«فقاعات سفر» و«جوازات مناعة»... مستقبل السياحة بعد «كورونا»

عارضات في بانكوك يرتدين أقنعة واقية (أ.ف.ب)
عارضات في بانكوك يرتدين أقنعة واقية (أ.ف.ب)
TT

«فقاعات سفر» و«جوازات مناعة»... مستقبل السياحة بعد «كورونا»

عارضات في بانكوك يرتدين أقنعة واقية (أ.ف.ب)
عارضات في بانكوك يرتدين أقنعة واقية (أ.ف.ب)

كان لوباء «كورونا» تأثير مدمر على السفر؛ حيث قدرت منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة أن السياحة الدولية يمكن أن تنخفض بنسبة تصل إلى 80 في المائة هذا العام، مما يعرض 100 مليون وظيفة على الأقل للخطر.
في تايلاند؛ حيث تشكل السياحة 18 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، تتوقع هيئة السياحة انخفاض عدد الزوار بنسبة 65 في المائة هذا العام.
ويكافح كثير، مثل كليتانا، من أجل تغطية نفقاتهم. قبل «كوفيد- 19» كان بإمكانها جني 300 دولار في اليوم. وفي أبريل (نيسان)، حظرت تايلاند جميع الرحلات الدولية إلى البلاد، فانخفضت أرباح كليتانا اليومية الآن إلى دولارين، وأحيانا صفر؛ لكن السيدة البالغة من العمر 45 عاماً، التي تبيع الهدايا التذكارية في الشارع منذ أكثر من عقد، لا تزال تفتح متجرها كل يوم، على أمل أن تكون محظوظة بسائح عابر نادر.
مع وجود كثير من المخاطر لسبل العيش والاقتصادات، تبحث البلدان حول العالم عن طرق لإبقاء شركات السياحة ثابتة على قدميها.

وبحسب تقرير لشبكة «سي إن إن» الأميركية، فقد التزمت نيوزيلندا وأستراليا بخلق «فقاعة سفر» بحيث يتم السماح بالزيارات بين البلدين، بمجرد أن يكون ذلك آمناً. وبدأت الصين السماح بالسفر الداخلي، على الرغم من أن حدودها لا تزال مغلقة لمعظم الأجانب.
لكن الخبراء يحذرون من أنه حتى مع المبادرات الجديدة، قد يستغرق السفر سنوات حتى يرتفع إلى مستويات ما قبل «كورونا». وحتى عندما يحدث ذلك، فقد لا نسافر أبداً بالطريقة نفسها مرة أخرى.
وذكر التقرير أنه على المدى القصير، فإن مستقبل السياحة هو «فقاعات السفر» الإقليمية.
واتفقت كل من أستراليا ونيوزيلندا على «ممر سفر»؛ لكنه من غير المتوقع أن يحدث خلال الأشهر القليلة المقبلة. وفي أوروبا، أعلنت إستونيا ولاتفيا وليتوانيا عن خطط لفتح حدودها الداخلية لمواطني الدول الثلاث اعتباراً من 15 مايو (أيار) الجاري.
بالنسبة لمعظم البلدان، فإن البقاء في عزلة ليس خياراً يمكنهم تحمله على المدى الطويل، ويتوقع الخبراء أنها مجرد مسألة وقت قبل أن تنشئ دول أخرى «فقاعات سفر» خاصة بها.
ويمكن لفيتنام وتايلاند النظر في إنشاء «ممر سفر» خلال الأشهر القليلة المقبلة، وفقاً لماريو هاردي المقيم في تايلاند، وهو الرئيس التنفيذي لرابطة المحيط الهادي لآسيا للسفر (باتا).
ويتوقع محلل الطيران برندان سوبي أن يرى ترتيبات مماثلة في أوروبا وأميركا الشمالية؛ إذ إنه عندما تبحث البلدان عن شركاء ثنائيين - يقول إنها ستدرس بعض العوامل - فسوف يبحثون عن البلدان التي يبدو أن تفشيها تحت السيطرة، والتي لديها إحصاءات يمكنهم الوثوق بها.
ومن المحتمل أيضاً أن يحدث هذا الاتفاق مع الدول التي تربطهم بها بالفعل علاقات جيوسياسية قوية، كما يقول الجغرافي للسياحة في جامعة هونغ كونغ، بنيامين ياكوينتو، مضيفاً أن نيوزيلندا وأستراليا لديهما بالفعل علاقة سياسية وثيقة، لذا فإن الاقتران بينهما منطقي.

