«مكة» في الفن التشكيلي السعودي

أسئلة كثيرة وإجابات غير مكتملة في حوار الفن والمقدس

من أعمال أحمد ماطر  -  «زمزم».. من أعمال مهدي الجريبي  -  من أعمال الفنان عبد المجيد رضوي
من أعمال أحمد ماطر - «زمزم».. من أعمال مهدي الجريبي - من أعمال الفنان عبد المجيد رضوي
TT

«مكة» في الفن التشكيلي السعودي

من أعمال أحمد ماطر  -  «زمزم».. من أعمال مهدي الجريبي  -  من أعمال الفنان عبد المجيد رضوي
من أعمال أحمد ماطر - «زمزم».. من أعمال مهدي الجريبي - من أعمال الفنان عبد المجيد رضوي

طرحتُ قبل أسابيع موضوعا للنقاش في مواقع التواصل الاجتماعي (واتس أب، وفيسبوك، وتويتر، وإنستغرام)، من خلال أسئلة تدور في حقيقتها حول علاقة المقدس بالفن. ومن بين تلك الأسئلة: هل هناك حركة تشكيلية في مكة؟ أين موقع مكة من الفن التشكيلي السعودي خاصة، والوطن العربي عامة؟ هل استطاع الفنان المكّي أن يقدم شيئا من رؤيته الفنية عبّر فيها عن قداسة المكان؟ لماذا لم تتكون هناك مدرسة مكية في الفن الإسلامي تختص بالمعمار والرسم والزخرفة والخط والنحت؟ ما مدى تأثير فناني مكة على غيرهم من الفنانين في الوطن العربي؟
وجاءت بعض الإجابات مختلفة في الفهم، متسمة بالضعف، غير خالية من مفاهيم البعض الخاطئة، وبعضها الآخر كان بعيدا كل البعد عن مركزية الموضوع وهدفه الرئيس.
من بين المفاهيم الخاطئة ما يظنه كل فنان مولود في مكة بأنه فنان مكيّ. وهناك فرق شاسع بين فنان ولد في مكة وفنان لا يعيش فيها، لكنها تمثل له هوية دينية ومعرفية.
ومن الفنانين الذين شاركوا في النقاش والإجابة عن بعض الأسئلة: صديق واصل، وعبد الله البراك، وأمينة الناصر، ونورة المطلق، وجلال الطالب، وهديل محضر، وعبد الرحمن السليمي، ومحمد الخبتي، وحسين شريف من الإمارات.
أحد الفنانين التشكيلين ممن شاركوا في الإجابة قال: «ممكن، لأن مكة لم تكن تاريخيا عاصمة لأي دولة أو خلافة إسلامية، لا سياسيا ولا اقتصاديا». بينما قال أحد فناني المدينة المنورة: «بما أعتقده يا صديقي أن تجارب صديقنا الفنان مهدي الجريبي هي من أعمق التجارب التي لامست حواف سؤالك هذا، وابتعدت عن النظرة السطحية للمعالجة البصرية للأجواء المكيّة التي اعتمدها كثير من الملونين، دمت بوعي».
ويرى الفنان التشكيلي مدير صحيفة «فنون الخليج» الإلكترونية أن صعوبة هذا السؤال تبدو «ربما من أن الإجابة منفية كنفي حقيقة الفن بالمفهوم السطحي للإسلام».
كما أورد رئيس جمعية جسفت للفنون التشكيلية فرع مكة، سردا مطولا أشبه بعرض تاريخي، قال فيه: «لقد اطلعت على الموضوع الذي طرحه الأخ سامي، أين موقع مكة في الفن التشكيلي (...)؟ من رأيي الخاص، السؤال يتكون من شقين؛ الشق الأول: يوجد علامة استفهام وذكاء من الأخ سامي من حيث أين موقع مكة من الفن التشكيلي السعودي. وهناك إجابات كثيرة جدا تاريخيا، مثل ظهور الفنان عبد الحليم رضوي، وهو من مواليد مكة، والفنان أحمد فلمبان. وأغلب الفنانين التشكيلين السعوديين من مكة المكرمة، أمثال: يوسف جاها، وحسن عبد المجيد، وسليمان باجبع، وفائز أبو هريس، ومهدي الجريبي، ومحمد زكي، وزهير مليباري، وضيف الله القرني وغيرهم. وهناك فنانون آخرون قدموا أعمالا فنية عن مكة المكرمة، أمثال أيمن يسري، ومهدي، وعبد الناصر غارم، وأحمد ماطر، وناصر السالم، وصديق واصل، وسامي جريدي. وهناك مصورون فوتوغرافيون من فناني مكة صوروا مكة المكرمة.
أما الشق الثاني من السؤال: هل استطاع الفنان المكّي أن يقدّم شيئا من رؤيته الفنية يعبّر فيها عن قداسة المكان؟ فأقول، نعم يوجد فنانون قدموا أعمالا كثيرة ولم يذكروا. كذلك يوجد في مكة جداريات عدة أنجزها فنانو مكة في حدائق عدة، وتحت الكباري. أيضا يوجد للجنة الاستشارية لأمانة العاصمة المقدسة مشروعها الذي طرحته قبل 5 سنوات، وكنت حينذاك المنسق للجنة، حين جرى اختيار فنانين من مكة للدراسة. بعد ذلك، جرى تنفيذ مسابقة دولية، وأنجزت في مكة جداريات تعد الكبرى، وهي من أعمال أمل فلمبان، وسعود خان وغيرهما».
وردت إحدى الفنانات المنتمية إلى مكة، على تعليق أحد الفنانين بأنه قد تناسى ذكر بعض الفنانين في سرده التاريخي، من أمثال عبد الله الشلتي، وسعيد قمحاوي، وعبد الله حماس، وأمينة آل ناصر.
وقال فنان من الطائف يقيم حاليا في جدة: « شك أن هذا التساؤل منطقي ومهم، كون مهبط الوحي، مكة المكرمة، يستحق منا كفنانين مسلمين، لما لمكة في قلوبنا من مكانة وارتباط روحي وجسدي كبيرين. وتقع على أبناء مكة مسؤولية كبرى في هذا المجال بالتأكيد (...) ولو نظرنا حولنا، وتحديدا إلى المحترفين المصري والعراقي كمثال، لوجدنا أنهما ساهما بإسهاب في تقديم الحضارات المتعاقبة على بلديهما كالفرعونية والآشورية وغيرهما، يصل إلى حد المبالغة في الطرح (...) والقضية ليست ملونا أو غير ملون، فاللون أو أي خامة أخرى، ما هو إلا وسيلة توصيل، ولكن كيف يكون هذا التوصيل ومدى نجاحه وعمقه؟ لو أخذنا تجربة سعودية كمثال، وواحدا من أبناء مكة المكرمة، لوجدنا الدكتور عبد الحليم رضوي (رحمه الله) وفلسفته ومنهجيته، وهي الطواف حول الكعبة المشرفة، أو بمعنى آخر: الدوران عكس عقارب الساعة. أيضا تجربة عبد الرحمن خضر، التي حاول أن يقدمها بأسلوب أعمق وحلول جيدة قياسا بغيره. وكلاهما ملون، بينما مهدي الجريبي - مع احترامي لتجربته ذات المدلوت الفلسفية وذات النسق الحداثي - لم تكن مكة المكرمة ومكانتها قضيته، وإنما نجده استغل شعر الحجاج والمعتمرين وماء زمزم) كدلالة على بقاء الأثر، فقط لخدمة قضيته التي يتبناها منذ سنوات».

