داود أوغلو: أمن العراق بضمنه إقليم كردستان.. مهم لتركيا

بارزاني: الاتفاقية بين أربيل وبغداد تنص على تصدير 150 ألف برميل من نفط كركوك عن طريق الإقليم

رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني  يرحب برئيس حكومة تركيا أحمد داود أوغلو خلال مؤتمرهما الصحافي في أربيل أمس (أ.ف.ب)
رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني يرحب برئيس حكومة تركيا أحمد داود أوغلو خلال مؤتمرهما الصحافي في أربيل أمس (أ.ف.ب)
TT

داود أوغلو: أمن العراق بضمنه إقليم كردستان.. مهم لتركيا

رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني  يرحب برئيس حكومة تركيا أحمد داود أوغلو خلال مؤتمرهما الصحافي في أربيل أمس (أ.ف.ب)
رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني يرحب برئيس حكومة تركيا أحمد داود أوغلو خلال مؤتمرهما الصحافي في أربيل أمس (أ.ف.ب)

أعرب رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، أمس، خلال لقائه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في أربيل، عن استعداد بلاده تعزيز العلاقات الثنائية وتعميقها مع الإقليم، وأكد أن أنقرة تبذل كل ما بوسعها للحفاظ على سلامة الإقليم، في حين بيَّن رئيس الإقليم، أن أربيل وأنقرة قررتا استمرار التعاون بينهما على كافة الأصعدة، مشيرا إلى أن تركيا ستكون مع الإقليم في الحرب ضد «داعش».
وقال رئيس الإقليم في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء التركي، في أربيل، عقب انتهاء الاجتماع الذي جمعهما: «نحن وتركيا قريبون من بعض، وقررنا استمرار المشاورات والتعاون الثنائي بيننا، وسنكون مع بعض في الحرب ضد الإرهاب وتعزيز العلاقات الثنائية وتعميقها بين الطرفين، إلى جانب توطيد العلاقات بين العراق وتركيا».
وعبر بارزاني عن أمله في أن «تكون زيارة داود أوغلو بداية لإنهاء جميع الخلافات السابقة بين بغداد وأنقرة لأسباب معروفة لدى الجميع، ونعتبر الوضع الحالي في العراق فرصة لبناء علاقات جديدة وتعاون جديد بيننا جميعا».
وعن الاتفاقية النفطية التي وُقّعت بين أربيل وبغداد، قال بارزاني: «تنص الاتفاقية على أن ترسل بغداد رواتب الإقليم على شكل وجبتين، في كل وجبة 500 مليون دولار، في المقابل تصدر حكومة الإقليم 150 ألف برميل نفط من حقول كركوك من خلال أنبوب الإقليم لتصدير النفط عن طريق تركيا، لأن الأنبوب الذي كان ينقل نفط كركوك من خلال الموصل إلى تركيا في الماضي لم يبقَ حاليا، ومن ثم يتوجه وفد حكومة الإقليم إلى بغداد لبحث جميع المشاكل بين الطرفين، للوصول إلى حل أساسي لهذه المشاكل، هذه الاتفاقية النفطية تعتبر بداية للوصول إلى اتفاق جذري بين الجانبين، والنتائج النهائية ستظهر بعد زيارة وفد الإقليم لبغداد».
من جهته، قال رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، إن «زيارتنا إلى أربيل شملت بحث 4 مواضيع؛ إحداها الأوضاع الإنسانية، فهجمات تنظيم داعش تسببت بنزوح نحو مليوني إنسان من مناطقهم، وأغلب هؤلاء نزحوا إلى إقليم كردستان، كذلك نحن في تركيا استقبلنا نحو مليوني نازح من سوريا والعراق، وأنشأنا في هذا الإطار عددا من المخيمات للنازحين في محافظة دهوك، وسنواصل مساعداتنا الإنسانية للإقليم في المستقبل، والموضوع الثاني الذي بحثناه تمثل بالموضوع الأمني، وبحثنا الأوضاع الأمنية الأخيرة في المنطقة وأحداث الشهور القليلة الماضية، عندما هاجم تنظيم داعش إقليم كردستان، بالتفصيل، نحن نرى إن أمن واستقرار العراق مهم جدا لتركيا، وكذلك أمن إقليم كردستان مهم جدا بالنسبة لتركيا، وأنقرة تولي أهمية كبيرة للأمن والاستقرار في كردستان، ومن ناحية التعاون الأمني بحثنا مع رئيس الإقليم ما يجب فعله في المجال الأمني، تركيا ستقدم التعاون المطلوب للإقليم، وتناولنا أيضا موضوع تدريب البيشمركة، وسيبدأ هذا في المستقبل»، مبينا أن سماح أنقرة بدخول البيشمركة إلى كوباني يعتبر انعكاسا للعلاقات والتعاون الموجود بين تركيا وإقليم كردستان، مؤكدا أن هذا النوع من التعاون بين الجانبين سيتكرر في أي مكان إذا اقتضت الحاجة لذلك.
