مصادر دبلوماسية: غريفيث ينتظر رداً حوثياً على مبادرته للسلام في اليمن

السفير البريطاني قال لـ«الشرق الأوسط» إن رد الشرعية على المبعوث الأممي كان إيجابياً

جانب من إحاطة للمبعوث الأممي إلى اليمن لمجلس الأمن في جلسة افتراضية (الأمم المتحدة)
جانب من إحاطة للمبعوث الأممي إلى اليمن لمجلس الأمن في جلسة افتراضية (الأمم المتحدة)
TT

مصادر دبلوماسية: غريفيث ينتظر رداً حوثياً على مبادرته للسلام في اليمن

جانب من إحاطة للمبعوث الأممي إلى اليمن لمجلس الأمن في جلسة افتراضية (الأمم المتحدة)
جانب من إحاطة للمبعوث الأممي إلى اليمن لمجلس الأمن في جلسة افتراضية (الأمم المتحدة)

ينتظر المبعوث الأممي لليمن، مارتن غريفيث، رداً من الحوثيين على المبادرة التي أرسلها لطرفي النزاع في اليمن خلال الأيام الماضية، والتي ردت عليها الحكومة الشرعية بشكل إيجابي، بحسب مصادر دبلوماسية.
وفي حالة تلقي رد إيجابي من الحوثيين على مبادرة الأمم المتحدة، سيتم عقد اجتماع أزمة بين الأطراف المتنازعة، ثم اجتماعات لتثبيت وقف إطلاق النار الشامل، والمضي قدماً في مفاوضات السلام السياسية الشاملة للقضية اليمنية، بحسب المصادر نفسها.
كان تحالف دعم الشرعية في اليمن قد أعلن في 8 أبريل (نيسان) الماضي وقفاً شاملاً لإطلاق النار في عموم اليمن لمدة أسبوعين، ثم مددها شهراً بعد انتهاء الهدنة الأولى، بطلب من المبعوث الأممي لليمن. إلا أن المليشيات الحوثية لم تعلن حتى الآن التزامها بوقف النار، واستمرت في عملياتها العسكرية في مختلف الجبهات. وأعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن عن تسجيل 121 انتهاكاً حوثياً لوقف إطلاق النار في اليمن خلال الـ24 ساعة الماضية، مبيناً أن عدد الانتهاكات بلغت 2797 انتهاكاً لوقف النار منذ إعلانه.
وكشف مايكل آرون، السفير البريطاني لدى اليمن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن المبعوث الأممي الخاص باليمن ينتظر رد الحوثيين على مبادرة قدمها للطرفين، مشيراً إلى أن الحكومة الشرعية أعطت المبعوث رداً إيجابياً على هذه المبادرة. وأضاف: «المبعوث الأممي قدم خطة للطرفين، وتلقى رد فعل إيجابياً من الشرعية، وينتظر رد الحوثيين، وقد طلبنا من الحوثيين المرونة تجاه مبادرة المبعوث الأممي».
وبحسب مايكل آرون، فإن الحوثيين أفادوا بأنهم يعملون على تجهيز رد على المبادرة، مضيفاً: «ننتظر رداً إيجابياً منهم». ولم يعطِ السفير البريطاني مزيداً من التفاصيل بشأن فحوى المبادرة التي قدمها غريفيث للطرفين.
وبحسب السفير البريطاني، في حال وافق الطرفان على مبادرة المبعوث الأممي، سيتم بعدها مباشرة عقد اجتماع أزمة، ثم اجتماعات عن وقف إطلاق النار ومبادرة السلام، ومفاوضات عن الإطار الشامل الكامل السياسي للمشكلة اليمنية، مبيناً أن هذه المشاورات ستكون افتراضية، في ظل هذه الظروف الحالية وانتشار جائحة كورونا.
