ترمب يتراجع عن حل فرقة مكافحة الفيروس

اعترف باحتمالات زيادة الإصابات والوفيات مع إعادة فتح الاقتصاد

حاكم ولاية نيويورك أندرو كيومو يشارك في تعقيم مقصورة لقطار الأنفاق (أ.ب)
حاكم ولاية نيويورك أندرو كيومو يشارك في تعقيم مقصورة لقطار الأنفاق (أ.ب)
TT

ترمب يتراجع عن حل فرقة مكافحة الفيروس

حاكم ولاية نيويورك أندرو كيومو يشارك في تعقيم مقصورة لقطار الأنفاق (أ.ب)
حاكم ولاية نيويورك أندرو كيومو يشارك في تعقيم مقصورة لقطار الأنفاق (أ.ب)

تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في أقل من 24 ساعة عن خططه لإنهاء عمل فرقة العمل الخاصة بمكافحة فيروس «كورونا» في البيت الأبيض، التي أعلنها مساء الثلاثاء، وعاد صباح أمس (الأربعاء) ليعلن بعد موجة كبيرة من الانتقادات، أن فرقة العمل ستستمر إلى أجل غير مسمى، فيما استمر الجدل حول تحديات فتح الاقتصاد وقرارات حكام الولايات بتخفيف القيود وإعادة فتح المتاجر والشركات وإعادة العمال إلى أعمالهم.
وقال ترمب للصحافيين خلال زيارته لمصنع أقنعة في مدينة فينكس بولاية أريزونا، مساء الثلاثاء، إن «فرقة العمل بقيادة نائب الرئيس مايك بنس قامت بعمل رائع في جمع موارد ضخمة للغاية ووضع معايير عالية ليتبعها الآخرون في المستقبل، لكننا ننظر إلى شكل مختلف قليلاً، وهذا الشكل هو الأمان والانفتاح، وستكون لدينا مجموعة مختلفة على الأرجح لهذا الغرض».
وكان نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، قال لشبكة «إن بي سي نيوز»، أول من أمس (الثلاثاء)، إنه ليس هناك موعد محدد لفرقة العمل لإنهاء عملها رسمياً، لكن هناك توقعات بأن تبدأ الوكالات الفيدرالية في ممارسة هذا العمل أواخر مايو (أيار) الحالي أو أوائل يونيو (حزيران) المقبل. وقال بنس إن مجموعة العمل ناقشت بالفعل هذه الخطة الانتقالية مع الوكالات الفيدرالية لإدارة الطوارئ.
وجاءت تصريحات ترمب بينما تدفع إدارته لإعادة فتح الولايات من أجل إنعاش الاقتصاد الأميركي الذي تأثر بشدة من عمليات الإغلاق. واعترف ترمب بأن بعض الأشخاص سيتأثرون بشدة حينما تتحرك الولايات المختلفة لفتح الاقتصاد. وشدد على أنه عازم على إعادة فتح الاقتصاد رغم أن ذلك قد يعني وفاة مزيد من الأشخاص. وقال للصحافيين: «لا يمكننا إبقاء بلادنا مغلقة للسنوات الخمس المقبلة، هل يتأثر الناس؟ نعم سيتأثرون، ويمكن القول إنه سيكون هناك تكرار للإصابات، ومعظم الأطباء يقولون إن هذا سيحدث، وسنقوم بمواجهة ذلك». وأضاف: «علينا أن نفتح بلادنا وعلينا أن نفتحها قريباً».
وقد أثارت نوايا الإدارة الأميركية إنهاء عمل فرقة مكافحة الفيروس في البيت الأبيض، مخاوف وفزع خبراء الصحة الذين أصروا على أنه ينبغي على البيت الأبيض ألا ينهي عمل الفرقة في خضم استمرار تفشي الوباء.
وكان أعضاء فرقة العمل لمكافحة فيروس «كورونا»؛ من بينهم ديبورا بيركس وأنتوني فاوتشي، قد أقدموا على تصريحات شككوا فيها في صدق ودقة تصريحات ترمب، وحذروا من وعود ترمب بلقاح سريع، كما شككوا في تصريحاته بفعالية الدواء «هيدروكسي كلوروكين».
وسارع الديمقراطيون إلى انتقاد تصريحات ترمب لحل فرقة العمل ونقل مسؤولياتها إلى وكالات فيدرالية أخرى مع حلول أوائل يونيو المقبل، ووصف النائب الديمقراطي ستيني هوير زعيم الأغلبية في مجلس النواب، قرار ترمب بأنه تنازل مخجل عن المسؤولية. وقال: «من غير المعقول حل فرقة العمل التي جرى إنشاؤها لمكافحة الفيروس بينما لا نزال في خضم اكتشاف الآثار الصحية والاقتصادية لهذا الوباء»، فيما وصفه المرشح الديمقراطي السابق السيناتور بيرني ساندرز بأنه «مأساة».
ورفض البيت الأبيض تلك التعليقات، وقالت كايلي ماكناني، المتحدثة الجديدة باسم البيت الأبيض، إنه جرت إساءة تفسير التصريحات، وإن الرئيس ترمب سيواصل منهجه المستند على البيانات نحو إعادة فتح الاقتصاد بأمان.
وتغيرت خطط ترمب صباح الأربعاء، وقال في سلسلة من التغريدات: «ستستمر فرقة العمل إلى أجل غير مسمى مع تركيزها على السلامة وفتح البلاد مرة أخرى، وقد نضيف أو نلغي بعض الأفراد». وفي تغريدة أخرى قال: «ستركز فرقة العمل على السلامة وإعادة فتح الولايات المتحدة وعلى اللقاحات والعلاجات»، مشيراً إلى أن أجهزة التنفس الصناعي يجري إنتاجها بالآلاف، وأن الولايات المتحدة تقوم باختبارات للفيروس أكثر من جميع الدول الأخرى.
