نواب موالون ومعارضون يطالبون بتعديل الخطة الاقتصادية اللبنانية

TT

نواب موالون ومعارضون يطالبون بتعديل الخطة الاقتصادية اللبنانية

قال مصدر دبلوماسي غربي إن المجموعة الأوروبية تفضّل التريُّث في تحديد موقفها من خطة التعافي المالي التي أقرّتها الحكومة للحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي لوقف الانهيار المالي، وعزا الأمر إلى سببين؛ الأول يكمن في أن الخطة ما زالت تخضع لمراجعة شاملة من قبل لجنة المال والموازنة النيابية تمهيداً لشرعنتها قانوناً بإدخال مجموعة من التعديلات عليها. فيما يتعلق الثاني بحصر إبداء الرأي النهائي في صندوق النقد الذي يعود له اتخاذ القرار سواء بالموافقة على طلب التمويل، أو بردّه لإعادة النظر فيه.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر نيابي أن لجنة المال النيابية التي تواصل اجتماعاتها برئاسة النائب إبراهيم كنعان وفي حضور وزير المال غازي وزني والاقتصاد راوول نعمة وبمشاركة نيابية غير مسبوقة، تقاطعت فيها مواقف النواب من موالاة ومعارضة حول ضرورة إدخال تعديلات أساسية على الخطة التي هي في حاجة إلى إقرار أكثر من 20 مشروع قانون بغية تحصينها وإدراجها في صيغة نهائية يُفترض أن تستوفي الشروط للتفاوض مع صندوق النقد.
ولفت المصدر الدبلوماسي إلى أن الموقف الأوروبي والأميركي حيال خطة التعافي المالي يبقى محصوراً في ترحيبه بقدرة الحكومة على انتزاع موافقة الأطراف المشاركة فيها وتحديداً «حزب الله» على طلب الحكومة من صندوق النقد تمويل الخطة، وأن الخلط بين الترحيب وتأييد مضامين الخطة ليس في محله. وأكد المصدر نفسه لـ«الشرق الأوسط» أن ما حققته الحكومة حتى الساعة يبقى في حدود التقدُّم من صندوق النقد بطلب الحصول على تمويل مالي على أن يعود له النظر فيما إذا كان الطلب يستوفي الشروط المطلوبة منه، وهذا يستدعي من الحكومة أن تعمل لاستعادة ثقة المجتمع الدولي التي اهتزّت في ضوء تعثُّر الاستجابة للإصلاحات المالية والإدارية التي أصر عليها مؤتمر «سيدر» وبقيت حبراً على ورق رغم أنه مضى على انعقاده أكثر من عامين.
ورأى أن الكرة الآن في مرمى الحكومة التي ستباشر قريباً التواصل مع صندوق النقد للاطلاع منه على الخطة الإنقاذية التي يتعامل معها البرلمان من خلال لجنة المال على أنها في حاجة إلى تعديلات جوهرية، وهذا ما يفسّر إقرار الحكومة لاحقاً بأنها «ليست منزلة» وأبقت الباب مفتوحاً لإعادة النظر فيها. وعدّ البعض أن صمت رئيس البرلمان نبيه بري في لقاء بعبدا أراد من خلاله ترك أمر التعديلات للجان النيابية.
من جهة أخرى، كشف المصدر النيابي أن اجتماعات لجنة المال تحوّلت إلى «ميني» جلسة نيابية، وأن النواب حاصروا وزيري المال والاقتصاد، وأن المنتمين إلى الكتل النيابية الداعمة للحكومة كانوا من أشد المطالبين بإخضاع الخطة إلى مراجعة شاملة، وقال إن دعوة الهيئات الاقتصادية ونقابات المهن الحرة لحضور اجتماعها المقبل ينمّ عن إشراكها في المداولات للتعويض عن القصور الحكومي في التشاور معها، خصوصاً أن الاقتصاديين رأوا أن الخطة بحالتها الراهنة ستؤدي إلى تدمير ما تبقى من الاقتصاد. وقال إن النقاش داخل اللجنة سجّل حصول مناوشات؛ كانت أبرزها بين النائب ميشال معوّض (تكتّل لبنان القوي) والنائب علي فيّاض من «حزب الله» على خلفية قول الأول إنه لا بد من أن نعيد النظر في التموضع السياسي للحصول على تمويل للخطة من صندوق النقد، خصوصاً أن هناك دولة ضمن دولة في لبنان، ورد الثاني مطالباً بحصر النقاش في الخطة بدلاً من التطرق إلى الأمور السياسية.
لذلك، فإن الحكومة حتى الساعة لم تبادر إلى إنجاز دفتر الشروط للتفاوض مع صندوق النقد، خصوصاً أن المرارة التي عانى منها المجتمع الدولي، بسبب عدم الاستجابة لما هو مطلوب من لبنان لإعادة الاعتبار لمؤتمر «سيدر»، ما زالت ماثلة للأذهان، وإلا فلماذا التأخر في تأهيل قطاع الكهرباء وتشكيل الهيئات الناظمة، مع أن باريس لم تترك مناسبة وإلا وسألت عن عدم التجاوب مع ما هو مطلوب من إصلاحات مالية وإدارية.
وعليه؛ لن يموّل الصندوق الخطة الإنقاذية على بياض، وعلى الحكومة أن تستجيب لشروطه بلا تردد.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.