وميدانياً، أفادت مصادر عسكرية رسمية باشتداد المعارك، السبت، في مديرية صرواح، غرب مأرب (شمال شرقي البلاد)، عقب إحباط الجيش اليمني هجمات شنتها عناصر من جماعة الحوثي الانقلابية على مواقع الجيش بالمديرية ذاتها، مصحوبة بقصف متبادل.
وجاء ذلك بعدما دفعت الجماعة الانقلابية خلال الأسابيع الماضية بتعزيزات كبيرة، عناصر مسلحة وآليات قتالية، إلى جبهات القتال المختلفة في اليمن، بما فيها الجبهات القتالية في مأرب.
وخلال الأسبوع الماضي، تكبد الحوثيون الخسائر البشرية والمادية الكبيرة، بما في ذلك قيادات ميدانية بارزة قتلت في معاركها مع الجيش اليمني الذي يواصل التزامه بهدنة وقف إطلاق النار التي أطلقها تحالف دعم الشرعية في اليمن، سوى الرد على عمليات القصف والتصعيد من العمليات العسكرية من قبل الانقلابيين الذين يواصلون عدم التزامهم بهدنة وقف إطلاق النار، من خلال شن الهجمات الواسعة على مواقع الجيش في تعز والجوف وصنعاء ومأرب والبيضاء ونهم.
كذلك تواصل الميليشيات الحوثية تصعيدها العسكري، وشن هجماتها الواسعة على مواقع القوات المشتركة من الجيش الوطني في الحديدة والساحل الغربي لليمن، في إطار الاستمرار بخروقاتها لاتفاق استوكهولم، والهدنة التي أعلنها تحالف دعم الشرعية، من خلال القصف بمختلف الأسلحة، بما فيها قذائف الهاون ونيران أسلحتها الرشاشة، عدداً من المدن والتجمعات السكانية في المديريات الجنوبية المحررة في المحافظة الساحلية، بالإضافة إلى مواصلتها زراعة الألغام والعبوات الناسفة في طرق ومزارع المواطنين.
وأفادت «العربية» بـ«وصول ما يزيد على 20 قتيلاً من عناصر ميليشيا الحوثي الانقلابية إلى المستشفيات، حيث قُتل العشرات في جبهة صرواح، ومن بينهم أبو عبدالله الشاوش مهندس الألغام في جبهة صرواح، وأبو علي القاضي مشرف منطقة بحرة في مديرية نهم، وأبوهاشم الحمزي مشرف الميليشيات الحوثية في الجوف، ومعه أبو مالك الحمزي المسؤول المالي مسؤول الإمداد والتموين لجبهة الجوف».
وذكرت عن مصادر عسكرية ميدانية تأكيدها «مصرع 6 قادة ميدانيين من ميليشيا الحوثي، بالإضافة إلى عشرات العناصر، وأن جميع القيادات ينحدرون من محافظة عمران، وهم: خليل الغرباني، ونجيب الغيلي، وكامل الفهد، ومحمد الشلال، ومحمد البوطري، وحمود صباح»، مشيرة إلى أن «الأسبوع الماضي كان أسبوعاً قاسياً على ميليشيا الحوثي، حيث فقدت كثيراً من القيادات الميدانية، منها العميد علي الكريدي، والعقيد عمار عبدالخالق الذيب، والعقيد عمار الذيب، والعقيد خالد الكحلاني، نهاية باللواء عبدالله الحمران قائد القوات الخاصة الحوثية».