ويأتي إعلان ترمب باستمرار فريق العمل لمكافحة فيروس «كورونا» مع ارتفاع أعداد الإصابات إلى أكثر من مليون و200 ألف حالة وارتفاع حالات الوفيات إلى 71 ألف حالة.
ولم تقتصر الانتقادات على تصريحات ترمب الذي تراجع عنها، وإنما امتدت إلى عدم ارتدائه الكمامة أثناء قيامه بجولة في مصنع «هاني وويل» رغم وجود لافتات داخل المصنع عن إرشادات السلامة التي تضمنت مطالب ارتداء القناع في جميع الأوقات، كما لم يقم مسؤولو الإدارة المرافقين لترمب بارتداء الكمامات، ومنهم رئيس موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز ومستشار الأمن القومي روبرت أوبراين.
من جانب آخر، تسلط أرقام حالات الإصابة والوفيات بفيروس «كورونا» في الولايات المتحدة الضوء على تحديات إجراءات إعادة فتح الاقتصاد التي أصدرها حكام الولايات، حيث أعلنت 18 ولاية إعادة فتح الاقتصاد يوم الجمعة الماضي، وتلتها 6 ولايات يوم الاثنين، وخلال شهر مايو تضع 26 ولاية خططاً لتخفيف القيود التي أجبرت الشركات على الإغلاق وتبدأ في إعادة فتح الاقتصاد والمتاجر والمطاعم والشواطئ وصالات الألعاب الرياضية وصالونات التجميل وأماكن العبادة.
فيما تشهد تلك الولايات التي فتحت الاقتصاد أعداداً متزايدة من الإصابات والوفيات.
وكانت ولاية جورجيا ومينيسوتا وأيوا ونورث داكوتا وتكساس من أوائل الولايات التي إعادة فتح الاقتصاد. وأعلنت ولاية فلوريدا يوم الاثنين تخفيف القيود وإعادة تشغيل 25 في المائة من كل الأعمال، وشهدت شواطئ فلوريدا إقبالاً كبيراً من السكان. وبحلول منتصف مايو الحالي من المتوقع أن تقوم ولايات مثل أريزونا وديلاوير والعاصمة واشنطن ولويزيانا وميتشغان وفرمونت ونيومكسيكو بإعادة فتح الاقتصاد، بينما تفتح ولايات أخرى مثل هاواي وأوهايو ونيوهامشير وكنتاكي وإلينوي بنهاية مايو الحالي.
وكانت إجراءات إغلاق الاقتصاد وأوامر التباعد الاجتماعي وبقاء السكان في منازلهم قد أدت إلى تداعيات سلبية على الاقتصاد الأميركي مع ارتفاع معدلات البطالة، وخسائر أسواق المال، وتراجع معدلات النمو، وإفلاس بعض الشركات. وأشارت بيانات وزارة العمل إلى وجود 30 مليون أميركي فقدوا وظائفهم بسبب عمليات الإغلاق. وواجه ترمب وحكام الولايات خيارات صعبة بين المخاوف من ازدياد الإصابات، والأضرار الاقتصادية المتفاقمة. وزادت الضغوط لقلب صفحة عمليات الإغلاق التي يعدّها البعض في الإدارة الأميركية تهديداً لإعادة انتخاب الرئيس ترمب.
وشدد الرئيس ترمب مراراً على ضرورة إعادة فتح الشركات، وكرر شعار أن «العلاج لا يمكن أن يكون أسوأ من المشكلة»، وانحاز إلى جانب المتظاهرين الذين تظاهروا في ولايات عدة مثل ميتشغان ومينيسوتا وفرجينا مطالبين برفع قيود البقاء في المنازل والعودة إلى أعمالهم. وفي حديثه لشبكة «فوكس نيوز» مساء الأحد الماضي، أكد ترمب أن الأميركيين مستعدون للخروج من العزلة والعودة للحياة الطبيعية، وقال: «أعتقد أنهم بدأوا يشعرون بتحسن الآن، وعلينا فتح البلاد مرة أخرى. لقد أنقذنا ملايين الأرواح، وعلينا أن نكون حذرين، لكن علينا العودة إلى العمل أيضاً»، وأضاف ترمب أنه يرى ضوءاً في نهاية النفق، وأن جميع الولايات تسير في الاتجاه الصحيح في إعادة فتح الاقتصاد، وقال: «أحب فتح الولايات، وسيفتحون بأمان وبسرعة».
ويشير آخر إحصاء لـ«مركز السيطرة على الأمراض CDC إلى أن الولايات المتحدة تواجه أسابيع من الأرقام المزعجة والمعارك الطويلة مع فيروس «كورونا» الذي أدى لوفاة نحو 70 ألف أميركي حتى الآن.
وقال مسؤول «إدارة الغذاء والدواء» السابق سكون جوتليب، في مقال نشره بجريدة «وول ستريت» إن «قيود التباعد الاجتماعي والإجراءات الأخرى لم تخفض عدد الحالات الجديدة بقدر ما كان متوقعاً أو أن تلك الإجراءات أوقفت الوباء من التوسع».
وقدرت الأرقام أن الولايات المتحدة ستشهد 3 آلاف حالة وفاة يومياً و200 ألف حالة إصابة جديدة يومياً بحلول 1 يونيو (حزيران) المقبل. وأشار نموذج لـ«معهد القياسات الصحية والتقييم» بجامعة واشنطن، إلى أنه يتوقع أن تصل أعداد الوفيات من «كوفيد19» إلى 134 ألف شخص في الولايات المتحدة بحلول أغسطس (آب) المقبل.


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.