وزيرة الثقافة اليمنية: نعمل لإحياء ثقافة السلام قبل أن تتحول صنعاء إلى قندهار أخرى

قالت لـ («الشرق الأوسط») إن التعبئة الخاطئة أوصلتنا إلى العنف الدائر

أروى عبده عثمان
أروى عبده عثمان
TT

وزيرة الثقافة اليمنية: نعمل لإحياء ثقافة السلام قبل أن تتحول صنعاء إلى قندهار أخرى

أروى عبده عثمان
أروى عبده عثمان

حركت وزيرة الثقافة اليمنية في الحكومة الجديدة المياه الراكدة في المشهد الثقافي في اليمن بإثارتها لموضوع إعادة تشغيل دور السينما، التي تعطلت في كل أنحاء البلاد منذ سنوات، مؤكدة أنها تسعى لإحياء ثقافة السلام قبل أن تتحول صنعاء إلى قندهار أخرى. وأشارت الوزيرة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن التعبئة الخاطئة أوصلت اليمنيين إلى حالة العنف الدائرة حاليا.
ولا توجد اليوم دار سينما واحدة تعمل في اليمن. وقالت الوزيرة أروى عبده عثمان لـ«الشرق الأوسط»، إن الخطوات التي تعمل عليها حاليا هي القيام بعملية إحصاء عدد دور السينما التي دمرت أو التي نهبت أو التي أصبحت في أيدي قوى النفوذ، وتحولت إلى مجمعات ومراكز ليست لها علاقة بالسينما أو الثقافة. وأضافت: «هذا الحصر سنقوم به بعد الاجتماع مع المسؤولين عن مؤسسة السينما، وبعدها سوف نرى إن كانت هناك إمكانية لاستعادة هذه الدور». وقالت: «الدولة ورجال المال والأعمال والدول المانحة ستقوم بمساعدتنا من أجل إعادة استنهاض دور السينما من جديد؛ لأن الكارثة أننا في عام 2014 لا توجد لدينا دار سينما واحدة في اليمن تعمل.. حتى في العاصمة صنعاء». وقالت إن «بعض دور السينما تحولت إلى متاجر لبيع القات أو مأوى للكلاب والمشردين».
وأشارت الوزيرة عثمان إلى أنه في حال توفر جهات داعمة، سوف يتم العمل من أجل إيجاد بنية تحتية لصناعة السينما، «فلدينا الكثير من الشباب الخريجين والدارسين للإخراج السينمائي في اليمن، ولديهم قدرات وإبداع، وبالأخص الشباب منهم، وأيضا الكوادر التي كانت مؤهلة من الستينات والسبعينات والثمانينات جميعهم تحولوا إلى طواقم إدارية في وزارة الثقافة، والبعض منهم يعيش حالة اكتئاب، والبعض لقي نحبه وهو مكتئب جراء وضع السينما في البلاد».
وأكدت الوزيرة أن «رد الاعتبار للسينما هو رد اعتبار للوجدان والعقل والمدنية، فليس معقولا أن تكون السينما دخلت إلى اليمن عام 1918، وفي عام 2014، وبعد مرور أكثر من 100 عام لا توجد دور سينما في اليمن». وتؤكد الوزيرة اليمنية أنها في طفولتها في حي الجحملية في مدينة تعز، تعرفت على نجوم ونجمات السينما العربية، كفاتن حمامة وغيرها، عن طريق زميلاتها اللواتي كن يتابعن السينما. وتقول إن السينما في تلك الحقبة لم تكن مقتصرة على الشباب فقط، «وإنما أيضا العائلات كانت تذهب إلى السينما وهي متأنقة، وكانوا يعيشون تلك الثقافة».
وعما إذا كانت تخشى من استنهاض بعض القوى لمنع خطتها لإحياء السينما في اليمن، كما فعلت تلك القوى خلال العقود الماضية. تقول الوزيرة أروى عثمان لـ«الشرق الأوسط» إن ذلك وارد، و«سواء كانت الجماعات المتطرفة أو حتى الدولة (النظام السابق) ضد الثقافة، والدليل على ذلك أنه بأمر منهم أغلقت دور السينما ومنعت فرق الفنون الشعبية من العمل، وبأمر منهم لم يكن هناك احتفاء بكتب وبتراث الحياة، كان ذلك بأمر الدولة نفسها، وبالتأكيد سوف نلاقي صعوبات، لكن، في الأول والأخير، يجب أن نعرف أنه ليس لدينا مجال سوى القتال، وإلى متى سنظل نتقاتل، وأعتقد أن السينما والمسرح والتراث الشعبي والأدب هي المشترك الوحيد بيننا جميعا، ما لم نتقاتل من طاقة إلى طاقة».
وتشير الوزيرة إلى أن «التحشيد والتعبئة والتعبئة المضادة هي التي أوجدت مساحة العنف الموجودة حاليا في كل بقعة من اليمن»، وأضافت: «على الدولة وقوى المجتمع المدني أن تقف معنا وإلا فسوف نتحول إلى قندهار أخرى، وإلى جزء من ظلامية القرون الوسطى».
وترى أنه «لا يليق باليمن أنه في 2014 تكفر الثقافة والتراث الشعبي وحتى المزمار»، وتؤكد عثمان على أن كل اليمنيين أبناء بلد واحد ومتعايشون، وأن السينما جزء من الثقافة، كما تؤكد على ضرورة نشر ثقافة السلام والوئام بين اليمنيين. ونفت لـ«الشرق الأوسط» ما نسب إليها من تصريحات تقول فيها إنها ستدخل دور السينما إلى عقر دار «القاعدة» والحوثيين، مؤكدة أن الجميع يمنيون، ويجب أن يحترم البعض البعض الآخر، ووضع مستقبل اليمن وأبنائه نصب أعين الجميع.
وأشادت الوزير اليمنية، في سياق استعراضها لتجارب البلدان المجاورة، بالنشاط السينمائي في المملكة العربية السعودية، واعتبرت أن هناك سينما جادة في السعودية ونقادا سينمائيين على مستوى عال، في إشارة إلى الاقتصار على التقارب الجغرافي والثقافي بين البلدين.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.