إلى ذلك، دشنت الهيئة الشعبية بمحافظة حجة (شمال غرب)، الجمعة، مطارح المحافظة لإسناد الجيش الوطني في معركته ضد ميليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، وذلك خلال حشد كبير حضره المئات من أبناء وقبائل حجة في محافظة مأرب، حيث ألقيت خلال الفعالية عدداً من الخطابات والكلمات التي عبّرت في مجملها عن أهميّة مواصلة النضال، وإسناد المعركة الوطنية لإنهاء الانقلاب، واستعادة مؤسسات الدولة، وتحقيق حلم اليمنيين في الحياة الحرة والعيش الكريم، وفق بيان المركز الإعلامي للقوات المسلحة الذي نقل عن رئيس الهيئة الشعبية وكيل المحافظة الشيخ محمد يعقوب قوله إن «تدشين المطارح يأتي استجابة وتلبية لنداء الوطن، والقيام بمسؤولية الدفاع عنه، وعن مشروع الدولة اليمنية، ومن أجل تخليص أبناء الشعب من ظل الميليشيات الحوثية الكهنوتية».
وأكد «استعداد أبناء محافظة حجة بكل مكوناتهم لحشد الجهود كافة نحو معركة وطنية خالصة»، لافتاً إلى «التضحيات التي يجترحها أبنا المحافظة في مختلف جبهات القتال».
وبدوره، أكد العميد الركن علي حزام الطميرة، في كلمة القيادات العسكرية التي ألقاها أمام الحشود، ضرورة «وقوف الجميع إلى جانب الشرعية والجيش الوطني لخوض معركة الجمهورية، وتخليص الشعب والوطن من براثن الإمامة»، مشيداً بـ«دور الأشقاء في تحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية».
وفي السياق ذاته، أكد أبناء محافظة إب (وسط البلاد) جاهزيتهم الكاملة لإسناد الجيش الوطني في معركته الوطنية ضد ميليشيات الحوثي حتى تحرير كامل تراب الوطن، واستعادة مؤسسات الدولة، وبناء اليمن الاتحادي الجديد، وذلك خلال حشد جماهيري شارك فيه الآلاف من أبناء محافظة إب الموجودين بمأرب «أعلنوا خلاله إشهار الهيئة الشعبية لإسناد الجيش الوطني، وتدشين مطارح المحافظة».
وبحسب المركز الإعلامي للقوات المسلحة، قال الشيخ عبدالحكيم المرادي، رئيس الهيئة الشعبية لإسناد الجيش الوطني، إن «إشهار الهيئة وتدشين المطارح يأتي استجابةً لنداء النفير العام لفخامة رئيس الجمهورية المشير الركن عبد ربه منصور هادي، وتنفيذاً لتوجيهات قيادة السلطة المحلية، ممثلة بمحافظ المحافظة رئيس المجلس المحلي، اللواء الركن عبدالوهاب الوائلي، التي تقضي بإسناد ودعم الجيش الوطني».
وأكد الشيخ المرادي أن «هذه المطارح هي امتداد للمواقف الثابتة لأبناء محافظة إب، ووقوفهم الدائم في صف الوطن، والدفاع عن نظامه الجمهوري ووحدته الوطنية وشرعيته السياسية».
ومن جانبه، ألقى الشيخ حمود البرح كلمة الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني في المحافظة، وأكد فيها «الموقف الواحد لأبناء محافظة إب، بمختلف انتماءاتهم الفكرية والحزبية ومكوناتهم الاجتماعية، خلف قوات الجيش الوطني في المعركة المصيرية ضد ميليشيا الحوثي الكهنوتية».
وأكد البيان الصادر عن الحشد الجماهيري «جاهزية أبناء محافظة إب، بقيادة سلطتها المحلية ومقاومتها الشعبية وقبائلها وشرائحها الاجتماعية ومكوناتها السياسية كافة، واستعدادهم التام لإسناد الشرعية اليمنية وجيشها الوطني في استعادة الدولة ومؤسساتها، وحماية المدن المحررة كافة، وفي مقدمتها محافظة مأرب، وتحرير ما تبقى من المحافظات اليمنية، وصولاً إلى تحرير العاصمة صنعاء».


مقالات ذات صلة

ليبيا: «الحوار المُهيكل» يفتح الملف الأمني

شمال افريقيا تيتيه خلال إحدى جلسات الحوار المهيكل في العاصمة الليبية طرابلس (البعثة الأممية)

ليبيا: «الحوار المُهيكل» يفتح الملف الأمني

استؤنفت، الاثنين، في العاصمة الليبية، أعمال اليوم الثاني من «الحوار المُهيكل» برعاية بعثة الأمم المتحدة، وخُصص جانب من جلساته لملفي الأمن والحوكمة.

خالد محمود (القاهرة)
العالم المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي يدلي ببيانه خلال افتتاح المنتدى العالمي لاستعراض التقدم المحرز الذي أجرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين... في جنيف بسويسرا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

مفوض الأمم المتحدة للاجئين يندد بالتقليص «غير المسؤول» للمساعدات الإنسانية

ندد المفوض السامي للاجئين في الأمم المتحدة، اليوم (الاثنين)، بالاقتطاعات في المساعدات الإنسانية هذا العام، معتبراً أنها «غير مسؤولة».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا 
مروحية للأمم المتحدة نقلت جثامين الجنود القتلى إلى أبيي (متداولة)

«الدعم السريع» تصعِّد في جنوب كردفان وتقصف الدلنج

صعّدت «قوات الدعم السريع» من عملياتها في ولاية جنوب كردفان. فبعد أنباء متضاربة عن استهدافها، السبت، مقراً للأمم المتحدة، في مدينة كادوقلي، عاصمة الولاية، ومقتل.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
الخليج عائلات سودانية نازحة من كردفان في ملعب كرة قدم ببلدة كادوقلي جنوب الإقليم (أ.ب)

السعودية تدين الهجوم على مقر الأمم المتحدة في مدينة كادوقلي السودانية

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة المملكة واستنكارها للهجوم الذي تعرض له مقر الأمم المتحدة في مدينة كادوقلي بالسودان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا من عملية نقل الجنود القتلى إلى أبيي (متداولة)

«قوات الدعم السريع» تصعًِد في جنوب كردفان وتقصف مستشفى بالدلنج

صعدت «قوات الدعم السريع» من عملياتها في جنوب كردفان وقصفت بمسيرة مستشفى عسكري في مدينة الدلنج مما أدى إلى مقل 7 مدنيين

محمد أمين ياسين (نيروبي)

«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة المبرم قبل نحو شهرين، وسط حديث إسرائيل عن أن هناك تعثراً وشروطاً إسرائيلية للانتقال لتلك المرحلة.

تلك الجهود التي تشمل تحركات واتصالات أميركية ومصرية بخلاف اجتماع عسكري بالدوحة، تعزز فرص التوصل إلى حل لإنهاء تعثر المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بحسب ما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، معتقدين أن هناك ترقباً للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لحسم الانتقال من عدمه.

وعاد الحراك الأميركي بشأن غزة مكثفاً، وأطلع ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، مبعوثا ترمب، وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على المستجدات بشأن اتفاق غزة خلال مؤتمر عبر الفيديو، وفق ما نقلته وكالة «رويترز».

فلسطيني يجمع قوالب الخرسانة الخفيفة لبناء مأوى لعائلته قبل حلول فصل الشتاء في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن توم برّاك مبعوث ترمب يصل إلى إسرائيل، الاثنين، لبحث بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أن «الزيارة بالغة الحساسية، وتقيّم مدى استعداد إسرائيل للتقدم نحو المرحلة الثانية، وتعكس نفاد صبر الرئيس ترمب إزاء تعثر الانتقال إلى المرحلة التالية من خطته لقطاع غزة، وستناقش قوات الاستقرار بغزة».

وأوضحت أن «برّاك يرى أن تركيا يجب أن تكون جزءاً من قوة الاستقرار، بفضل قدراتها العسكرية ونفوذها في غزة، ولكن إسرائيل تعدّ ذلك خطاً أحمر، إذ ترى أن أي طرف يحتفظ بعلاقات مع (حماس) لا يمكن أن يُصنف قوةَ استقرار، وإشراكه (في القوة الدولية) قد يقوض الاتفاق».

