاني لرئيس مجلس النواب بشير حداد، أن رئيس الوزراء سيقدم مرشحي الحقائب الوزارية الباقية قبل عيد الفطر، وهو ما لا تؤيده المعطيات على الأرض. وقال حداد في تصريح له أمس إن «مهام الحكومة الجديدة في هذه المرحلة هي إرسال قانون الموازنة الاتحادية، وإطلاق رواتب المتقاعدين، وتحسين الحالة المعيشية لمحدودي الدخل والعمال والكسبة، وإطلاق منحة شبكة الرعاية الاجتماعية، فضلاً عن السيطرة على الوضع الأمني وإعادة هيبة الدولة والقوات الأمنية والشرطة، وكشف المتهمين بقتل المتظاهرين والمتهمين بملفات الفساد وتقديمهم للقضاء».
وبينما أكد نائب رئيس «الجبهة التركمانية» حسن توران أن «جبهته» لا تزال تجري مباحثات مع الكاظمي بشأن منح التركمان حقيبة وزارية، فإن ريزان دلير عضو البرلمان العراقي عن حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» أعلنت من جانبها أن حزبها حسم أمره بشأن مرشحه لوزارة العدل. وقال توران لـ«الشرق الأوسط» إنه «سبق للكاظمي أن وعدنا بمنح التركمان بوصفهم القومية الثالثة في العراق حقيبة وزارية كونها استحقاقاً قومياً ووطنياً في الوقت نفسه فإن الوزارات الخمس عشرة التي تم التصويت عليها تخلو من تمثيل التركمان». وأضاف أن «المباحثات مستمرة بين (الجبهة) والكاظمي بهذا الشأن».
من جهتها، أكدت ريزان دلير عضو البرلمان العراقي عن «الاتحاد الوطني الكردستاني»، لـ«الشرق الأوسط» أن «للكرد وزارتين متبقيتين في حكومة الكاظمي، وهما العدل التي هي من حصة حزبنا (الاتحاد الوطني)، و(الخارجية) التي هي من حصة (الحزب الديمقراطي الكردستاني) (بزعامة مسعود بارزاني) بدلاً من وزارة المالية»، مبينة أن «وزارة العدل تم حسم مرشحها من قبل (الاتحاد الوطني) وهو خالد شواني الذي يشغل حالياً منصب وزير الإقليم في حكومة إقليم كردستان، في حين لم يحسم بعد أمر مرشح (الخارجية) من قبل (الديمقراطي الكردستاني) وهو فؤاد حسين وسط معارضة من قبل العديد من الكتل الشيعية».
من جهته، فإن عضو البرلمان العراقي عن «حركة إرادة» حسين عرب، يرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «رئيس الوزراء يحاول أن يجعل الوزارات المتبقية ليست من حصة الأحزاب والكتل، إلا من بقيت منها من حصصهم ولم تحسم بسبب الاعتراضات على الوزراء». وأضاف: «في الوقت الذي ما زالت فيه وزارة الخارجية من حصة الكرد، وينتظر مرشحاً منهم، فإن وزارة النفط تم الاتفاق أن تشغلها شخصية من محافظة البصرة الغنية بالنفط». وأوضح عرب أن «الوزارات المتبقية التي يفترض أن يأتي بها قبل العيد هي خارج المحاصصة؛ حيث يمكن أن يذهب بعضها إلى المكونات».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.