(تحليل إخباري): انتصار نتنياهو الخامس يجعله «قيصراً»

(تحليل إخباري): انتصار نتنياهو الخامس  يجعله «قيصراً»
TT

(تحليل إخباري): انتصار نتنياهو الخامس يجعله «قيصراً»

(تحليل إخباري): انتصار نتنياهو الخامس  يجعله «قيصراً»

انتصار خامس أحرزه بنيامين نتنياهو، بتوليه كتاب التكليف من رئيس الدولة الإسرائيلية، رؤوبين ريفلين، لتشكيل الحكومة القادمة. وقد بات نتنياهو يسمى في تل أبيب «القيصر»، إذ فشلت كل الجهود لزحزحته عن عرشه. وعلى الرغم من أن الاتفاق الائتلافي بينه وبين رئيس حزب الجنرالات، بيني غانتس، يقضي بالتناوب بينهما على المنصب، بعد سنة ونصف سنة، فإن قليلين من أصحاب الخبرة يؤمنون بأن الاتفاق سينفذ، والغالبية العظمى من الخبراء والسياسيين يؤكدون أن نتنياهو سيجد طريقة تضمن له إجهاض الاتفاق والبقاء في المنصب، إما باختراع سبب للتوجه إلى الانتخابات من جديد، وإما بجعل غانتس نفسه يستسلم ويسلمه المقعد قبل أن يجلس عليه.
يتحدثون عنه وكأنه أسطورة. والدولة العبرية التي تقدم نفسها على أنها «واحة الديمقراطية» في المنطقة، و«الفيلا في الغابة»، كما أسماها إيهود باراك، باتت تنافس كل دول العالم الثالث في الولاء لرئيس حكومة يجلس على كرسيه «أبد الدهر».
مقر رئاسة الحكومة في شارع بلفور، نعم نعم، بلفور إياه صاحب الوعد البريطاني بإقامة وطن لليهود منذ مطلع القرن الماضي، بات أشبه بقصر للعائلة، يعج بالخدم والحشم. من يتاح له دخوله ضيفاً، يكون صاحب حظوة عظمى. الكل يطلب رضاه. يقف وراءه حزب قوي، يضم ممثلين عن مختلف الشرائح السكانية، يجلونه ويبجلونه ويهددون كل من يجرؤ على المساس به. وفي السنوات الأخيرة نجح في جر جميع كتل اليمين وراءه، مقيدين أنفسهم بالتحالف معه بالأغلال. وحتى عندما حصل كل معسكره على أقلية في ثلاث معارك انتخابية في السنة الأخيرة، ولم يتمكن من تشكيل حكومة، خرق كل الاحتمالات وكسر كل القواعد وفرض الاستسلام على كل الخصوم، وسيصبح رئيس حكومة لفترة جديدة، وصار رئيس الحكومة الذي يحكم إسرائيل أطول فترة في تاريخها، حتى أكثر من رئيس الوزراء المؤسس، ديفيد بن غوريون، الذي فاز برئاسة الحكومة 11 مرة.
انتصاره الأول على شمعون بيريس، بعيد اغتيال إسحاق رابين سنة 1995، بدا انتصاراً سياسياً حزبياً طبيعياً، وكذلك انتصاره الثاني على تسيبي ليفني سنة 2009، وانتصاره الثالث على يائير لبيد سنة 2013، وانتصاره الرابع على يتسحاق هيرتسوغ سنة 2015، كلها انتصارات طبيعية على منافسين ضعفاء، وعلى معسكر منافس محطم ومشتت. ولكن انتصاره الخامس هذا غير عادي على الإطلاق. فهو انتصار على المنافسين السياسيين، وكذلك على المؤسسة الأمنية العسكرية، وعلى المؤسسة القضائية، وعلى نظام الحكم القائم على مبدأ «فصل السلطات» وعلى المؤسسة الإعلامية، كلها مجتمعة، وأيضاً على الدولة العميقة.