ورأت الهيئة زيارة برّاك، رغم أنه مهتم أكثر بشؤون سوريا ولبنان، «خطوة تحضيرية مباشرة للقاء المرتقب بين نتنياهو وترمب بفلوريدا في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي»، في ظل انشغال ويتكوف وكوشنر بملف أوكرانيا.

وتأتي تلك الزيارة عشية استضافة الدوحة اجتماعاً للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة 25 دولة، الثلاثاء، لبحث هيكل القيادة وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة، بحسب ما ذكره مسؤولان أميركيان لـ«رويترز» قبل أيام.

وسبق أن تحدثت القناة «14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة إلى إمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، أن المساعي الأميركية تعكس وجود ضغوط لتسهيل التفاوض بشأن المرحلة الثانية، التي تبدو معقدة للغاية مع مساعي نزع سلاح القطاع وتشكيل قوات الاستقرار ولجنة إدارة القطاع، مشيراً إلى أن «تلك الملفات لم تحسم بعد، وليست هناك ملامح بشأن إنجازها قريباً والأمور ضبابية».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، بأنه «أياً كانت المساعي فيجب أولاً وقف التماهي بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأن تضغط واشنطن بقوة على نتنياهو، غير ذلك ستذهب التحركات الأميركية بلا نتائج مؤثرة، خصوصاً أن هناك حديثاً عن توجه للقفز للبند 17 من اتفاق غزة الذي يسمح ببدء تحركات فردية إسرائيلية في أماكن سيطرتها وإعمارها، وهذا أمر خطير».

ووسط تلك المساعي الأميركية، والمخاوف، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال اتصال هاتفي، الاثنين، مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب، وأهمية نشر قوة الاستقرار الدولية المؤقتة لمراقبة وقف إطلاق النار، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر أمني، أن تنفيذ المرحلة الثانية «غير وشيك»، مع استمرار مساعي إسرائيل لاستعادة جثة الرهينة ران غويلي، التي تعد آخر جثة تطالب باستعادتها من قطاع غزة، فيما أفاد موقع «والا» العبري بأن تل أبيب تربط التقدم في الاتفاق باستعادة الجثة.

ويرى السفير هريدي أن إسرائيل تتعمد إفساد التوجه للمرحلة الثانية بتلك الذرائع، مشيراً إلى أن «القاهرة تعمل على إنهاء تلك الذرائع وتوسيع دائرة التحركات، لدفع واشنطن نحو إجبار نتنياهو على تنفيذ الاتفاق، وهذا سيتضح أكثر خلال لقاء القمة مع ترمب أواخر الشهر».

وشدد الرقب على أن «محددات المرحلة الثانية 3 أمور رئيسية؛ هي وصول قوات الاستقرار، وتشكيل لجنة إدارة القطاع، ووجود جهاز شرطي فلسطيني لتسلم غزة، وجميع ذلك لم يحدث، وبالتالي سيتأخر الانتقال لتلك المرحلة، ما لم يحسم ترمب الأمر مع نتنياهو خلال القمة المرتقبة».


الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
TT

الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)

تفجّرت مشادة كلامية بين رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس، وعضو مجلس النواب مصطفى بكري، حول قيمة الحد الأدنى للأجور في البلاد.

وبدأت المهاوشة على خلفية دعوة ساويرس لرفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 ألف جنيه شهرياً (الدولار يساوي نحو 47.48 جنيه)، إلا أن الرد من بكري جاء لاذعاً، متهماً رجل الأعمال بـ«البطولة الوهمية»، مطالباً إياه بأن يبدأ بنفسه بتطبيق الحد الأدنى في شركاته قبل أن يطالب الدولة.

رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس (صفحته الرسمية)

كان نجيب ساويرس قال قبل أيام، خلال كلمته في مؤتمر توظيفي، إن مؤسسة «ساويرس للتنمية الاجتماعية» تواصل جهودها في دعم وتأهيل الشباب لسوق العمل، بما يسهم في رفع دخولهم من مستويات متدنية قد لا تتجاوز ألفي جنيه إلى نحو 14 و15 ألف جنيه، وهو ما اعتبره «الحد الأدنى الضروري للمعيشة وضمان حياة كريمة للمواطن في ظل التضخم الحالي».

وقرر «المجلس القومي للأجور» في فبراير (شباط) الماضي زيادة الحد الأدنى من 6 آلاف جنيه لتصل إلى 7 آلاف جنيه بدأ تطبيقها في مارس (آذار) الماضي.

وتأتي دعوة رجل الأعمال المصري وسط مطالبات مجتمعية وبرلمانية متزايدة برفع مستويات الدخل في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات وتكاليف المعيشة، ومع تذبذب مؤشرات التضخم.

وأصدر البنك المركزي المصري، الأربعاء الماضي، بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيان التضخم عن نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي أظهر استمرار التراجع الطفيف في وتيرة ارتفاع الأسعار؛ حيث بلغ معدل التضخم السنوي في الحضر 12.3 في المائة مقارنة مع 12.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) السابق عليه.

ورغم أن مطلب ساويرس لاقى دعماً شعبياً واسعاً، وهو ما اتفق عليه أيضاً البرلماني والإعلامي مصطفى بكري، فإنه أضاف في تغريدة له على حسابه بمنصة «إكس»، موجهاً حديثه لرجل الأعمال: «ما رأيك أن تبدأ أنت بالمبادرة وترفع رواتب الموظفين عندك»، واتهم ساويرس بأن رواتب الأغلبية لديه «لا تتعدى 5760 جنيهاً شهرياً، وهناك من هو أقل من ذلك».

وأثارت هذه المهاوشة الافتراضية تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يرى أن ساويرس يسلط الضوء على قضية فعلية تتعلق بضعف الأجور، ومن يعتبر أن بكري محق في مطالبته لرجل الأعمال بأن يكون قدوة في مؤسساته الخاصة قبل أن يطالب الدولة بالتغيير.

وأيد كثير من نشطاء التواصل الاجتماعي أن يكون الحد الأدنى للأجر 15 ألف جنيه، وتمنوا أن يصل صوت ساويرس إلى المسؤولين في مصر.

كما تفاعل عدد من الإعلاميين مع ما نادى به رجل الأعمال، وقال الإعلامي عمرو أديب، خلال برنامجه «الحكاية»، مساء الأحد، «إن مصر تحتاج إلى وزارة للرحمة، وأن المجتمع المصري لن ينجو بالاقتصاد ولكن سينجو بالرحمة».

وأشار إلى أنه طالب بهذا الرقم قبل سنوات ما عرضه للانتقاد وقتها، موضحاً «أن الحد الأدنى الحالي للأجور البالغ 7 آلاف لا يطبق في أغلب الشركات».

بدوره، قال الإعلامي محمد علي خير، في برنامجه «المصري أفندي»، إن ملف الأجور في مصر أصبح أحد أخطر ملفات العدالة الاجتماعية، مشدداً على أن الدخول الحالية لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من متطلبات المعيشة، خصوصاً للشباب المقبل على الزواج.

وأضاف: «الحديث عن أجور 4000 و5000 و6000 و7000 جنيه لم يعد مقبولاً في ظل الغلاء الحالي وتراجع القدرة الشرائية»، مؤكداً أن الأجور في مصر تحتاج إلى تغيير جذري وليس حلولاً شكليةً.

كما تبادل العديد من النشطاء الرؤى حول الحد الأدنى المناسب للراتب، لضمان حياة كريمة للملايين من العاملين.