وفي آسيا، سيكون السؤال الكبير حول الصين، أكبر سوق في العالم للسياحة الخارجية، حسب «سي إن إن».
وتظهر الاستطلاعات أن السياح الصينيين حريصون على الالتزام بما يعرفونه، ولا يسافرون كثيراً، كما يقول بيل بارنيت، أحد مستشاري السياحة، وهذا يعني أن تايلاند التي تجذب حوالي 11 مليون سائح صيني سنوياً، يمكن أن تكون من أوائل الدول التي تفتح أبوابها للصين.
قد تكون الصين أقل اهتماماً بفتح السفر إلى الأماكن التي كانت فيها مشاعر معادية لها أثناء تفشي المرض، مثل أستراليا، كما تقول فريا هيغينز ديسبيولز، المحاضرة البارزة في جامعة جنوب أستراليا التي تبحث في السياحة. وتقول: «أعتقد أن السياحة ستتضرر من الاستراتيجيات الجيوسياسية التي تم استغلالها للاستفادة من الأزمة».
ووفقاً لتقرير الشبكة الأميركية، فستكون «فقاعات السفر» متقلبة. ويضيف هاردي أنه إذا كان هناك عودة لحالات «كورونا» في بلد ما، فسوف تغلق ممرات السفر.

إعادة فتح الحدود

يقول الخبراء إنه من المحتمل أن يمر وقت طويل قبل أن يكون هناك سفر واسع النطاق يتجاوز «الفقاعات» الإقليمية. وهذا يعني أن السفر من الولايات المتحدة إلى آسيا، على سبيل المثال، سيكون بعيداً جداً، كما يشير هاردي.
يقول هاردي: «حتى تتم السيطرة على الموقف داخل الولايات المتحدة، فلن تسمح لها دول عدا دول قليلة جداً بالسفر إلى وجهاتها». مضيفاً أنه «سيتم استبعاد الآخرين الذين ليس لديهم الوضع تحت السيطرة لفترة من الزمن».
وبالنسبة للبلدان التي تعتمد بشكل كبير على السياحة، ستحتاج إلى موازنة الاهتمامات الصحية بالاهتمامات الاقتصادية. ولكن حتى إذا شعروا بالضغط لفتح ما وراء الفقاعة، فهذا لا يعني بالضرورة أنهم سيشهدون سيلاً من الزوار.
ويوضح سوبي: «إذا أرادت إحدى الدول الانفتاح، ولكن لا أحد يشعر بالراحة للذهاب إلى تلك الدولة لأي سبب من الأسباب، فلن تنجح».
وربما لا تزال هناك استراتيجيات سفر إلى جانب الفقاعات، إذ تدرس تايلاند فتح مناطق معينة للسياح الأجانب، ما يعني أن الزوار موجودون بشكل فعال في مكان واحد.

ويقول حاكم هيئة السياحة في تايلاند يوثاسك سوباسورن، إن هذا الاقتراح «سيكون مفيداً لكل من السياح والمقيمين المحليين، نظراً لأن هذا هو نوع من الحجر الصحي تقريباً»؛ لكن جاذبية ذلك ستعتمد على قواعد الحجر الصحي التي لا تزال قائمة.
وفي الوقت نفسه، قد تنظر الدول التي تجذب عادة أعداداً كبيرة من الأجانب في قواعد تخفيف للسماح لهم بالدخول. وهذا يشمل نيوزيلندا التي تفكر في السماح للطلاب الأجانب بالعودة إلى البلاد إذا أكملوا الحجر الصحي لمدة أسبوعين، وفقاً لما ذكرته إذاعة نيوزيلندا الوطنية.