وتابع داود أوغلو: «خلال زيارتي لبغداد التقيت جميع القادة السياسيين العراقيين، وتحدثت اليوم مع رئيس الإقليم حول المناخ السياسي الحالي في بغداد، وسلطنا الضوء على ملاحظاتنا وآرائنا التي طرحناها في بغداد عن الوضع السياسي في العراق لرئيس الإقليم»، مبينا أن مشاركة جميع الأطراف العراقية في الحكومة العراقية الجديدة بلا شك ستسهم في تقدم العراق وبقائه. وأشار رئيس الوزراء التركي، بالقول: «كما بحثنا العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، التبادل التجاري بين تركيا والعراق يبلغ 12 مليار دولار، منها 8 مليارات دولار مع إقليم كردستان، ونعمل على استمرار هذه العلاقات الاقتصادية، وهناك 1500 شركة تركية مسجلة في العراق، و100 ألف مواطن تركي يعملون في العراق، وسنخطو نحو توسيع علاقاتنا في هذا المجال وتطويرها نحو الأفضل».
وأشار داود أوغلو إلى أنه بحث مع بارزاني التطورات في الشرق الأوسط، وليس في العراق فقط «لأن كل المسائل ترتبط ببعضها البعض»، مضيفا أن سماح تركيا بعبور البيشمركة إلى كوباني (عين العرب) هو انعكاس لعلاقة الثقة التي نشأت بين الطرفين، مشيرا إلى أن تلك المناطق تجاور تركيا وتجاور العراق كما تجاور إقليم كردستان العراق.
وفيما يتعلق بملف الطاقة قال داود أوغلو: «تناولنا (أول من) أمس مع رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، واليوم مع رئيس إقليم كردستان العراق، بشكل مفصل، مسألة الطاقة، وفي حال جرى التصرف بعقلانية وبشكل معقول في ملف الطاقة سيخرج الجميع رابحين في نهاية المطاف، وفي حال تم التوصل إلى اتفاق ستكون تركيا أكثر الممتنّين، وسنبذل قصارى جهدنا في سبيل ذلك».
وردا على سؤال عما إذا كان قد لمس خلال لقاءاته في العراق تطورا في العلاقات بين تركيا وبغداد وأربيل، قال داود أوغلو: «أستطيع القول إن المناخ الجديد الذي لمسته في بغداد وأربيل باعث على الأمل، والمهم هو تحويل هذا المناخ إلى عمل».
وحول مرافقة رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية التركية، هاقان فيدان، له في زيارته، قال داود أغلو إن «هذا أمر طبيعي جدا، لأن جهاز الاستخبارات هو أحد العناصر الأكثر أهمية في أي مكان يعاني من مسائل أمنية»، مشيرا إلى أن فيدان عقد لقاءات مع نظرائه في بغداد، وأربيل، وزوّده بتقارير عن مضمونها، مضيفا أن مثل تلك اللقاءات ستستمر في المستقبل.
وعن الوضع السياسي في العراق قال داود أوغلو: «إن وصول جميع الجماعات العرقية والطائفية والدينية إلى التمثيل السياسي الذي تستحقه في السلطة العراقية، وتشكيل نظام سياسي يضم جميع الشرائح، هو الخيار الذي يرضي الجميع، فضلا عن أنه الضمانة الفاعلة لمستقبل العراق».
من جهته، قال ديندار زيباري نائب مسؤول العلاقات الخارجية في حكومة الإقليم لـ«الشرق الأوسط» إن «زيارة داود أوغلو لكردستان مهمة، وجاءت في الوقت المناسب، وهي تأكيد على الاستقرار الأمني في أربيل وإقليم كردستان، وهي تأكيد أيضا على أن تركيا حليف رئيسي للعراق والإقليم، وهي في الوقت ذاته رسالة واضحة للإرهابيين وأعداء تجربة الإقليم توضح أن دول الجوار يؤيدون انتصارات إقليم كردستان والأمن والاستقرار والتعايش السلمي في الإقليم.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.