وتطور الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص المصري منذ إقراره لأول مرة في يناير (كانون الثاني) 2022، حيث بدأ بـ2400 جنيه، ثم ارتفع إلى 2700 جنيه في يناير 2023، و3000 جنيه في يوليو (تموز) 2023، ثم 3500 جنيه في يناير 2024، و6000 جنيه في مايو (حزيران) 2024، ليصل إلى 7000 جنيه اعتباراً من مارس 2025.

في المقابل، انتقد بعض المدونين كلمات بكري المنتقدة لمطلب رجل الأعمال البارز، مطالبين إياه بمساندة ساويرس في كلامه بدلاً من السخرية منه. كما طالبه آخرون، كونه إعلامياً بارزاً وصوتاً للمواطن في البرلمان، بفتح النقاش عن الحد الأدنى للرواتب والمعاشات.

بينما سخر طرف ثالث من المهاوشة الافتراضية، لافتين إلى أن طرفيها رجلان يملكان الملايين، ويتنازعان حول أجور ومستحقات البسطاء، في حين أن المحصلة النهائية ستكون غياب أي نتيجة إيجابية من الطرفين.


أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
TT

أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)

على الرغم من أن التدخلات التنموية في اليمن تمكّنت من إحداث فارق ملموس في تحسين سبل العيش، تزداد تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من اتساع فجوة تمويل الأعمال الإنسانية في اليمن، مع سعيها إلى الاستجابة الطارئة لحماية الأطفال والفئات الأكثر هشاشة من الوصول إلى مستويات شديدة من نقص الاحتياجات.

نفاد الإمدادات

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن حاجتها إلى 126.25 مليون دولار، لتنفيذ خطتها الإنسانية في البلاد للعام المقبل، وضمان استمرار خدمات الصحة والتغذية والمياه والتعليم والحماية لملايين الأطفال الذين يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، محذرة من أن استمرار التدهور قد يحرم أعداداً متزايدة من الرعاية الأساسية.

وتراجعت حاجة «اليونيسف» إلى تمويل نشاطها في اليمن للعام المقبل بنسبة 40 في المائة عن العام الحالي، الذي طلبت فيه تمويلاً بمبلغ 212 مليون دولار.

ونبهت المنظمة الأممية إلى أن إغلاق أكثر من 3000 مركز تغذية، ونفاد الإمدادات الحيوية بحلول أوائل العام المقبل، يجعلان حياة مئات الآلاف من الأطفال عرضة للخطر.

ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية ونقص الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

بدورها، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) نداء تمويلياً بقيمة 86.57 مليون دولار، لدعم سُبل العيش الزراعية وتعزيز القدرة على الصمود لنحو 9.15 مليون شخص في اليمن خلال العام نفسه.

تدخلات زراعية

تقدّر «فاو» أن اليمن يُعد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم نحو 41 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة، بعد عقد من بدء النزاع المسلح، والتطورات الأخيرة التي عطّلت سلاسل التوريد، إلى جانب الانهيار الاقتصادي والتغيرات المناخية القاسية.

ويتوقع المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة، جمال بلفقيه، أن نقل مكتب منسق الشؤون الإنسانية إلى العاصمة المؤقتة عدن سيساعد بشكل كبير على تنفيذ خطط الاستجابة الإنسانية وتغيير مسار العمل الإنساني وبيان أثرها، داعياً إلى الشراكة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص في اليمن، لتوفير السلع الأساسية والشراء من السوق المحلية.

فجوة تمويل الإغاثة في اليمن تهدد بتراجع كبير في القدرة الشرائية للسكان وفق خبراء (أ.ف.ب)

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يبدي المسؤول الإغاثي الحكومي قلقه من أن اختطاف الجماعة الحوثية العاملين في الوكالات الأممية، وممارسة الابتزاز باستخدام الورقة الإنسانية سيعوقان أداء المنظمات ويؤثران سلباً على الدعم الخارجي، مبدياً تفاؤله بأن تؤدي الإجراءات الاقتصادية الحكومية إلى تحسين أسعار المواد الأساسية، مما يساعد في تحسين القوة الشرائية.