فهو رئيس حكومة، رغم أن الشرطة والنيابة وكثيراً من الإسرائيليين يرون فيه رئيس الوزراء الأكثر فساداً في تاريخ إسرائيل. هناك لائحة اتهام ضده تتهمه بتلقي الرشى وبالاحتيال وبخيانة الأمانة. وهناك ملف رابع كان يمكن أن يفتح، لو سقط في الانتخابات الأخيرة، يتعلق بصفقات الغواصات، وكان منافسوه ينوون تشكيل لجنة تحقيق قضائية ضده. وكما يقول موشيه يعلون الذي خدم تحت قيادة نتنياهو كوزير دفاع، فإن نتنياهو متورط حتى قمة أذنيه في هذه القضية. وهو رئيس الحكومة الذي ترى فيه المحكمة العليا خطراً على سلطة القانون؛ لأنه ينوي إضعاف سلطتها وصلاحياتها، والتحكم في اختيار قضاتها. وهو رئيس الحكومة الذي يدير نظاماً تدخل في كل التعيينات المهنية في الوزارات، ويحاول «تنظيفها» من المسؤولين الذين يعتبرون ولاءهم الأول للدولة وليس للرئيس وعائلته. وهو رئيس الحكومة الذي يدير حرباً على وسائل الإعلام، محاولاً قصقصة أجنحتها وألسنتها وتغيير مالكيها وتقييد حرياتها.
والأنكى من ذلك أنه رئيس الحكومة الذي تشعر المؤسسة الأمنية بأنه بات يشكل خطراً وتهديداً على مصالح إسرائيل الاستراتيجية. لذلك أفرزت حزب الجنرالات (كحول لفان) الذي يضم كوكبة من الجنرالات الذين شغلوا مناصب رئيس أركان الجيش، ووزير الدفاع، ورئيس المخابرات، ومفتش الشرطة العام، وقائد مصلحة السجون، وغيرهم من كبار المسؤولين والاستراتيجيين.
كل هؤلاء وضعوا لأنفسهم هدفاً واحداً، وهو إسقاط نتنياهو وتعريته من مناصبه القيادية، حتى يتحول إلى متهم عادي في قفص الاتهام، يحاكم في قضايا الفساد ويدخل إلى السجن. ولكنه هزمهم. رئيس حزب الجنرالات جاء خاشعاً، ورئيس الدولة الذي لا يطيقه سلَّمه كتاب التكليف، والمحكمة العليا ردت الدعاوى المقدمة ضده.
المحللون يرون لذلك أسباباً كثيرة: المنافسون غير مقنعين، ولا يتمتعون بالكاريزما مثله، كما أنه تمكن من إقامة علاقات وثيقة مع كبار الزعماء في العالم: «صديقي ترمب، وصديقي بوتين، وحليفي مودي، وشريكتي ميركل، وزملائي في العالم العربي»، الجمهور لم يعد يثق بالشرطة ولا بالنيابة ولا بالقضاء، ولذلك لا يصدق الاتهامات ضده. هو نفسه يتمتع بمواصفات قيادية مفقودة عن منافسيه. نجح في فرض أجواء إرهاب على المحكمة. المعارضة مشتتة وممزقة، ومن السهل تفتيتها. الإعلام غير صادق وغير نزيه، وغير ذلك؛ لكن الأهم من ذلك كله هي النتيجة.
والنتيجة أنه يكرس بقاءه في رئاسة الحكم من جديد، وليس هذا فحسب، فهناك من يرى أن سر قوته يكمن في العائلة الحاكمة في بلفور. ويقولون إن هناك «مجلس حكم ثلاثياً يضم ثلاثة أعضاء، وبنيامين فيه أقلية». والاثنان الآخران هما زوجته سارة وابنه يائير، هذا شاب في التاسعة والعشرين من عمره، وقد عرف بأنه مشاغب جداً، تجده في البارات والحانات، ولا يسلم أحد من لسانه في شبكات التواصل الاجتماعي؛ لكنه قريب من قلب والده. كما أن هناك مؤشرات بأن والدته تعده ليكون خليفة لوالده. كما أن كثيرين من قادة «الليكود» يتعاملون معه من الآن بهذا الإحساس.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».