جوازات سفر مناعية

بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، قامت المطارات حول العالم بتطبيق إجراءات أمان إضافية. ويتوقع الخبراء أن يكون الفيروس التاجي له التأثير نفسه على المطارات، ولكن مع التركيز على الصحة. والسؤال الذي لا يزال يتعين الإجابة عنه هو: كيف ستبدو هذه التدابير الاحترازية.
ومن المتوقع أن يتم ذلك من خلال فحص درجة حرارة الركاب في المطار، أو اختبارهم لفيروس «كورونا» قبل صعودهم على متن الطائرة. ولكن هناك قضايا يجب حلها حول ذلك. فمثلاً ستحتاج السلطات إلى أن توفر الاختبارات السريعة والدقيقة، وتقرر كم من الوقت قبل الرحلة يجب أن يختبر كل راكب.
وظهر مقترح آخر هو أن الركاب يحملون جوازات سفر مناعية، مما يدل على ما إذا كانوا محصنين ضد الفيروس، وقد قامت الصين بالفعل بتقديم شكل من أشكال هذا الجواز، فلدى جميع المواطنين رمز «كيو آر» يتغير لونه اعتماداً على حالتهم الصحية. وهم بحاجة إلى إظهار ذلك للوصول إلى المطاعم ومراكز التسوق.

وتعتمد جوازات المناعة على فكرة أن الأشخاص الذين تعافوا من «كورونا» لا يمكن إعادة إصابتهم. ولكن حتى الآن لا يوجد دليل على أن لديهم أجساماً مضادة تحميهم من الإصابة الثانية، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. وحتى لو طوروا مناعة، فليس من الواضح إلى متى سيستمر ذلك. أيضاً ليس لدينا حتى الآن اختبار واسع النطاق للأجسام المضادة، والذي سيكون ضرورياً لتحقيق هذا النجاح.
يمكن أيضاً استخدام جوازات المناعة للإشارة إلى ما إذا كان الشخص قد تم تطعيمه ضد فيروس «كورونا»، ولكن قد يستغرق الأمر 18 شهراً أو أكثر قبل أن يكون هناك لقاح في السوق، وفترة أطول قبل وجود لقاحات جماعية حول العالم.
وفي ختام التقرير، يتوقع خبراء مثل بارنيت أن الأمور ستعود في النهاية إلى طبيعتها، قائلاً: «أنا لا أقول إنه سيحدث اليوم أو غداً، سيكون هناك جهد شاق لمدة عامين لاستعادة ذلك».


مقالات ذات صلة

فندق «شيراتون القاهرة» يعلن عن افتتاح البرج الشمالي

عالم الاعمال فندق «شيراتون القاهرة» يعلن عن افتتاح البرج الشمالي

فندق «شيراتون القاهرة» يعلن عن افتتاح البرج الشمالي

أعلن فندق «شيراتون القاهرة»، وهو جزء من علامة «ماريوت» الدولية عن إعادة افتتاح البرج الشمالي للفندق.

الاقتصاد أشخاص يجلسون في مقهى بسيدي بو سعيد وهي مقصد سياحي شهير بالقرب من تونس العاصمة (رويترز)

عائدات السياحة التونسية تتجاوز 2.2 مليار دولار وسط توقعات قياسية

تجاوزت عائدات السياحة التونسية حتى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي 2.2 مليار دولار، وسط توقعات بتسجيل أرقام قياسية في عدد السياح الوافدين إلى البلاد.

«الشرق الأوسط» (تونس)
الاقتصاد أحمد الخطيب متحدثاً للحضور في المنتدى الاستثماري السعودي - الفرنسي بالرياض (الشرق الأوسط)

الخطيب: تطوير الشراكات السعودية - الفرنسية في المنظومة السياحية

قال وزير السياحة السعودي، أحمد الخطيب، الثلاثاء، إن السعودية تعمل على تطوير شراكات مع فرنسا لتبادل الخبرات والبيانات.

