مخاوف متصاعدة في صنعاء من إخفاء حقائق «كورونا»

عناصر حوثيون يرتدون كمامات في صنعاء (رويترز)
عناصر حوثيون يرتدون كمامات في صنعاء (رويترز)
TT

مخاوف متصاعدة في صنعاء من إخفاء حقائق «كورونا»

عناصر حوثيون يرتدون كمامات في صنعاء (رويترز)
عناصر حوثيون يرتدون كمامات في صنعاء (رويترز)

«صنعاء مدينة منكوبة بإخفاء الحقيقة عن سكانها». اختزل اثنان من الأطباء الوضع في العاصمة اليمنية المحتلة التي يجتاحها فيروس كورونا، وتتعمد سلطة الانقلاب الحوثي إخفاء الحقيقة وتحويل الجائحة إلى تفاصيل من الرعب بمداهمة منازل وإغلاق أحياء.
وقال اثنان من العاملين في قطاع الترصد والمختبرات لـ«الشرق الأوسط» إن المدينة تسجل عشرات الإصابات بفيروس كورونا يومياً، وأن 4 حالات سجلت لعيّنات أرسلت من محافظة إب (وسط اليمن) بيد أن الحوثيين مصممون على إنكار الحقيقية، ويتكتمون على الجائحة التي باتت تضرب معظم أحياء المدينة، مضيفين: «لقد حوّلوها إلى بؤرة لانتشار الوباء».
الإجراءات التي اتخذها الحوثيون تتطابق مع تأكيدات مصادر طبية متعددة بأن هناك 130 حالة إصابة مؤكدة، وأن 13 شخصاً فارقوا الحياة نتيجة إصابتهم بهذا الفيروس، لكنها تتناقض مع استمرار سلطة الانقلاب بالتكتم على الأعداد والاكتفاء بإعلان حالة إصابة مؤكدة لمهاجر أفريقي توفي الأحد الماضي.
سلطات الحوثيين أغلقت 10 حارات في العاصمة اليمنية لتعقيمها، وقالت إن هذه الخطوة ضمن إجراءات احترازية لمواجهة «كورونا»، لكن ما أوردته إحدى النساء عن إدخال والدها في مستشفى الكويت الذي خصص للمصابين بالفيروس، ومن ثم إعلان وفاته ودفنه من قبل الحوثيين ورفض تسليم الجثة لأسرته ثم إيداع اثنين من أبنائه في المحجر الصحي بمستشفى زايد، يكشف جانباً من آلام سكان المدينة الذين يقتلهم الوباء ويتفشى برعاية حوثية تتفق مع تعامل إيران مع هذا الوباء في بدايته وإخفائه حتى نقلت العدوى لأكثر من بلد.
ويؤكد عاملون في قطاع الترصد الوبائي، وفي المختبرات العامة، أن الإصابات بالعشرات يومياً منذ اكتشاف أول إصابة من قبل فرق الرصد والعاملين في المختبر المركزي، مطلع الشهر الماضي، ويقولون إن أسراً بأكملها مصابة وفي أكثر من حي، في حين يواصل وزير الصحة وحكومة الحوثيين الاستهتار بأرواح السكان بالتعتيم على حقيقة انتشار الفيروس في حواري المدينة المنكوبة.
وزير الإعلام في الحكومة اليمنية، معمر الإرياني، حذّر من استمرار الميليشيات في التلاعب بملف فيروس ‎كورونا، مؤكداً أن ذلك يعرقل جهود مواجهة واحتواء هذه الجائحة العالمية، ويضع الملايين من اليمنيين في دائرة الخطر.
ووصف الوزير إدارة الميليشيات لوباء كورونا باعتباره ملفاً سياسياً وعسكرياً، «وتعمل على استغلاله لابتزاز المنظمات الدولية وانتهاج سياسة التعتيم وإخفاء المعلومات الحقيقية عن عدد الإصابات».
و‏وفق ما قاله وزير الإعلام اليمني، فإن التقارير الواردة من العاصمة المختطفة ‎صنعاء ومناطق سيطرة الميليشيا الحوثية عن عدد الإصابات المؤكدة بفيروس ‎كورونا، «تنبأ بكارثة تحدق بملايين المواطنين في ظل إخفاء الميليشيا لحقيقة الأوضاع»، وإدارتها السياسية للملف وعجز القطاع الصحي عن تقديم الرعاية الطبية للمصابين في الموجه الأولى.
‏ويضيف: «التقارير التي حصلنا عليها من مستشفيات وأطباء تكشف خطورة الوضع الوبائي لفيروس كورونا في مناطق سيطرة الميليشيا الحوثية، وتدحض مزاعمها تسجيل إصابة واحدة فقط، ودعا‏ الأمم المتحدة للتدخل العاجل «والضغط على الميليشيا لمشاركة البيانات والإعلان بشفافية مطلقة عن الأرقام الحقيقية لحالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا».
الحكومة الشرعية أكدت أن إجمالي عدد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا في مناطق سيطرتها 26 حالة إصابة مؤكدة، شفيت منها حالة، وتوفي 5 حالات، حتى نهاية يوم أول من أمس.
ولتعزيز جهود مواجهة هذا الفيروس، سلمت إدارة الصحة اليمنية في مدينة عدن منظمة «أطباء بلا حدود» إدارة مركز علاج الفيروس في مستشفى الأمل، على أن تظل السلطات الصحية المحلية مسؤولة عن الاستجابة الشاملة في عدن، بما في ذلك الفحوصات وإدارة فرق الاستجابة السريعة.
ووزّعت «أطباء بلا حدود» بياناً أكدت فيه أن فريقاً من الموظفين اليمنيين والدوليين يعمل على توفير أفضل رعاية ممكنة للمرضى في المستشفى، معربةً عن سعادتها بالعمل في شراكة وثيقة مع السلطات بشأن الاستجابة لفيروس كورونا.


مقالات ذات صلة

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».