وتوضح الوكالة الأممية أن 17.68 من التمويل سيُوجّه إلى صالح تدخلات زراعية طارئة لتحقيق تعافي سُبل المعيشة، ويشمل ذلك توزيع البذور، وتطعيم الماشية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية والمائية، في مساعٍ للحد من اعتماد السكان الكامل على المساعدات الغذائية، فيما سيُستخدم المبلغ المتبقي لتعزيز القدرة على الصمود للفئات المستهدفة.

وبسبب مواجهة برنامج الغذاء العالمي عجزاً كبيراً في تمويله، تم تقليص المستفيدين من خدماته إلى النصف، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية وسحب ما بين 200 و300 مليون دولار سنوياً من الأسواق المحلية، حسبما أورده المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة اليمنية، فارس النجار.

تعزيز صمود الريف

وبينما يحتاج البرنامج الأممي إلى أكثر من 300 مليون دولار للستة الأشهر المقبلة، لم يحصل سوى على 106 ملايين دولار فقط.

طفل يتلقى العلاج من سوء التغذية في أحد مستشفيات صنعاء (الأمم المتحدة)

ويقدّر النجار أن سوء التغذية سيؤدي إلى خسارة مستقبلية في إنتاجية الفرد ما بين 10 و15 في المائة، مما يعني اقتصاداً أصغر وناتجاً أقل لعقد كامل إذا لم تجرِ حماية الفئات الأضعف، لافتاً إلى أن عدم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية سيضع اليمنيين أقرب من أي وقت مضى أمام سيناريوهات المجاعة.

في غضون ذلك، كشف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) عن أن التدخلات التنموية متوسطة المدى يمكن أن تُحدث فرقاً ملموساً حتى في ظل استمرار النزاع، وأن هذه التدخلات عززت من تحسين سبل العيش والأمن الغذائي لعشرات الآلاف من السكان في المناطق الريفية في اليمن، رغم استمرار النزاع وانهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية.

جاء ذلك بعد أن أظهر مشروع تنمية سبل العيش الريفية، المنفذ بين عامَي 2021 و2024، أن تحسين الوصول إلى المياه وتحديث أنظمة الري أسهما في خفض استهلاك المياه بنسبة وصلت إلى 80 في المائة، إلى جانب زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين دخل آلاف الأسر في خمس محافظات يمنية.

تنمية سبل العيش الريفية تُسهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتحسين دخل آلاف الأسر (إيفاد)

وذكر «إيفاد»، في تقرير حديث، أن إجمالي تمويل المشروع وصل إلى 5.3 مليون دولار، وشمل 5 محافظات و31 مديرية، واستفاد منه أكثر من 84 ألف شخص في نحو 12 ألف أسرة ريفية. وركزت التدخلات على تحسين الوصول إلى المياه، وإعادة تأهيل أنظمة الري، وحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات، بالإضافة إلى دعم المزارعين بمدخلات زراعية وتدريب تقني.

ونوه «إيفاد» إلى أن اعتماد نهج التعاقد المجتمعي، بالشراكة مع صندوق التنمية الاجتماعية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، مكّن المجتمعات المحلية من قيادة عملية التخطيط والتنفيذ، مما عزّز الحوكمة المحلية والتماسك الاجتماعي في بيئات تعاني هشاشة مؤسسية شديدة.

وبيّن التقرير أن تحديث البنية التحتية المائية أسهم في خفض استهلاك مياه الري بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة، وتحسين إنتاجية المزارعين، إلى جانب حماية 131 هكتاراً من الأراضي الزراعية. كما استفاد أكثر من 3300 مزارع من المدارس الحقلية والأعمال الزراعية، فيما تلقت 4000 امرأة ورجل تدريبات في مجالات التغذية والزراعة المنزلية.