زينب علي (الرياض)
يوميات الشرق يأتي المشروع في إطار جهود تعزيز الفنون والثقافة من خلال مراكز متخصصة في مختلف المجالات (واس)

«ميدان الثقافة» بوابة تربط بين الماضي والحاضر في جدة التاريخية

يشكل «ميدان الثقافة» الذي أطلقه برنامج جدة التاريخية التابع لوزارة الثقافة السعودية بوابة تربط بين الماضي والحاضر كمعلم حضاري كبير تحتضنه المدينة الساحلية جدة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق فنادق وكراسي الاستلقاء للتشمس بالقرب من شاطئ في بينيدورم بإسبانيا (شاتيرستوك)

إسبانيا تجبر السياح على كشف المعلومات الشخصية بموجب قانون جديد

تحذر بعض التقارير من مطالب «الأخ الأكبر»، بما في ذلك كشف الضيوف عن الأرصدة المصرفية، ولكن هذه المطالب تبدو غير مبررة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
TT

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة حتى 21 ديسمبر (كانون الأول) الجاري في مركز «سوبر دوم جدة»، بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة، موزعة على نحو 450 جناحاً، مع جهات حكومية وهيئات ومؤسسات ثقافية سعودية وعربية.

ويشتمل المعرض على برنامج ثقافي ثري، يضم أكثر من 100 فعالية متنوعة، تتخللها محاضرات وندوات وورش عمل، يقيمها نحو 170 متخصصاً، إضافة إلى منطقة تفاعلية مخصصة للأطفال، تقدم برامج ثقافية موجهة للنشء بمجالات الكتابة والتأليف والمسرح، وصناعة الرسوم المتحركة، وأنشطة تفاعلية مختلفة.

برنامج ثقافي ثري يضم أكثر من 100 فعالية متنوعة (هيئة الأدب)

ويتضمن المعرض ركناً للمؤلف السعودي، معرِّفاً الحضور على آخر إصداراته، ومهيأ للزوار منطقة خاصة بالكتب المخفضة، التي تأتي ضمن جهوده في الحث على القراءة، وإتاحتها للجميع عبر اختيارات متعددة، معززة بمناطق حرة للقراءة.

من جانبه، أوضح الدكتور عبد اللطيف الواصل، مدير إدارة النشر بالهيئة، أن المعرض يعكس اهتمامهم بدعم وتطوير ونشر الثقافة والأدب في السعودية، مؤكداً دوره الريادي، حيث يسلط الضوء على جهود الأدب والأدباء المحليين والعرب والعالميين، عبر فعاليات وأنشطة مجتمعية بمعايير عالمية، وإيجاد فرص تفاعلية لزواره في قوالب فنية وأدبية متنوعة، وصولاً إلى تعزيز مكانة جدة بوصفها مركزاً ثقافيّاً تاريخيّاً.

المعرض يعكس الاهتمام بدعم وتطوير ونشر الثقافة في السعودية (هيئة الأدب)

ويحتفي المعرض بـ«عام الإبل 2024»، لما تُمثِّله من قيمة ثقافية في حياة أبناء الجزيرة العربية منذ فجر التاريخ، حيث خصص جناحاً للتعريف بقيمتها، وإثراء معرفة الزائر عبر جداريات عدة بأسمائها، ومواطن ذكرها في القرآن الكريم والسنة النبوية، وقصائد شعرية تغنَّى بها العرب فيها على مر العصور.

ويستقبل «معرض جدة للكتاب» زواره يوميّاً من الساعة 11 صباحاً حتى 12 مساءً، ما عدا الجمعة من الساعة 2 ظهراً إلى 12 مساءً.

المعرض يُعزز جهوده في حث الزوار على القراءة عبر اختيارات متعددة (هيئة الأدب)

ويُعد ثالث معارض الهيئة للكتاب خلال 2024، بعد معرض «الرياض» الذي اختتم فعالياته أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومعرض «المدينة المنورة» المنتهي في أغسطس (آب).