إصابات بالرصاص المطاطي واختناق بالغاز في الضفة الغربية

ضمن حملة المسيرات الأسبوعية المناهضة للاستيطان

شاب فلسطيني يختبئ فيما يطارد الجنود الإسرائيليون محتجين في بلدة كفر قدوم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
شاب فلسطيني يختبئ فيما يطارد الجنود الإسرائيليون محتجين في بلدة كفر قدوم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
TT

إصابات بالرصاص المطاطي واختناق بالغاز في الضفة الغربية

شاب فلسطيني يختبئ فيما يطارد الجنود الإسرائيليون محتجين في بلدة كفر قدوم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
شاب فلسطيني يختبئ فيما يطارد الجنود الإسرائيليون محتجين في بلدة كفر قدوم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

شهدت المناطق الفلسطينية المحتلة، أمس الجمعة، سلسلة اعتداءات على المواطنين، أسفرت عن إصابة 4 شبان بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط والعشرات بالاختناق في كفر قدوم، قضاء قلقيلية، وإصابة شاب مقدسي بجروح من جراء تهويش كلب لمستوطن. فيما أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي منعت رفع الأذان 56 مرة على مآذن الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل.
وقالت مصادر فلسطينية بأن قوات جيش الاحتلال قمعت مسيرة كفر قدوم الأسبوعية المناهضة للاستيطان والمطالبة بفتح شارع القرية المغلق منذ أكثر من 16 عاما والتي انطلقت في إطار التنديد بنية حكومة الاحتلال ضم أراض في الضفة الغربية. وقال منسق المقاومة الشعبية في كفر قدوم، مراد شتيوي، إن أعدادا كبيرة من جنود الاحتلال اقتحموا البلدة من اتجاهات عدة وأطلقوا وابلا كثيفا من الرصاص المعدني المغلف بالمطاط مما أدى إلى وقوع أربع إصابات بجروح طفيفة والعشرات بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، وعولجت جميع الإصابات ميدانيا في مركز إسعاف القرية. وأشار شتيوي أن جنود الاحتلال اقتحموا عددا من المنازل وأطلقوا الرصاص الحي صوب المواطنين المتواجدين على أسطح المنازل بهدف ثنيهم عن مراقبة كمائن الجنود من دون وقوع إصابات بالرصاص الحي أو اعتقالات.
وفي مدينة القدس كشف النقاب عن حادثة وقعت قبل يومين وأصيب فيها الشاب منتصر عيسى بجروح عميقة، جراء تعرضه لاعتداء من أحد المستوطنين، خلال عمله في حافلة نقل ركاب تابعة لشركة «ايجد» الإسرائيلية. وروى الشاب عيسى ما حصل، قائلاً: «يوم الأربعاء الساعة التاسعة مساء بعد خروجي من المحطة الأولى خلال مروري من مستوطنة بسغات زئيف، وخلال توقفي عند المحطة المقابلة للمجمع التجاري، صعد للحافلة شخصان، وفوجئت لحظة تواجدهما بالحافلة بوجود كلب معهما، فأبلغت الشاب بأنه يمنع دخول الكلب إلى الحافلة، حسب القوانين. فراح أحدهما يوجه لي الشتائم والكلمات النابية. فلم أرد عليه، ورغم ذلك اقترب مني ووقف عند مقعدي وكان بالقرب مني عصا مكنسة للتنظيف فقام بكسرها وانهال علي بالضرب المبرح. حاولت الهروب للخارج، فإذا به يقوم بإطلاق الكلب باتجاهي مزيلاً عنه الكمامة والحزام الرابط. وانقض الكلب علي بشراسة يعضني ويخدش وجهي ويمزق لحمي».
وأوضح أن رجال أمن القطار والمجمع التجاري إضافة إلى مستوطنين آخرين كانوا متواجدين في المكان وقد طلب منهم النجدة، لكنهم قابلوا ذلك بالضحك. وبين عيسى آثار الاعتداء على جسمه ووجهه، حيث تم تخييط شفته ولسانه في المستشفى.
وفي الخليل، أصدرت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، بيانا أمس الجمعة، قالت فيه إنها رصدت خلال أبريل (نيسان) الماضي، أوامر احتلالية تعسفية تم بموجبها منع رفع الأذان 56 وقتا على مآذن الحرم الإبراهيمي الشريف. وقالت الوزارة إن قوات الاحتلال الإسرائيلي واصلت انتهاكاتها اليومية، بحق مدينة القدس المحتلة وأهلها، ومحاربتهم في اقتصادهم ولقمة عيشهم. وأضافت الوزارة، في تقريرها الشهري، أنها رصدت العديد من مشاريع التهويد، تمثلت بطرح سلطات الاحتلال مناقصة لبناء نفق سكة حديد تحت الأرض، يصل إلى تخوم المسجد الأقصى المبارك، ومناقصة أخرى لمشروع بناء سكة حديد فوق الأرض في أحياء القدس المختلفة، خاصة أحياء البلدة القديمة، وسلوان، وأبو طور، ومخطط آخر يربط المستوطنات بالقدس عبر مد خط سكة حديد للقطار الخفيف. وأوضحت أنه في إطار إحكام الاستيلاء على المدينة، نصبت قوات الاحتلال حواجز معدنية متحركة، وإشارة مرور ثبتت أعلاها كاميرا مراقبة وسط طريق المجاهدين.
وقالت إن ما يقوم به الاحتلال في القدس المحتلة، عبارة عن إجراءات قمعية لكل من يبادر بفعل الخير ومد يد العون للمقدسين في هذه الظروف، حيث فرضت مخالفة بحق أمين سر حركة فتح في سلوان، بحجة إجراء فحص الفيروس والتواجد في مكان فحص العينات في البلدة، واستمرت الانتهاكات اليومية بحق المواطنين المقدسيين، فمنعت «مسحراتي» حي وادي الجوز من القيام بعمله، وإيقاظ أهالي الحي للسحور وهدّدته بالاعتقال والغرامة المالية وواصلت ملاحقة القيادات الدينية في المدينة، فاقتحمت منزل خطيب «الأقصى» الشيخ عكرمة صبري، واستدعت مدير المسجد الشيخ عمر الكسواني للتحقيق وحررت مخالفات مالية باهظة على المواطنين واعتقلت محافظ المدينة ووزيرها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.