مجلس الأمن يتبنى أول قرار من شأنه تحسين مهام قوات حفظ السلام

تكليف أسترالي حائز جائزة نوبل بمراجعة مفهوم عمل {القبعات الزرق} في العالم

مجلس الأمن يتبنى أول قرار من شأنه تحسين مهام قوات حفظ السلام
TT

مجلس الأمن يتبنى أول قرار من شأنه تحسين مهام قوات حفظ السلام

مجلس الأمن يتبنى أول قرار من شأنه تحسين مهام قوات حفظ السلام

تبنى مجلس الأمن الدولي مساء أول من أمس قراره الأول المتصل بقوات الشرطة في عمليات حفظ السلام والذي يلحظ تدريبا أفضل وتعليمات واضحة للضباط على الأرض، فيما كلفت الأمم المتحدة حائزا على جائزة نوبل للسلام إعادة النظر في مفهوم هذه البعثات.
واعتبرت وزيرة الخارجية الأسترالية جولي بيشوب التي تتولى بلادها الرئاسة الدورية لمجلس الأمن هذا الشهر أن هذه التدابير ستتيح التأكد من أن جميع ضباط الشرطة من أفريقيا أو أميركا يعملون بحسب المعايير نفسها. وأوضح مفوض الشرطة فريد ييغا الذي يخدم في البعثة الأممية في جنوب السودان، أمام المجلس، أن عناصر الشرطة في البعثات الدولية يضطلعون بدور أساسي في حفظ السلام. أما مستشار الأمم المتحدة لشؤون الشرطة ستيفان فيلر فرأى أن القرار الذي صدر بالإجماع يلحظ أيضا إجراء تدريبات لتطوير فرق التدخل الخاص ووحدات التحقيق وجعل النساء الشرطيات أكثر قدرة على التعامل مع قضايا الاعتداء الجنسي. واعتبر فيلر أن القرار يشكل «تقدما رئيسيا» على طريق الاعتراف بدور عناصر الشرطة في بعثات الأمم المتحدة.
من جهته، رأى هيستر بانيراس قائد الشرطة في القوة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور بغرب السودان أن هذا القرار «يمنحنا مزيدا من هامش المناورة لتلبية بعض حاجاتنا وإحداث فرق على الأرض». وتساهم نحو 90 دولة في قوات الشرطة في إطار 13 عملية أممية لحفظ السلام في العالم بمشاركة نحو 12 ألفا و500 شرطي حاليا مقابل 1600 فقط قبل عشرين عاما.
وللمرة الأولى في خلال 15 سنة، كلف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الحائز على جائزة نوبل للسلام خوسيه راموس هورتا بإعادة النظر في مفهوم عمليات حفظ السلام التي قتل عشرات من جنودها في مالي وخطف آخرون في هضبة الجولان السورية في الأشهر الماضية، فيما يشهد العالم رقما قياسيا من الأزمات. وأسرع الرئيس السابق لتيمور الشرقية في مباشرة العمل هذا الأسبوع. وسيسعى مع فريق الخبراء الذي يترأسه إلى تحديد سبل تحسين هذه العمليات في سائر أرجاء العالم والحصول على مانحين (بالجنود أو المال) على مزيد من الدعم.
وقال خوسيه راموس هورتا من مقر الأمم المتحدة في نيويورك «إن وضع عمليات حفظ السلام تغير بمجمله نحو الأسوأ في بعض الجوانب». وأضاف أن فريق الخبراء سيسعى إلى إقناع القوى الناشئة، مثل الصين والبرازيل والهند وتركيا ومصر، بتقديم مساهمة أكبر سواء فيما يتعلق بالوسائل المالية واللوجستية أو الجنود.
وسينظر أعضاء الفريق الـ15 أيضا في عدم التوازن بين الدول الثرية التي تمول عمليات حفظ السلام (الولايات المتحدة واليابان وفرنسا) والدول الفقيرة التي تساهم بقوات مثل بنغلاديش وباكستان والهند.
وهذه السنة سحبت الفلبين قوتها المتمركزة في هضبة الجولان في إطار قوة مراقبة فض الاشتباك بعد تعرض جنودها لهجوم مسلحين معارضين سوريين، واحتجاز جنود فيجيين من القبعات الزرق رهائن. وفي شمال مالي خلفت سلسلة هجمات عنيفة 31 قتيلا في صفوف جنود الأمم المتحدة منذ انتشار البعثة في يوليو (تموز) 2013.
وقد تطور دور القبعات الزرق من مراقبة خطوط وقف إطلاق النار إلى دور «المحاربين الحراس للسلام» ما يثير قلق الدول المساهمة بقوات. ويعتزم فريق الخبراء هكذا التوجه إلى هذه البلدان للاستماع إلى مطالبها وكذلك إلى المقر العام لحلف شمال الأطلسي في بروكسل للسعي إلى إقناع الحلف بالمساعدة على تعزيز عمليات الأمم المتحدة. وسيبحث أعضاء الفريق أيضا مع الاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) في كيفية مشاركة الدول الأفريقية في هذه المراجعة لا سيما أن كثيرين من جنودها يفتقرون للتدريب أو يتهمون بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.