* ناقد فني سعودي



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)

تحت عنوان «النقد الفلسفي» انطلقت صباح اليوم، فعاليات مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة بدورته الرابعة، الذي يقام بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر بيت الفلسفة بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة، هو أول مؤتمر من نوعه في العالم العربي ويشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً من تعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة مثل الفلسفة والأدب والعلوم.

ويتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطور الفكر المعاصر.

الدكتور عبد الله الغذامي (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويسعى المتحدثون من خلال هذا الحدث إلى تقديم رؤى نقدية بناءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي ومفاهيم مثل «نقد النقد» وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

وتسعى دورة المؤتمر لهذا العام لأن تصبح منصة غنية للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش، حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

ويأتي المؤتمر في ظل الاحتفال بـ«اليوم العالمي للفلسفة» الذي يصادف الخميس 21 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، والذي أعلن من قبل «اليونيسكو»، ويحتفل به كل ثالث يوم خميس من شهر نوفمبر، وتم الاحتفال به لأول مرة في 21 نوفمبر 2002.

أجندة المؤتمر

وعلى مدى ثلاثة أيام، تضم أجندة مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة؛ عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتتح اليوم بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد بيت الفلسفة، وكلمة لأمين عام الاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتتضمن أجندة اليوم الأول 4 جلسات: ضمت «الجلسة الأولى» محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

كما ضمت الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أمّا الجلسة الثالثة، فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما تضم الجلسة الرابعة، محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، ويرأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما تضم أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

الدكتور أحمد البرقاوي عميد بيت الفلسفة (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويتكون برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر 2024) من ثلاث جلسات، تضم الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، ويرأس الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وتضم الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، ويرأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وتضم الجلسة الثالثة، محاضرة الدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم إي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

ويتكون برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تتناول الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي على طلاب الصف الخامس» تشارك فيها شيخة الشرقي، وداليا التونسي، والدكتور عماد الزهراني.

وتشهد الجلسة الثانية، اجتماع حلقة الفجيرة الفلسفية ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.