تشهد منطقة «السيدة زينب» بريف دمشق الجنوبي صراعا بين الحكومة السورية التي تعزل المنطقة لمنع تفشي «كورونا» من جهة والميليشيات الإيرانية التي تسيطر على المنطقة وتدفع بتحريض من طهران لفك العزل عنها من جهة ثانية.
وقالت مصادر محلية في «السيدة زينب» لـ«الشرق الأوسط»، إن «المشادات الكلامية بين عناصر السلطات السورية المحلية المتواجدة هناك وعناصر الميليشيات الإيرانية باتت تحصل يوميا وتطورت مؤخرا إلى تبادل اللكمات وأحيانا قيام الميليشيات بطرد عناصر الشرطة السورية من بعض المناطق، وذلك بسبب تشدد السلطات المحلية بتنفيذ قرار العزل مع تواصل اكتشاف حالات إصابة جديدة في المنطقة، على حين ترفض الميليشيات الإيرانية ذلك. ولفتت المصادر إلى أن «التوتر بين الجانبين قديم، لأن السلطة في السيدة زينب لـلميليشيات الإيرانية فهي التي تتحكم في الوضع، رغم وجود عناصر من الجيش السوري والشرطة في المنطقة، لكن هذا التوتر تصاعد مع إعلان الحكومة السورية قبل أكثر من شهر قرار العزل».
وذكرت: «لولا الإجراءات الحكومية، فإن المنطقة من المؤكد كانت ستشهد تفشيا أكبر للفيروس في المنطقة ويمتد إلى محيطها، بسبب وجود ميليشيات إيرانية وأخرى مقربة من إيران فيها ممن ينتقلون بين سوريا وإيران والعراق ولبنان، فضلا عن وجود العديد من الطلاب السوريين واللبنانيين والعراقيين والباكستانيين والأفغان ممن يدرسون في الحوزات العلمية الإيرانية في المنطقة ومقيمين في دمشق، وكذلك مواطنين سوريين شيعة من مناطق نبل والزهراء في حلب، وكفريا والفوعة بإدلب». ولفتت المصادر إلى أن أولى الحالات التي شفيت من «كوفيد - 19»، كانت لسوري من قاطني «السيدة زينب»، عائد من مدينة قم الإيرانية.
وبحسب إعلان وزارة الصحة التابعة للحكومة السورية، فإن 45 حالة تم اكتشافها في سوريا. وبحسب المصادر، فإن الـ15 مصابا جميعهم من «السيدة زينب»، فضلا عن وجود عشرات من المصابين في المنطقة تطبق عليهم عملية العزل في منازلهم.
وأوضحت المصادر المحلية، أنه «في هذه الأيام لم تعد الميليشيات تكفتي بخرق قرار العزل من خلال الخروج من المنطقة إلى مناطق أخرى والعودة إليها وإدخال من تريد إليها، وذلك بسبب هيمنتها على المنطقة، والنفوذ الكبير الذي تتمتع به ليس في «السيدة زينب» فقط بل في دمشق أيضاً، وإنما باتت تطالب بإنهاء حالة عزل المنطقة كليا». وأشارت إلى أن «الميليشيات تتحجج، بعدم توفر المواد الغذائية في المنطقة وتوقف أعمال السكان، ولكن الهدف الحقيقي من وراء المطالبة بفك العزل هو عودة توافد أفواج الزوار إلى المنطقة بشكل مكثف، كما كان عليه الأمر قبل قرار العزل».
وفي التاسع من أبريل (نيسان) الماضي، أكدت لـ«الشرق الأوسط» مصادر أهلية في «السيدة زينب»، أن ميليشيات إيران أفشلت تنفيذ قرار الحكومة السورية بعزل المنطقة تحسباً لتفشي الفيروس. وأوضحت المصادر المحلية، أن الاستياء لدى الميليشيات تزايد بسبب عدم إعلان الحكومة فك العزل في سياق الإعلانات شبه اليومية من قبلها لقرارات التخفيف من الإجراءات الوقائية التي اتخذتها تحسباً لتفشي الفيروس.
وفي منتصف الشهر الماضي أعلن رئيس «منظمة الحج والزيارة الإيرانية» علي رضا رشيديان، أن المنظمة أعدت «بروتوكولات حول إيفاد الزوار إلى الأماكن في سوريا والعراق وتم تقديمها للبلدين». لكن وزير السياحة في الحكومة السورية محمد مارتيني نفى تلقّي أي طلب من الجانب الإيراني يتعلق بعودة «الزيارات الدينية ليتم مناقشتها».
وربطت المصادر المحلية في «السيدة زينب» بين مطالبة الميليشيات بفك العزل بشكل كلي عن المنطقة وتصريحات رشيديان، وقالت «تلك الميليشيات لا تتصرف من رأسها حتما جاءتها تعليمات من إيران للقيام بذلك».
وتحدث أحد أصحاب المحال التجارية المغلقة في «السيدة زينب»، لـ«الشرق الأوسط»، عن معاناة الأهالي، وقال: «لقد دفعنا ثمنا باهظا خلال الحرب، مع انتشار هؤلاء المسلحين القادمين من شتى أصقاع الأرض، والآن ندفع ثمن وجودهم من انتشار «كورونا»، فإلى متى؟».
وأضاف: «تحملنا وجود عشرات الحواجز التي تسيطر عليها أجهزة الأمن والميليشيات الأجنبية، ونزح إلى مناطقنا سكان من ريفي حلب وإدلب، فغيروا تركيبة المدينة، قبل أن يحدثوا تغييرا ديمغرافيا فيها، ويشتروا بالمال الإيراني واللبناني الكثير من مباني المدينة وفنادقها، والآن نترك مع هذا الوحش وهؤلاء المسلحين لمصيرنا».
خلاف بين دمشق وطهران حول مواصلة عزل «السيدة زينب»
خلاف بين دمشق وطهران حول مواصلة عزل «السيدة زينب»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة